من الفازلين إلى كرات تنس الطاولة.. هل يمكن رفع سفينة التايتانيك؟

(MENAFN- Al-Bayan) ">على مدى عقود، أثارت سفينة التايتانيك الغارقة خيال العلماء والهواة ومغامري أعماق البحار، وطُرحت إلى طاولة النقاش عشرات الخطط الغريبة لرفعها من قاع المحيط. من استخدام مئات آلاف الأطنان من الفازلين، إلى ضخ الهيدروجين وكرات تنس الطاولة وحتى تجميد الحطام بالنيتروجين، حاول البعض تخيّل أي طريقة قد تعيد هذه الأسطورة إلى السطح. وبينما تناقلت هذه الأفكار بعناوين لافتة، يكشف العلم اليوم الحقيقة الحاسمة: رفع التايتانيك ليس مجرد مهمة مستحيلة تقنيا، بل عمل يتعارض مع قوانين الطبيعة والاعتبارات الأخلاقية.

ومنذ أن اصطدمت آر إم إس تيتانيك بالجبل الجليدي قبيل منتصف ليلة 14 أبريل 1912، وغرقت خلال ساعتين ونصف فقط، ظلّ سؤال واحد يتردد: هل يمكن انتشال السفينة من قاع المحيط؟

اليوم، بات الجواب القاطع: لا يمكن ولا ينبغي رفع التايتانيك من الأعماق.

رغم بقاء أكثر من 700 ناجٍ أكد بعضهم رؤيتهم للسفينة وهي تنقسم إلى نصفين، فإن الاعتقاد بإمكانية إنقاذها ظل شائعًا لسنوات.

لكن الاكتشاف المتأخر للحطام عام 1985 غيّر كل شيء. فقد تبيّن أن السفينة تقع على عمق 12,500 قدم (2.5 ميل) في شمال المحيط الأطلسي، على بُعد 346 ميلًا بحريًا من ساحل سانت جونز في كندا، وأنها منقسمة إلى جزأين تفصل بينهما مسافة تقارب 2000 قدم، بينما تنتشر بقاياها على مساحة هائلة تصل إلى 15 ميلًا مربعًا.

بكتيريا تأكل الحديد

خلال العقود الماضية، كشفت المهمات الاستكشافية اكتشافات مذهلة، أبرزها نوع من البكتيريا يُسمى هالوموناس تيتانيكاي، يقوم بتشكيل تراكيب صدئية تشبه "الهوابط" ويعمل تدريجيًا على التهام فولاذ السفينة.

هذه البكتيريا جعلت هيكل التايتانيك هشًّا للغاية لدرجة أن أي محاولة للمساس به قد تؤدي لانهياره بالكامل. ويتوقع الخبراء أن أجزاءً كبيرة من السفينة ستختفي تماما خلال حياتنا.

الجزء الخلفي من السفينة أيضا مدفون تحت طبقة سميكة من الرواسب الطينية بعمق يصل إلى 46 قدمًا، مما يجعل رفعه أمرا شبه مستحيل. كما تُعد التايتانيك مقبرة بحرية لأكثر من 1500 شخص، وهو سبب إضافي يدفع كثيرين لرفض أي محاولة لتحريك الحطام، رغم عدم العثور على بقايا بشرية محفوظة.

لماذا لا توجد عظام؟

يقول مكتشف الحطام عام 1985، عالم المحيطات الشهير روبرت بالارد، إن العظام تذوب تماما عند النزول إلى ما دون عمق تعويض كربونات الكالسيوم، أي أقل من 3000 قدم ما يفسر غياب أي بقايا بشرية في الموقع، إضافة إلى حركة المياه والتيارات التي جرفت من ماتوا في الساعات الأولى بعد الغرق.

حماية دولية ونهاية الجدل

منذ 2012، أصبح حطام التايتانيك موقعا محميا بموجب اتفاقية اليونسكو للتراث الثقافي المغمور، ثم عزز قانون أمريكي عام 2017 ذلك بمنع أي نشاط قد يُغيّر أو يُشوّه الحطام دون إذن رسمي.

خطط جنونية لرفع السفينة

قبل أن يحسم العلماء استحالة انتشال السفينة، طُرحت خلال العقود الماضية أفكار لا تصدق، منها: ضخ 180 ألف طن من الفازلين في أكياس بوليستر تُربط بالسفينة لرفعها، وتجميد الحطام باستخدام نيتروجين سائل لإنشاء جبل جليدي عائم، أو رفعها بواسطة أكياس مملوءة بالهيدروجين، أو حتى استخدام آلاف كرات تنس الطاولة، لكن جميع هذه المقترحات انهارت أمام الضغط الهائل في الأعماق، أو أمام تكاليف خيالية مثل خطة الكرات الزجاجية التي قُدرت بـ240 مليون دولار، وفقا لتقرير نشره موقع"slashgear".

مع التآكل المستمر، وضعف الهيكل، والموقع العميق، والبكتيريا التي تلتهم الحديد، بات واضحا أن الطبيعة وحدها هي التي ستقرر مصير التايتانيك. وما تبقى من السفينة الأسطورية سيظل تحت المياه، شاهداً على أكبر كارثة بحرية في التاريخ.

MENAFN28112025000110011019ID1110409500

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.