حبوب اللقاح والبرودة تؤثران على صحة السعوديين

(MENAFN- Al Watan) في ظل تصاعد التحديات الصحية المرتبطة بالتغيرات المناخية والنشاط الزراعي، كشف تقرير حديث صادر عن وزارة الصحة السعودية لعام 2024 عن خريطة موسمية دقيقة للأمراض، تربط بين فصول الشتاء والمواسم الزراعية وبين أنماط الإصابة المتكررة. ورغم أن نسب التطعيم الأساسية تجاوزت حاجز الـ96%، إلا أن أمراضًا مثل السعال الديكي والبروسيلوز والإنفلونزا لا تزال تظهر بوتيرة موسمية، ما يفرض ضغوطًا متزايدة على النظام الصحي والاقتصاد الوطني.
ورصدت البيانات أكثر من 2.975 حالة بروسيلوز (حمى مالطية) مرتبطة بالإنتاج الحيواني، وكذلك 3.09 إصابات بالسعال الديكي لكل 100 ألف نسمة في الربيع، مقابل ارتفاع أمراض الجهاز التنفسي إلى ذروتها في الشتاء.
هذا التباين الموسمي يعكس الحاجة إلى سياسات صحية متكاملة، وتنسيق مؤسسي بين وزارتي الصحة والزراعة، مدعومًا بالتحول الرقمي الذي بات أداة إستراتيجية في التنبؤ والاستجابة.
الشتاء وأمراض الجهاز التنفسي
بتحليل بيانات تقرير الوزارة نجد أن أمراض الجهاز التنفسي والإنفلونزا والسل الرئوي تتركز في المناطق الوسطى والشمالية مثل الرياض والقصيم، حيث تنخفض درجات الحرارة في ديسمبر– فبراير.
الأطفال وكبار السن وذوو المناعة الضعيفة هم الفئات الأكثر تأثرًا، ما يستدعي التركيز على برامج التطعيم، بما في ذلك لقاح الإنفلونزا لكبار السن قبل بدء الموسم البارد.
ارتفاع هذه الأمراض يرفع الطلب على الرعاية الصحية؛ إذ سجلت وزارة الصحة أكثر من 237 مليون فحص مخبري و11 مليون فحص إشعاعي خلال 2024، مما يعكس عبئًا ماليًا كبيرًا على النظام الصحي.
المواسم الزراعية
تسجل المواسم الزراعية بين مارس ومايو ارتفاعا في أمراض مثل الحصبة والسعال الديكي والبروسيلوز، خصوصا في المناطق الجنوبية مثل جازان وعسير. ويرتبط هذا الارتفاع بالنشاط الزراعي المكثف والتجمعات الريفية، حيث يزداد التعامل المباشر مع الأطفال والعمال مع البيئة الزراعية، ما يزيد احتمالية الإصابة.
الأطفال هم الفئة الأكثر عرضة لهذه الأمراض، ما يؤكد أهمية الالتزام ببرامج التطعيم الأساسية لضمان الحماية.
ربيع البروسيلوز
ارتبطت بيانات 2024 بتسجيل 2.975 حالة بروسيلوز، وهو مرض بكتيري ينتقل من الحيوانات إلى الإنسان عبر منتجات الألبان غير المبسترة أو التعامل المباشر مع الماشية. يظهر المرض بشكل موسمي خلال فترات الولادة والنشاط المكثف للإنتاج الحيواني في الربيع والصيف.
ويعد البروسيلوز مؤشرًا مهمًا على العلاقة بين الصحة البيطرية والصحة العامة، ويستدعي تنسيقًا إستراتيجيًا بين وزارتي الصحة والزراعة للسيطرة على المرض وحماية المجتمع من الانتقال المباشر للبكتيريا.
تجارب مجاورة
تظهر مقارنة دولية نجاح السعودية في الحد من انتشار البروسيلوز مقارنة بالدول المجاورة. ففي الأردن، تُسجل سنويًا ما بين 2.000 و3.500 حالة، بينما تصل في مصر إلى عشرات الآلاف من الحالات، خصوصًا في المحافظات الزراعية مثل الفيوم والجيزة والمنيا، بمعدل يصل إلى 20–30 لكل 100.000 نسمة. هذه المقارنة تؤكد أن التحديات الموسمية لا تزال قائمة، وأن الاستثمار في الصحة البيطرية والرقابة على منتجات الألبان ضرورة لضمان الأمن الصحي والغذائي.
عبء اقتصادي
الأمراض الموسمية تؤثر مباشرة على الإنتاجية والاقتصاد. إصابة العمال بالسعال الديكي أو الحصبة في المواسم الزراعية تؤدي إلى انخفاض الإنتاجية، بينما ارتفاع أمراض الشتاء يزيد من التكاليف الطبية المباشرة. الفحوص المخبرية والإشعاعية، إلى جانب علاج الأمراض المزمنة الناتجة عن البروسيلوز، تمثل عبئا ماليا على النظام الصحي. الاستثمار في برامج الوقاية والتطعيم المبكر يعد إستراتيجية فعالة لتقليل هذه التكاليف.
دمج السياسات البيئية
من معلومات التقرير يظهر أن التغيرات المناخية تؤثر بشكل مباشر على انتشار الأمراض. الغبار وحبوب اللقاح في الربيع يزيدان من حساسية الجهاز التنفسي، بينما انخفاض الحرارة في الشتاء يضعف المناعة ويزيد من فرص الإصابة بالفيروسات. هذه العلاقة تؤكد ضرورة دمج السياسات الصحية مع السياسات الزراعية والبيئية لضمان استجابة متكاملة للأمراض الموسمية.
الرقمنة تحاصر الأمراض
في السعودية أصبحت الصحة الرقمية أداة أساسية في مواجهة الأمراض الموسمية. تطبيق ((صحتي)) يتيح متابعة التطعيمات والإبلاغ عن الحالات، بينما يمكن للذكاء الاصطناعي التنبؤ بموجات الأمراض بناءً على بيانات الطقس والزيارات الطبية. هذا التحول الرقمي يسرع الاستجابة ويخفف الضغط عن المستشفيات، كما يعزز القدرة على وضع خطط وقائية مستندة إلى البيانات الدقيقة.
تنسيق مؤسسي
الوقاية والسيطرة على الأمراض الموسمية تتطلب تعاونًا بين الجهات الصحية والزراعية. وزارة الصحة مسؤولة عن رصد الحالات وعلاجها، بينما تعمل وزارة الزراعة على السيطرة على الأمراض في الحيوانات. التكامل بين الجهتين، إضافة إلى توعية المجتمع حول مخاطر التعامل مع منتجات الألبان غير المبسترة، يمثل حجر الزاوية للحد من انتشار الأمراض وحماية الصحة العامة.
تحديات مستقبلية
يبقى التحدي الأكبر في المناطق الريفية التي تشهد نشاطا زراعيا مكثفا، حيث يزداد التعامل المباشر مع الحيوانات ومنتجاتها. استمرار هذه الأنشطة دون رقابة صارمة قد يؤدي إلى زيادة معدلات الإصابة بالبروسيلوز والأمراض الموسمية الأخرى. لذلك، يمثل الاستثمار في الصحة البيطرية، تعزيز برامج التطعيم، والتكامل الرقمي بين الوزارات والخدمات الصحية ضرورة إستراتيجية لضمان استدامة الصحة العامة والاقتصاد الوطني.
ديسمبر–فبراير: أمراض الشتاء (الإنفلونزا والسل الرئوي) 5.5 لكل 100 ألف
مارس–مايو: الحصبة 3.57، السعال الديكي 3.09 لكل 100 ألف
نسب التطعيم الأساسية: أكثر من 96%
حالات البروسيلوز: 2.975 حالة في 2024
الفحوص المخبرية خلال 2024 تصل إلى: 237 مليونا، الإشعاعية: 11 مليونا

MENAFN27112025000089011017ID1110408261

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

البحث