خط أحمر أمريكي: سوريا ليست ساحة صراع إقليمي

(MENAFN- Al-Bayan) في ختام زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع إلى واشنطن، ظهرت ملامح رؤية أمريكية محدّثة بخصوص الوضع في سوريا، وقد صاغه السفير الأمريكي ومبعوثها الرئاسي توم بارّاك في بيان تحدث فيه عن ملامح خريطة طريق في سوريا بالتنسيق مع القوى الإقليمية الفاعلة، لإنقاذ سوريا من التحول إلى ساحة تنافس وصراع إقليمي، إلى ساحة محايدة بعيدة عن المحاور المتنافسة.

وعليه، تتجه الولايات المتحدة بخطى محسوبة نحو صياغة ((سلام أمريكي)) جديد في سوريا، يقوم على انتقال سياسي نحو دولة مستقرة، ومسار تهدئة مع إسرائيل، وترتيبات دقيقة لتحييد التوتر بين أنقرة وتل أبيب. هذا المسار يكتمل بمصالحة وطنية، واقتصاد شفاف يقوده الإنتاج، وهي عناصر باتت واشنطن تعدها شروطاً لازمة لاستقرار سوريا وقدرتها على أداء دورها الإقليمي المقبل.

وفي موازاة هذا الإطار، برزت تطورات مهمة تخص الجنوب السوري. فقد طُرحت أحاديث عن تقدم في اتفاق أمني بين سوريا وإسرائيل يرتبط بالمنطقة المتاخمة للحدود الشمالية لإسرائيل، وبالهواجس التقليدية حول نشاط المجموعات المسلحة.

ومن شأن الوصول إلى تسوية هناك أن يرسّخ استقراراً عميقاً، ويمنح سوريا دوراً مختلفاً، ليس فقط عبر كبح تنظيم داعش، بل بتحويلها إلى منطقة هدوء بين تركيا وإسرائيل، وفق تعبير بارّاك، في لحظة إقليمية لا يستبعد فيها مراقبون احتمال وقوع صدام بين القوتين إذا بقي المجال بينهما مفتوحاً للتوتر. وبالتالي، وجود سوريا كونها حاجزاً، وليست ساحة مواجهة، هو الهدف الذي تراه واشنطن مناسباً للجميع.

هذه التحولات تزامنت مع الزيارة التاريخية للرئيس السوري أحمد الشرع إلى البيت الأبيض، وهي لحظة انعطاف حاسمة أعادت دمشق من حالة العزلة إلى موقع الشراكة.

ومنذ 13 مايو، حين أعلن الرئيس ترامب أنه سيزيل جميع العقوبات الأمريكية ((لمنح سوريا فرصة))، بدت واشنطن عازمة على إدارة مقاربة جديدة بالكامل. وفي الاجتماع بين ترامب والشرع هذا الأسبوع، برزت قناعة مشتركة بأن الوقت قد حان لإنهاء القطيعة وفتح نافذة لتجديد سياسي واقتصادي.

وقد التزمت دمشق بالعمل النشط مع واشنطن لمواجهة ما تبقى من تنظيم داعش والحرس الثوري الإيراني وحماس وحزب الله وشبكات أخرى، بما يعيد سوريا إلى قلب الجهد الدولي لضمان الأمن الإقليمي.

لاحقاً، جاء اللقاء الثلاثي الذي جمع الوزير روبيو ووزير الخارجية التركي هاكان فيدان ونظيره السوري أسعد الشيباني ليضع خريطة عملية للمرحلة المقبلة في الإطار الأمريكي – التركي – السوري.

الخريطة تشمل دمج قوات سوريا الديمقراطية في الهياكل الاقتصادية والدفاعية والمدنية الجديدة للدولة السورية، وإعادة تعريف العلاقات التركية – السورية – الإسرائيلية.

ودعم التفاهمات التي تستند إليها هدنة إسرائيل – حماس، والتعامل مع الملفات الحدودية اللبنانية العالقة. وقد برز في هذا السياق الدور المتواصل لتركيا، الذي اعتُبر نموذجاً لدبلوماسية هادئة تبني الجسور بعد سنوات من الجدران.

وفي هذا السياق، تُطرح القيادة الأمريكية كونها محركاً لإعادة تموضع يقوم على ((الأمن أولاً، فالازدهار تالياً))، في مقاربة تحاول تجاوز ظلال الماضي نحو مستقبل جديد تعاد صياغته بمشاركة إقليمية بنّاءة.

إلى ذلك، عد وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني، أمس، زيارته المتواصلة إلى الصين ((خطوة مهمة))، وأشار إلى فتحها ((آفاقاً واسعة لدعم جهود إعادة الإعمار)) في بلاده. وأضاف: ((نقدر مواقف الصين الثابتة في دعم وحدة وسيادة سوريا وسلامة أراضيها)).

وفي خلاصة هذا المسار، تبدو ((الخطوة الآتية)) اللازمة لمنح سوريا فرصة حقيقية هي الإلغاء الكامل لقانون قيصر، بوصفه الممر الذي يحول الانفتاح السياسي الراهن إلى عملية إعادة إعمار واسعة، ويمنح الاقتصاد السوري القدرة على التحرك ضمن النموذج الجديد الذي يفترض أن يقوده الإنتاج والشفافية.

MENAFN17112025000110011019ID1110357862

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

البحث