حماية المريض برؤية القيادة.. نحو هيئة وطنية مستقلة للتأمين الصحي

(MENAFN- Al-Bayan) تضع دولة الإمارات، بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، الإنسان في قلب التنمية، والصحة في صدارة الأولويات الوطنية.

هذه الرؤية الحكيمة جعلت من الإمارات نموذجاً عالمياً في جودة الرعاية الصحية، ومركزاً للإدارة الحكيمة للموارد والحوكمة الطبية.

لكن وسط هذا التطور المتسارع، برزت منظومة تحتاج إلى إعادة ضبط دقيقة - منظومة التأمين الصحي، التي باتت تتطلب استقلالية مؤسسية تليق برؤية القيادة، وتحمي المريض من البيروقراطية والمصالح، وتعيد القرار الطبي إلى مساره الطبيعي: إلى يد الطبيب لا إلى مكتب الموافقات.

حين يصبح القرار الطبي ورقة تفاوض.. والمريض بنداً في الموازنة

في بعض الحالات، يجد المريض نفسه اليوم رهينة لإجراءات التأمين الصحي، حيث تتراجع الاعتبارات الطبية أمام حسابات مالية جامدة. تقدم خطة علاج من طبيب استشاري متخصص، فتراجع من قبل موظف غير مختص، وقد ترفض لمجرد أنها ((غير مبررة)) من منظور إداري. تأخير الموافقات، رفض صرف الأدوية، أو توجيه المرضى إلى صيدليات خارجية.. كلها ممارسات وثقتها شكاوى رسمية رفعت إلى هيئة الصحة بدبي، وأصبحت تهدد مبدأ العدالة الطبية ذاته. ليست المشكلة في النظام نفسه، بل في غياب الكفاءة والرقابة في تطبيقه، حتى أصبح المريض ينتظر ((إذناً بالدواء)) أكثر مما ينتظر الشفاء.

أزمة الأدوية والموافقات: خطر على سلامة المرضى

إحدى أخطر الظواهر التي رصدت أخيراً هي رفض شركات التأمين صرف الأدوية داخل المستشفيات، وإجبار المرضى على الحصول عليها من صيدليات خارجية بحجة التوفير. هذا السلوك فتح الباب أمام سلاسل توريد غير شفافة وهوامش أسعار غير طبيعية، وأدوية قد لا تكون خاضعة للرقابة الطبية الكاملة.

واقعة حقيقية تكشف الخطر

في إحدى الحالات، كتب الطبيب وصفة علاجية دقيقة لمريض يحتاج إلى دواء متخصص، إلا أن شركة التأمين رفضت صرفه من صيدلية المستشفى، ونسقت بدلاً من ذلك مع صيدلية خارجية لتوصيله إلى المريض مباشرة. لكن الصيدلية أخطأت في الجرعة الموصى بها، فزادت الجرعة المرسلة عن تلك التي وصفها الطبيب، ما أدى إلى مضاعفات حادة كادت تودي بحياة المريض. هذه الواقعة ليست استثناءً، بل دليل على غياب الرقابة الطبية في منظومة الموافقات، وتحويل العلاج إلى معاملة مالية بلا ضمير.

إن تحويل الدواء إلى ((بند تفاوض مالي)) يشكل تهديداً مباشراً لسلامة المرضى، وإساءة لسمعة منظومتنا الصحية التي بنتها الإمارات على العلم، والنزاهة، والإنسانية.

أرقام تثير التساؤل

وفق بيانات هيئة التأمين الصحي، بلغ حجم سوق التأمين في الإمارات نحو 25 مليار درهم في 2024، لكن نسبة شكاوى المرضى ضد شركات التأمين ارتفعت بأكثر من 30% خلال العام نفسه. وتظهر التقارير أن نحو 40% من الشكاوى تتعلق بتأخير الموافقات أو رفضها دون مبرر طبي، في حين ترتبط 25% منها بالأدوية وصرفها خارج إطار المستشفى. هذه الأرقام - رغم محدوديتها - تعكس وجود خلل هيكلي يحتاج إلى تدخل وطني حاسم لا إلى حلول جزئية.

الرؤية: استقلالية مؤسسية تحت إشراف القيادة

من واقع رؤية القيادة الرشيدة، آن الأوان لتأسيس هيئة وطنية مستقلة للتأمين الصحي والأدوية، تكون خاضعة مباشرة لمجلس الوزراء أو جهة رسمية عليا:

1. تضمن الشفافية عبر رقابة مركزية على جميع شركات التأمين والمستشفيات والصيدليات.

2. تفصل القرار المالي عن القرار الطبي، وتمنح الطبيب صلاحية العلاج دون تدخل تجاري.

3. تراقب سلاسل التوريد الدوائية، وتلغي الاتفاقات السرية التي تضر بالمريض.

4. توحد السياسات التأمينية في جميع إمارات الدولة ضمن إطار وطني واحد.

5. تعتمد منصة اتحادية رقمية تسجل الموافقات والمطالبات لحظياً، وتتيح البيانات لصناع القرار والجهات الرقابية.

بهذه الخطوة، تتحقق رؤية صاحب السمو رئيس الدولة، حفظه الله، الذي أكد أن ((صحة الإنسان أمانة ومسؤولية وطنية لا تقبل التأجيل))، وتترجم مقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رعاه الله، بأن ((الخدمات الحكومية يجب أن تكون بمستوى طموح المواطن، لا في حدود الإجراءات)).

وجهة نظر

لكي تؤدي هذه الهيئة دورها الحقيقي، يجب أن تكون مستقلة تماماً عن أي برنامج تأمين صحي حكومي أو خاص، وألا تتأثر قراراتها بأي ضغوط مالية أو نسب تخفيض للتكاليف.

استقلالها يجب أن يكون استقلالاً في القرار والرؤية، بحيث تعتمد فقط على الرأي الطبي الأنسب للمريض، وفق أحدث التطورات العلمية في الطب الحديث، دون أي تدخل من جهة تمويل أو شركة تغطية. الهدف ليس تقليل الإنفاق، بل رفع كفاءة العلاج، وضمان أمان الدواء وجودة القرار الطبي بما يتماشى مع مكانة الإمارات وريادتها العالمية في قطاع الصحة.

من الإصلاح إلى الريادة

إن استقلال منظومة التأمين الصحي لا يعني إضعاف الشركات، بل تحويلها إلى شريك مسؤول في بناء نظام صحي مستدام. فالقيادة الرشيدة لا تسعى إلى فرض الرقابة لأجل السيطرة، بل لضمان العدالة والشفافية وجودة الحياة. إن إنشاء هيئة وطنية مستقلة سيمنح المريض الثقة، والطبيب الحرية، والدولة نموذجاً جديداً للحوكمة الصحية القادرة على المنافسة عالمياً.

القرار المطلوب اليوم ليس تنظيمياً فحسب، بل قرار سيادي لحماية الإنسان. حين يعاد للتأمين الصحي استقلاله وشفافيته، وحين تدار المنظومة بروح رؤية قيادتنا الحكيمة التي جعلت الإنسان محور التنمية، سيبقى النظام الصحي الإماراتي كما أرادته القيادة منظومة تعالج بالرحمة، وتدار بالعلم، وتحكم بالعدالة.

MENAFN16112025000110011019ID1110351748

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.