الأخبار الأكثر تداولاً
الإعلام الغربي والإسلام
من الواضح أن تزايد الاهتمام بمناقشة القضية في الوقت الحالي على هذا النحو هو بسبب الفوز الذي حققه زهران ممداني المسلم بمنصب عمدة مدينة نيويورك، على الرغم من الهجمات التي تعرض لها. هذا الفوز هو الذي أثار هذا الاهتمام الغربي المتجدد بقضية الإسلام والمسلمين في الدول الغربية.
التقارير والتحليلات التي قرأتها تطرح قضايا كثيرة وآراء متعددة بهذا الخصوص، لكن من أهم هذه القضايا موقف الإعلام الغربي من الإسلام والمسلمين، أي كيف يعرض الإعلام الغربي القضايا المتعلقة بالإسلام والمسلمين في الدول الغربية.
القضية تهمنا بالطبع في كل الدول العربية والإسلامية، ولهذا يجب أن نتابع هذا الجدل وأن نعرف ما يثار فيه من مواقف وآراء.
سأحاول أن أعرض تباعا أهم التقارير والتحليلات بهذا الخصوص وما تطرحه.
من التحليلات المهمة تحليل كتبه ويل جور ونشرته صحيفة «اندبندنت» البريطانية قبل أيام يناقش فيه كيفية تناول الإعلام البريطاني للإسلام. الكاتب يطرح وجهة نظر متوازنة تستحق التأمل.
بداية يعتبر الكاتب أن معظم التغطيات الصحفية المرتبطة بالإسلام في الإعلام البريطاني خلال السنوات الماضية تميل إلى السلبية؛ أي أن معظم هذه التغطيات تقدم صورة سلبية ليست صحيحة عن الإسلام والمسلمين.
غير أنه في رأيه لا يمكن فهم هذا التوجه «بمعزل عن الواقع السياسي والأمني الذي عاشته بريطانيا والعالم منذ هجمات سبتمبر 2001، مروراً بصعود تنظيم الدولة الإسلامية ثم موجات الهجمات داخل أوروبا».
ويوضح انه لا يجب «تجاهل العامل الديني في تحليل الحركات العنيفة التي تتخذ من الإسلام غطاءً، فمحاولة فصل الهوية الدينية عن دافع العنف عندما يكون هذا الدافع حاضراً فعلاً لا يساعد القارئ على فهم السياق»
الكاتب يريد أن يقول هنا إن الهجمات الإرهابية التي ارتكبتها جماعات باسم الإسلام هي التي قادت إلى تكريس هذه النظرة السلبية للإسلام والمسلمين في بريطانيا والغرب.
هذا الكلام صحيح جزئيا فقط. صحيح أن الجماعات التي تحمل اسم الإسلام وتسيء إليه باللجوء إلى أعمال العنف لها دور أساسي في تقديم صورة سلبية غير صحيحة عن الإسلام، لكن لا يمكن أبدا تجاهل حقيقة أن العنصرية ضد الإسلام والمسلمين هي متأصلة في الدول والمجتمعات الغربية على المستويات الرسمية والشعبية. بعبارة أخرى تشويه صورة الإسلام والمسلمين في الاعلام الغربي يتم بصورة متعمدة ومنهجية بغض النظر عن أي تطورات أو أحداث. وهذا ما تسجله عشرات التقارير الغربية عن الإسلاموفوبيا في الغرب.
والكاتب إذ ينتقد التغطيات السلبية للإسلام في الإعلام البريطاني، فهو في نفس الوقت ينتقد ما يسميه «التوازن المصطنع»، ويقصد بذلك توجه البعض إلى نشر قصص إيجابية عن المسلمين فقط لخلق نوع من التوازن.
يقصد هنا أنه عند مناقشة الإسلام والمسلمين في الإعلام يجب تقديم الإيجابيات والسلبيات، وتقديم تحليل موضوعي للقضية. ويقول: «إن وظيفة الإعلام ليست تصحيح الانطباعات العامة من باب المجاملة أو تهدئة المزاج الاجتماعي، بل تقديم سياق دقيق يعرض الظاهرة بعناصرها السياسية والاجتماعية والدينية كاملة، ويضعها أمام القارئ من دون مبالغة أو تجميل أو مبادرة لإخفاء ما هو سلبي».
ويقدم الكاتب مثالا لذلك بأزمة اللاجئين في أوروبا، فالتعليقات التي رافقت تغطية الأزمة أظهرت انقساماً حاداً، وصل في بعض الحالات إلى مواقف عدائية متطرفة ضد اللاجئين. وهذا، برأيه، دليل على أن المشكلة ليست في «زيادة الأخبار الإيجابية أو تقليل السلبية»، بل في تقديم سياق يشرح الظواهر كما هي، مع الاعتراف بتعقيدها وتعدد دوافعها، «بعيداً عن الاختزال أو المجاملة».
المسألة الجوهرية التي يثيرها الكاتب إذن هي الإعلام حين يتحدث عن الإسلام والمسلمين يجب ألا يقدم صورة سلبية غير صحيحة، ولا أن يقدم في نفس الوقت صورة إيجابية بالمطلق، وإنما يجب عرض كل قضية عرضا موضوعيا على ضوء الظروف والأوضاع القائمة، وبما يمكن المتابع من تكوين وجهة نظر صحيحة.
نحن يجب أن نستفيد من مثل هذه الآراء، فالقضية بداهة تهمنا ليس دينيا فقط، وإنما سياسيا أيضا.
سأعرض في مقالات تالية ما طرحته تقارير أخرى عن الإسلام والمسلمين في الغرب.
إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.
Comments
No comment