على طريقة فيلم تيتانيك.. لماذا يغرق القبطان مع سفينته؟

(MENAFN- Al-Bayan) تاريخ الملاحة البحرية يعود إلى آلاف السنين، حيث تشير بعض الدراسات إلى أن الإنسان بدأ الإبحار منذ نحو 900 ألف عام، لكن فكرة أن على القبطان أن يغرق مع سفينته الغارقة فهو تقليد حديث نسبيا، نشأ في القرن التاسع عشر، ويعكس قيم الفروسية، حيث يجتمع الواجب والشرف مع الالتزام الأخلاقي بحماية الركاب والطاقم والسفينة نفسها.

لا توجد قوانين تنص على وجوب موت القبطان، لكن القانون الدولي يلزم القبطان بالالتزام بمبادئ الملاحة الآمنة وضمان سلامة الركاب وأفراد الطاقم، وقد وُضعت أول قواعد رسمية لذلك في مؤتمر سلامة الأرواح في البحر (SOLAS) عام 1914، عقب مأساة تيتانيك، والتي أدت لاحقا إلى تأسيس المنظمة البحرية الدولية، المسؤولة عن تطوير قوانين الشحن الدولية والحفاظ على أمن الحركة البحرية.

بعض الدول ذات التاريخ البحري الطويل، مثل إسبانيا وإيطاليا وفنلندا، تلزم القبطان بأن يكون آخر من يغادر السفينة، لضمان إخلاء الركاب والطاقم بأمان وبذل كل جهد لإنقاذ السفينة، وعلى الرغم من عدم وجود قانون يلزم التضحية المطلقة، فقد أقدم العديد من القباطنة على ذلك، مما أضفى على التقليد طابع الأسطورة والبطولة، وفقا لموقع slashgear.

ويعود أصل مبدأ "النساء والأطفال أولا" إلى كارثة HMS Birkenhead عام 1852، حين غرقت السفينة البريطانية لنقل القوات قرب رأس الرجاء الصالح بجنوب أفريقيا. نجا جميع النساء والأطفال على متن السفينة بفضل الأولوية التي أعطاها الرجال لسلامتهم، بينما غرق القبطان سالموند مع السفينة، ومن هذه الواقعة نشأ ما يعرف بـ "تمرين بيركينهيد"، الذي أصبح معيارا لتصرف القباطنة في حالات الطوارئ.

تجسدت هذه القيم في مأساة تيتانيك عام 1912، حيث غرق القبطان إدوارد سميث مع السفينة، بعد أن أولى اهتمامه بإخلاء النساء والأطفال أولا، وحظي لاحقا بإشادة عالمية لاستعداده للتضحية بحياته من أجل الركاب.

لكن ليس كل القباطنة يتصرفون بالشجاعة نفسها، كما شهد حادث Costa Concordia عام 2012، عندما قفز القبطان فرانشيسكو شيتينو إلى قارب النجاة قبل إتمام الإخلاء، مخالفا القانون البحري الإيطالي الذي ينص على أن يكون القبطان آخر من يغادر السفينة، ما أدى إلى وفاة 32 شخصا وسجنه لمدة 16 عاما.

تاريخيا، لم يكن التضحية بحياة القبطان مرتبطة فقط بالشرف، بل أحيانا بالقوانين المتعلقة بالإنقاذ والكنوز، إذ إن ترك السفينة دون رقابة يتيح للآخرين الاستيلاء على حطامها، ومن أمثلة ذلك غرق SS Central America عام 1857، حيث نجا جميع النساء والأطفال بينما غرق القبطان هيرندون بعد أن سلم ساعته لراكب ليقدمها لاحقا لزوجته كرمز للحب الأبدي.

يبقى تقليد "البقاء حتى النهاية" رمزا للقيم البحرية، مزيجا من الشرف، المسؤولية، والتاريخ، لكنه ليس قاعدة قانونية صارمة، بل هو معيار أخلاقي يتفاوت بين قبطان وآخر، ويعكس قدرة الإنسان على التضحية من أجل الآخرين في لحظات الكارثة.

MENAFN15112025000110011019ID1110347569

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

البحث