هل يطعن "الرمح" الأمريكي استقرار أمريكا اللاتينية؟

(MENAFN- Al-Bayan) إعلان الولايات المتحدة عن عملية ((الرمح الجنوبي))، وهي مبادرة أمنية - استخباراتية تمتد عبر أكثر من دولة في القارة، أعاد أمريكا اللاتينية إلى واجهة الاهتمام الدولي.

ورغم أن واشنطن تصف العملية بأنها تعزيز للتعاون الأمني، فإن حجم التحرك وتوقيته وتعدد مساراته توحي بأن واشنطن بصدد إعادة ترتيب وجودها في المجال الحيوي الجنوبي بعد سنوات من الانكفاء النسبي.

تقول الولايات المتحدة إن العملية هدفها ملاحقة شبكات عابرة للحدود للجريمة المنظمة وتهريب المخدرات ، ومراقبة تمدد جماعات محلية ذات طابع شبه عسكري في مناطق رخوة سيادياً.

كما تهدف إلى ضبط نشاطات قوى خارجية تحاول توسيع نفوذها داخل القارة، وهو ما يؤكده ديريك هاربر، من مركز الدراسات الأمنية الغربية، بقوله إن واشنطن تختبر نموذجاً جديداً للانتشار ((الخفيف منخفض التكلفة، لكنه مرتفع التأثير السياسي)).

كما أن توقيت العملية لا يبدو منفصلاً عن السياق الدولي المزدحم بجبهات مفتوحة، الأمر الذي دفع الإدارة الأمريكية إلى إغلاق الثغرات القريبة من نطاقها الجغرافي، وبخاصة مع تنامي الضغط الداخلي بشأن أمن الحدود الجنوبية.

وتعتبر الخبيرة ماريا إيسكوبار، من معهد أمريكا اللاتينية للجيوسياسة، أن الفراغ الأمريكي خلال السنوات الماضية سمح بدخول لاعبين خارجيين، وأن العملية الحالية تمثل محاولة لاستعادة مركزية واشنطن في وقت باتت القارة ساحة تنافس أكثر تعقيداً.

أما مواقف دول أمريكا اللاتينية فتبدو متباينة، إذ ينظر بعض الحكومات إلى العملية باعتبارها دعماً ضرورياً في مواجهة الجريمة المنظمة، في حين تتعامل أخرى معها بتحفظ خشية أن تتحول إلى مدخل للعودة إلى نفوذ سياسي أو استخباراتي أوسع.

وفي هذا السياق، يقول روبرتو كاستيلو، من جامعة سانتياغو، إن كل دولة تقرأ التحرك من زاوية مصالحها، فالدول الهشة أمنياً تستقبله بإيجابية، والدول الأكثر استقلالية تتعامل معه كتذكير بمرحلة الوصاية الأمريكية التقليدية.

ولا تشير التقديرات إلى عودة أمريكية واضحة بقدر ما تشي بمرحلة مدروسة تقوم على النفوذ المرن، أو ما يسميه بعض الخبراء ((القيادة من الظل)).

ويذهب المحلل إدوارد ماكينزي، من معهد ستراتفور، إلى أن نمط النفوذ الأمريكي المقبل سيكون أقل عسكرية وأكثر استخباراتية، مع تعميق التعاون مع الأجهزة المحلية لبناء شبكة تأثير طويلة الأمد.

وبذلك فإن الأشهر المقبلة مرشحة لكشف اتجاه العملية، وتجيب عن تساؤلات من نوع: هل ستوسع واشنطن برامج التدريب والتجهيز؟ هل ستظهر تفاهمات بحرية وجوية تمنحها قدرة مراقبة أوسع؟ وهل ستضغط لتشكيل اصطفافات سياسية جديدة داخل القارة؟

وفق تقدير ليديا فاوستينو، من جامعة ساو باولو، تبدو المنطقة مقبلة على مشهد يعيد صياغة توازنات النفوذ بهدوء، حيث لا تعود الولايات المتحدة إلى نمط الهيمنة، لكنها أيضاً لا تسمح بقيام فراغ استراتيجي في نصف الكرة الغربي.

هكذا تبدو عملية ((الرمح الجنوبي)) جزءاً من إعادة معايرة أوسع، تتحرك فيها واشنطن بخطوات محسوبة لتثبيت حضورها في قارة تعيد رسم موقعها بين صراعات الحاضر وتوازنات المستقبل.

MENAFN14112025000110011019ID1110347188

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

البحث