نضج المشاعر لا انطفاؤها

(MENAFN- Al-Bayan) في زحمة الحياة وسرعة التغيّرات، لم نعد نملك رفاهية التأمل ومراجعة النفس قبل الانفعال. نغضب بسرعة، ونعتذر متأخرين، ونعبّر عن مشاعرنا باندفاع شفاف قد يكون قاسياً أحياناً، دون أن ندرك حجم الأثر الذي نتركه في أنفسنا وفي من حولنا.

لكن الحقيقة أن النضج العاطفي لا يعني أن نكبت ما نشعر به، بل أن نفهم تلك المشاعر ونتعامل معها بوعي وحرص واتزان. هو ذلك الخطّ الرفيع بين أن نحيا بمشاعرنا الصادقة، وألا نسمح لها بأن تسيطر علينا بسلبية فتُنشر حولنا مشاعر الرفض والنفور.

كثيرون يظنون أن التعبير عن المشاعر دون تردّد دليل صدق، بينما الحقيقة أن المبالغة في الانفعال قد تكون شكلاً من أشكال الضعف. الشخص الناضج عاطفياً لا يُنكر مشاعره، لكنه لا يسمح لها بأن تملي عليه قراراته، وتجده يعرف متى يصمت، ومتى يتحدث، ومتى ينسحب.

إنّ فهم الذات هو الخطوة الأولى نحو النضج؛ أن تعرف ما الذي يثير غضبك، وما الذي يزعزع استقرارك الداخلي، وما الذي يجعلك تندفع بلا وعي.

كثيرون يظنون أن الانفعال العاطفي دليل صدق، بينما هو في أحيان كثيرة أكبر دليل على ضعف السيطرة وميل الكفّة إلى العاطفة دون التوازن. تيقن تماماً أن القوة الحقيقية أن تملك نفسك عند الغضب، وأن تزن الكلمة قبل أن تُقال، والموقف قبل أن يتخذ.

وفي العلاقات الإنسانية يظهر النضج في أبهى صوره؛ أن تحب دون أن تلغى، وأن تسامح دون أن تُهان، وأن تُغادر دون أن تترك وراءك أثر كراهية أو عداء. أن تُدرك تماماً أن المشاعر لا تحتاج إلى إعلانٍ دائم لتكون صادقة، وأن الاحترام في الخلاف يُعَدّ أرقى من التفاخر بالانتصار العاطفي.

وفي نهاية المطاف، تبقى الحكمة هي الأجمل: ليست القوة في أن تكتم مشاعرك أو تمتنع عن التصريح بها، بل في أن تعبر عنها بوعي ولطف، فلا تؤذي نفسك ولا من تحب.

MENAFN10112025000110011019ID1110323814

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.