"ربيع شتوي".. براعة سينمائية تناقش صراع الأجيال بإلماحات ذكية
وخلال هذا العام شهد مسرح مكتبة محمد بن راشد في دبي العديد من العروض، ضمن تلك المبادرة، التي أسسها المخرج الإماراتي نواف الجناحي، والتي أضحت من أهم الفعاليات الثقافية، بما تقدمه من أمسيات رائدة تجمع عشاق السينما بأشكالها وثقافاتها المتنوعة العربية والعالمية.
وفي السطور التالية نتناول أحد أبرز الأعمال الفنية، التي عرضت هذا العام في المكتبة، وهو الفيلم العربي ((ربيع شتوي)) من إخراج المصري محمد كامل، الذي يصور قصة ((نور)) ((الممثلة الشابة آية سماحة))، التي تدرس بالصف الثالث الإعدادي، وتعيش وحيدة مع والدها ((الفنان أحمد كمال))، وتمر بمرحلة دقيقة في حياتها تؤثر بصورة ما في علاقتها به.
ولعل أول ما يلفت انتباه المتلقي في هذا العمل المميز عنوانه المتناقض ((ربيع شتوي))، الذي يعبر في حقيقة الأمر عن الصراع الداخلي، الذي تعيشه الفتاة، والصراع الخارجي، الذي يجعل العلاقة بوالدها باردة متوترة بفعل صراع الأجيال؛ إذ يمثل والدها الجيل القديم، الذي يرى الأمور من منظور تقليدي، في حين تمثل الفتاة الجيل الجديد، الذي يبحث عن استقلاليته ويواجه التقاليد.
ومن خلال هذا الصراع، يعالج الفيلم قضية التواصل والتفاهم بين الآباء والأبناء، ويحاول تقديم حلول، لتجاوز الفجوة المتسعة بين الأجيال المختلفة، ويتطرق بأسلوب إبداعي لا تشوبه أدنى شائبة تخدش الحياء، إلى فكرة شديدة الحساسية، هي المرحلة الانتقالية من الطفولة إلى الأنوثة، ولكن سياق الأحداث يظل محافظاً على احترام عقل المتلقي، بحيث يكتفي بالإلماحات.
ولم يحصر صنَّاع العمل هذا الأسلوب في تلك الزاوية فحسب، بل تم توظيفها في توضيح بعض تفاصيل القصة، كما هو واضح في فكرة وفاة الأم التي لم يصرح بها، لكنها فهمت من سياق الأحداث والعلاقة بين بطلي الفيلم.
ويلاحظ أن المخرج استعمل الصمت عنصراً درامياً يؤدي دوراً محورياً في الفيلم.
هذا إلى جانب عناصر سينمائية أخرى كزوايا التصوير واللقطات، التي تؤكد حالة التباعد بين الشخصيتين، بحيث تظهر وجه الفتاة مع جزء من وجه الأب في الخلفية، لتوحي بانفصالهما النفسي، وكذلك المؤثرات الصوتية والموسيقية.
وبهذه العوامل الفنية جميعاً نجح العمل في إيصال رسالة، مفادها التركيز على تقدير مشاعر الآخرين، ولا سيما المراهقون، وأضاء على أهمية الانفتاح على الأبناء وفهم عوالمهم الداخلية، لينتهي بمشهد شديد البراعة يشكل خاتمة رمزية، تثبت مدى إدراك الأب الطيب حقيقة احتياجات ابنته، عندها يمنحها المبلغ المالي الذي كان نقطة الخلاف بينهما، التي غيرت مجريات الأحداث، واضعاً النقود على طاولة مكشوفة، وفوقها قارورة طلاء الأظفار، التي عبّر وجودها في اللقطة عن مدى التفهم تجاه الطفلة التي أضحت فتاة.
إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.
الأخبار الأكثر تداولاً
الترجي والأفريقي.. قمة مرتقبة في الدوري التونسي...