ممداني.. ترامب اليساري!
هذا الرجل هو زهران ممداني الذي حقق المفاجأة الكبرى وفاز باكتساح في انتخابات بلدية نيويورك متغلباً على منافسين أشداء في حزبه الديمقراطي وكذلك في الحزب الجمهوري.
وإذا سارت الأمور بالوتيرة نفسها فإن ممداني قد يصبح المعادل الطبيعي للرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ولكن من الناحية المعاكسة، أي سيكون النسخة اليسارية تماماً من ترامب.
المؤكد أن ممداني هو أسوأ كوابيس ترامب منذ عودته للبيت الأبيض.
ترامب يروج دائماً أنه أقوى من حزبه الجمهوري، وأنه مؤسسة قائمة بذاتها، وأن الذين انتخبوه، فقد فعلوا ذلك من أجل شخصه وليس من أجل حزبه الجمهوري، وأنه يكفي أن يقول إنه يدعم المرشح فلان حتى يكون ذلك ضماناً كافياً لفوزه.
ترامب فعل ذلك وطلب من ناخبي نيويورك، خصوصاً اليهود، ألا يصوتوا لممداني، لكن أهل المدينة التي نشأ فيها ترامب وترعرع لم يستمعوا لنصيحته، وسجلوا رقماً قياسياً في نسبة المشاركة لم يتحقق منذ عام 1969.. وآخر تبريرات ترامب أن أحد أسباب فوز ممداني أن اسم ترامب لم يكن موجوداً في أوراق التصويت!
فوز ممداني يمكن قراءته من عشرات الزوايا، إحداها أنه يؤكد وجود حالة حادة من الاستقطاب في المجتمع الأمريكي.
لعقود طويلة فإن السياسات الكبرى كانت شبه متطابقة بين الحزبين، وكانت الخلافات أو الاختلافات في الشكل وليس الجوهر.
ومن هنا جاءت فكرة أن النظام السياسي الأمريكي ثابت، والمتغير فقط هو اسم الرئيس أو الحزب حتى عندما فاز الرئيس باراك أوباما بالرئاسة عام 2008 اعتقد كثيرون أنه سيغير الدستور والمشهد السياسي بصفة عامة، صحيح أن فوز أوباما، المنحدر من أصول أفريقية، كان زلزالاً سياسياً وقتها، لكنه لم يسجل أي هزات كبرى، وظلت السياسة الأمريكية شبه ثابتة رغم أنه قضى فترتين استمرتا حتى عام 2016.
التغير الفعلي حدث مع وصول ترامب للسلطة متفوقاً على الديمقراطية هيلاري كلينتون، بل إن ترامب شكل انقلاباً على العديد من مبادئ الحزب الجمهوري نفسه، بحيث إن الحزب مال كثيراً باتجاه اليمين المحافظ أو المتشدد.
حجم التغييرات التي أحدثها ترامب في المشهد السياسي في الولاية الأولى لم يكن كبيراً بحكم وجود مسؤولين كثيرين حوله ينتمون إلى الدولة العميقة التي لا تحبذ الهزات الكبرى، لكن ورغم مرور أقل من 10 شهور فقط على عودته للبيت الأبيض، فقد نسف ترامب العديد من الأفكار الأساسية التي يقف عليها النظام السياسي، بل ويلمح إلى رغبته في فترة رئاسية ثالثة، في مخالفة صريحة للدستور.
ظاهرة ممداني تشكل الجانب الآخر المتطرف من نسخة ترامب، ولكن في اتجاه اليسار.. فالحملة الانتخابية لهذا الشاب هي النقيض الكامل لكل أفكار ترامب.. فإذا كان الأخير ذا نزعة يمينية محافظة جداً خصوصاً في الاقتصاد، فإن ممداني المسلم الذي يتباهى بأنه اشتراكي يتحدث عن سياسات شديدة اليسارية من قبيل ملاحقة الأغنياء في نيويورك، ومنهم ترامب، حتى يدفعوا ما عليهم من حقوق من أجل حل مشاكل فقراء ومعدمي المدينة، ترامب يحارب المهاجرين وممداني يدافع عنهم باستماتة ويتحدث عن سياسات اقتصادية متصادمة تماماً مع النظام السياسي الأمريكي، بل للكثير من برامج وأفكار الحزب الديمقراطي الذي ينتهى إليه، وبالتالي فالسؤال المهم: هل ينجح ممداني في إقناع غالبية أعضاء حزبه الديمقراطي بهذه الأفكار مثلما فعل ترامب مع حزبه الجمهوري من قبل؟ السؤال صعب جداً ويحتاج وقتاً للإجابة عنه، لكن نجاح ممداني يعني أن المجتمع الأمريكي مقبل على مزيد من الاستقطاب والتطرف وهو ما سينعكس على أماكن كثيرة في العالم.
إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.
الأخبار الأكثر تداولاً
الأمن ينعى حمد الدراوشة...
شكرا.. سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء...