زاهي حواس بين الآثار وشغف الحكاية

(MENAFN- Al-Bayan) لا يأتي زاهي حواس، ضيف معرض الشارقة الدولي للكتاب 2025م، كعالم آثار فحسب، بل كراوٍ كبير لذاكرة مصر القديمة، يحملها في صوته قبل أن يحملها في كتبه، وحين يصعد إلى المنصّة غداً مساءً.

فلن يتحدث عن الحجارة والتماثيل، بل عن الحلم المصري المتجدد في أن تعود روحه إلى موطنها، فهو معروف بمواقفه الصريحة في المطالبة بإعادة الآثار المصرية، فكما عوّد جمهوره في مؤتمراته حول العالم، قضيتهُ الأثيرة:

عودة الآثار المصرية إلى أرضها، وخصوصاً تمثال نفرتيتي في برلين، وحجر رشيد في لندن.. إذ يرى أن استرداد هذه القطع ليس طلباً مادياً، بل استعادة لكرامة الأمة وذاكرتها المنفية، وهذه المرة لا بد أن يشير للمتحف المصري الكبير، بأنه اليوم الحجة الكبرى على قدرة مصر على حفظ تراثها بأحدث التقنيات، وأن زمن الوصاية الأجنبية قد انتهى.

ولعل اختياره ضيفاً في الشارقة ليس مصادفة، فهذه الإمارة التي جعلت من الثقافة فعل حضور، تفتح منبرها هذا العام لأشهر المدافعين عن الذاكرة الإنسانية، ليذكّر العالم بأن الوعي بالتراث هو الوجه الآخر للنهضة، كما لا يُتوقع أن يكتفي حواس بالمطالبة، بل سيدهش الحاضرين بأخباره الميدانية:

اكتشافاته الأخيرة في سقارة والواحات، والمدينة الذهبية المفقودة في الأقصر، ودهشته المستمرة حول أسرار الأهرامات التي كما يقول: ((لا تزال تخبّئ شيئاً))، يتحدث فينفعل، يروي فيقنع بشغفٍ لا يخبو، حتى يغدو الأثر في كلامه كائناً حياً ينهض من الصحراء.

ورغم خلفيته الأكاديمية الصارمة في علم المصريات والآثار، واكتشافاته المتعددة، مثل مقبرة عمّال الأهرامات في الجيزة، وتغييره الرواية العالمية عن بُناة الأهرامات، وتأكيده أنهم مصريون أحرار وليسوا عبيداً كما يشاع، وغير ذلك من المكتشفات والمؤلفات.

فإن حواس لا يقدّم التاريخ ببرود الباحثين، بل بحرارة المؤمنين بذاكرتهم في محاضراته، وهو يجمع بين العلم والخطاب الجماهيري، إذ يرى أن عالم الآثار يجب أن يكون سفيراً لحضارته، لا باحثاً في الظل، رافضاً النظريات الخرافية حول الأهرامات، ومؤكداً أن المصري القديم هو المعجزة الحقيقية وراء كل ما بُني على أرض مصر.

اشتهر بخطاباته التي تمزج بين العِلم وسحر الحكاية، بين التاريخ والمسرح، لأنه يدرك أن الأثر ليس حجراً صامتاً، بل شهادة حيّة على عبقرية الإنسان المصري منذ فجر التاريخ..

وأنا لا أستبق الأحداث، لكنني من خلال متابعتي له، أشعر بأنه من على منبر الشارقة غداً، سيذكّر العالم بأن الحضارة المصرية ليست ماضياً منقوشاً، بل حاضرٌ يستيقظ كل يوم تحت طبقات الضوء والرمل.

فأهلاً به، ضيفاً على المعرض، وصوتاً يعيد إلى التاريخ نبضه.

MENAFN05112025000110011019ID1110302243

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.