جماهير ما بعد الحقيقة!

(MENAFN- Al-Bayan) أؤمن، مثل كثيرين غيري في عالمنا العربي، أن المواطن العربي لا يحصل على حقه من الحقائق والمعلومات اللازمة، التي تجعله يفهم ما يحدث حوله، وما يتفاعل تحت جلد الأحداث، في مجتمعه أو في المحيط الإقليمي وفي العالم، فيبدو وكأنه يسير شرقاً، بينما العالم كله يسير باتجاه الغرب، أو كمن يصحو من نومه أشبه بطفل لا يدري ما يدور خارج منزله، فيخرج لشراء باقة ورد لحبيبته أو صديقته، بينما قنبلة موقوتة توشك أن تنفجر في طريقه.

إنه من المعروف أن لدى سكان العالم العربي مرضاً اسمه أنيميا البحر المتوسط، يصيب سكان هذه المنطقة لأسباب وراثية معقدة، كما يشرح لي الطبيب الذي أتردد عليه، لكن هذه الأنيميا لا تحدث بالصدفة، بل كنتيجة طبيعية لأنماط التغذية والحياة الخاطئة في منطقتنا، وبسبب الأوضاع الاقتصادية بلا شك، ومثل النقص الحاد في الدم هذا، هناك نقص حاد يوازيه في المعلومات الخاصة بسياسات وتوجهات الحكومة العامة، والتي يفترض أن تقدَّم بمعايير محددة وفق سياسات المكاشفة، وتوفير البيانات.

وهنا تأتي بعض المعالجات الكارثية، عندما تصدِّر بعض الأنظمة أشخاصاً من مستويات وظيفية وعلميّة معينة، ليناقشوا بعض القضايا المثارة، بهدف توضيح الصورة وإزالة اللَّبس الحاصل، إلا أن هؤلاء يزيدون الطين بلة للأسف، بسبب عنجهيتهم أحياناً، وجهلهم بآليات مخاطبة جمهور المتلقين، وهنا، فلا بأس من تثقيف وتعليم وتوجيه هؤلاء حول سيكولوجية الجماهير وذهنياتهم، ومعدلات ذكائهم، وكيف تغيرت توجهات الجماهير ومتلقي الأخبار بدرجة 180 عن السابق، بسبب انفجار ثورة المعرفة، وتطور التقنية، ووسائط وبرمجيات السوشيال ميديا.

باختصار، فإن جماهير اليوم هي جماهير واعية، تمتلك مهارات بحث عالية جداً عن أية معلومات وأخبار، وبأكثر من لغة، وحتى اللغة لم تعد عائقاً، في ظل برامج الترجمة فائقة الدقة.

فجماهير العالم العربي لم تعد تقتنع بالفتات الذي يُلقى لها، وهي لا تصدق الكثير من الوجوه الرسمية، لأنها تجاوزت مرحلة البحث عن الحقيقة، إلى مرحلة التشكيك في الأخبار والحقائق والعقائد، وفي التاريخ نفسه.

لذلك، لا بد ومن الضروري جداً، احترام قدرات وعقول وذكاء الجماهير، الذين يعيشون مرحلة ما بعد الحقيقة.

MENAFN03112025000110011019ID1110289856

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.