نحو برلمان عراقي سادس
التهيؤ لهذه الانتخابات بدأ مبكراً جداً في الساحة السياسية العراقية ولم تكن عيون الإعلام ترصد مواقف الكتل والأحزاب ذات التأثير في المشهد السياسي فحسب، بل ترصد أيضاً الموقف الأمريكي الذي أصبح أكثر أهمية من غيره في صناعة الشرق الأوسط الجديد كثمرة لتداعيات 7 أكتوبر 2023 التي سبقت الإشارة إليه وأصبح مستقبل العراق السياسي أحد أبرز أركانه. وقد عمدت مفوضية الانتخابات إلى استبعاد عدد كبير جداً من المرشحين وفق ضوابط لم يكن مأخوذاً ببعضها في الانتخابات السابقة، شملت بعض من شغل مقعداً في المجالس السابقة.
هذه الانتخابات لم تخلُ من شوائب كما هو الحال في سابقاتها، إلا أنها تميزت بتعاظم الدعوات إلى مقاطعتها على قاعدة التشكيك بمصداقيتها في ظل ظروف يلعب فيها المال السياسي دوراً غير مسبوق يثير التساؤل حول حجم ما يوظف منه وحول مصادره البعيدة كل البعد عن قدرات اللاعبين في العملية الانتخابية، ما يلفت الأنظار نحو حجم الفساد من جهة، وحول الدور الإقليمي من جهة أخرى، كلاهما واردان إلا أن ثانيهما هو الأقرب إلى القبول، فعراق ما بعد سقوط النظام السابق أصبح ساحة سهلة جداً للولوج إليها والتجول في أرجائها.
وكالعادة في كل موسم انتخابي يقف الملف الطائفي على رأس بقية الملفات على طاولة الانتخابات إن لم يكن بصورة مباشرة بل بتلميحات ملفات أخرى، فالكتل السياسية ولا أقول جميعها، لا تتبارز ببرامجها الانتخابية لأنه ليس لديها في هذه البرامج ما يبهر وليس لها من جانب آخر أن تعلن وتتبنى ما ليس لها القدرة على القيام به.
واشنطن حريصة على رؤية استحقاقات 7 أكتوبر 2023 ملباة على أرض الواقع في غزة وفي لبنان وفي سوريا وفي اليمن وفي إيران وفي العراق، وهو شرط أساسي وفق رؤيتها لضمان الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وهي في هذا السياق، ترصد بدقة المسارات السياسية في هذه الدول، وخصوصاً من تنشغل بمسؤولية أزماتها ومن ضمنها الوضع الانتخابي في العراق.
منذ غادرت السفيرة الأمريكية فوق العادة، إيلينا رومانسكي، بغداد في نوفمبر 2024 لم تعين واشنطن بديلاً عنها وبقي هذا المنصب الخطير شاغراً يؤشر عن عدم رضاها عن مستوى الأداء لحكومة محمد شياع السوداني، خصوصاً فيما يتعلق بتجاهل حكومته لمطالبها مراراً في مناسبات عدة وعلى لسان مسؤولين كبار في مقدمتهم وزير الخارجية، ماركو روبيو، أبرزها ما يتعلق بأهمية التراجع عن الانفتاح الكبير على إيران سياسياً واقتصادياً، ووقف تهريب الدولار إليها، وحل الميليشيات المسلحة التي تأتمر بأوامرها، وحل الحشد الشعبي الذي تعتبره واشنطن جزءاً من فيلق القدس الإيراني.
واشنطن لم تعين بديلاً عن السفيرة السابقة تعبيراً عن استيائها من أداء حكومة السوداني، إلا أنها لم تتخلَ عن استراتيجيتها في بناء شرق أوسط جديد وفق رؤاها، منطقة خالية من الميليشيات المسلحة لضمان أمنها واستقرارها.
القرار الأمريكي بتعيين مارك سافايا مبعوثاً خاصاً للرئيس ترامب إلى العراق خطوة تحمل معاني مهمة، فواشنطن قد بدأت تتعامل مع العراق كأنها تتعامل مع أزمة، فالمبعوث الخاص له سلطات واسعة تتجاوز ما على السفراء من قيود الضوابط الدبلوماسية ومرجعياتها، فهو على تواصل مباشر مع ترامب الذي يمارس من خلال اعتمادها صلاحياته بمعزل عن أفراد طاقمه.
ولا يفوتنا أن نلحظ التوقيت الزمني لإرسال هذا المبعوث قبيل الانتخابات المزمع إجراؤها في غضون أيام قليلة كما أسلفنا، خصوصاً في أجواء التبدلات في خرائط التوازنات وتراجع الدور الإيراني في الأحداث ومقارباتها على المستوى الرسمي العراقي.
إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.
الأخبار الأكثر تداولاً
هدى المفتي تتألق في افتتاح المتحف المصري الكبير - صور...
مليارديرات ينفقون ملايين الدولارات لإيقاف ممداني في سباق عمدة نيويورك...
إعادة فتح متحف اللوفر والسلطات تواصل البحث عن اللصوص...