الخروج من الدائرة المغلقة

(MENAFN- Al-Bayan) تحركات كثيفة لشق الأمواج السياسية وفك شفرات رسائل المستقبل الذي ينتظر فلسطين، بعد أن باتت القضية جزءاً أصيلاً ورئيسياً لدى الرأي العام الدولي على المستويين الرسمي والشعبي.

وضعت الحرب أوزارها في غزة، لكن الوضع لا يزال هشاً بسبب سياسات إسرائيل المتأرجحة بين الحرب والسلام، وبين المصالح الضيقة لنتانياهو، وبقائه في السلطة، وبين مستقبل الدولة الإسرائيلية نفسها، التي باتت على المحك.

العالم قال كلمته في شرم الشيخ، وقعت الأطراف الاتفاقية التي طرحها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، ووافق عليها كل زعماء القوى المؤثرة على المسرح الدولي، وقد تبع ترامب الاتفاق بإرسال مبعوثيه، ستيف ويتكوف، وجاريد كوشنر، إلى المنطقة، وجاءت زيارة جي دي. فانس، نائب الرئيس الأمريكي، لتضع النقاط فوق الحروف.

وقد قال ترامب في تصريح تزامن وهذه الزيارات، إنه يصمم على تنفيذ وقف إطلاق النار، والدخول في المرحلة الثانية من الاتفاق، وهو ما يوافقه عليه كل زعماء العالم الذين حضروا إلى قمة شرم الشيخ، وكذلك الزعماء الذين لم يشاركوا، لكنهم عبروا عن موافقتهم على مخرجات هذه القمة.

في ظل الهدوء الحذر على جبهة فلسطين في قطاع غزة تحديداً، تواصل إسرائيل اعتداءاتها يومياً على الضفة الغربية والقدس، فهي تريد أن تفصل مسار غزة عن بقية فلسطين.

وترغب في فتح جبهة جديدة في الضفة الغربية، تجعل العالم يلهث وراء مخططاتها، لإفشال الاعترافات المتتالية بالدولة الفلسطينية، واستئناف مشهد الحرب والتأزيم في الشرق الأوسط بالكامل. إذا كنا نريد زيارة إلى المستقبل الآمن في المنطقة، فيجب أن تكون إسرائيل مدركة أن السلام هو الوحيد الذي يحفظ أمن الجميع، ودون ذلك فإن الحروب ستستمر.

لنأخذ مثالاً على ما تقوم به من تغيير للحدود والخرائط في الجنوب السوري، وهروبها من اتفاق فض الاشتباك الموقع عام 1974 بينها وبين سوريا، وكذلك الأمر في الجنوب اللبناني.

فهي تريد احتلال شريط عميق في الجنوب اللبناني، يمتد إلى نهر الليطاني، أو تتدخل بين القوى اللبنانية المختلفة، بفتنة سياسية تستعيد معها أيام الحرب الأهلية السوداء، فتدخلاتها في الشأن اللبناني لا تخفى على أحد.

وتبدو رسائلها السياسية إلى الشعب اللبناني متضاربة، وتعمل ليل نهار على تصدير الاضطرابات إلى هذا البلد، الذي يعاني منذ أكثر من قرن من حروب واعتداءات خارجية، وحروب أهلية وطائفية.

لا شك أن مستقبل المنطقة لا بد أن ينطلق من تحديد أولويات الشعوب، تلك الأولويات التي تقوم على السلام والاستقرار والتنمية، وكسر هيمنة التوسع والأوهام، عما يسمى إسرائيل الكبرى، فضلاً عن ضرورة منع إسرائيل من فتح جبهات جديدة.

كما أن الاتفاقيات التي يمكن أن توقع تحت الأجواء المتأرجحة في المنطقة لا يمكنها الصمود، ولا تؤدي إلى طريق السلام. إن مستقبل السلام يقوم على ركيزة أولى ووحيدة، وهي أولاً: الاعتراف بدولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.

ثانياً: احترام الحدود، وسيادة الدول على أراضيها، ومنع المغامرات التي تتوهم إسرائيل أنها قادرة على ارتكابها، وقتما تشاء، وكذلك احترام سماوات وبحار هذه الدول.

إن إسرائيل خلال العامين الماضيين أثبتت أنها خارج الشرعية الدولية، وخارج ما نصت عليه اتفاقيات الأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن، فضلاً عن ارتكابها إبادة جماعية في قطاع غزة، ولا بد من أجل مصداقية المجتمع الدولي، أن يلاحق قادتها أمام المحاكم الدولية ((العدل والجنائية))، وإدراك أن أي جريمة لا يمكن الإفلات منها.

ثمة رسالة إلى العالم من مستقبل الشرق الأوسط، مفادها أن المنطقة تعرضت على مدى أكثر من قرن إلى حروب تلد أخرى في سلسلة دامية وطويلة، جعلت منها منطقة رخوة تبدأ وتنتهى فيها المخططات الدولية.

حان الوقت أن تخرج من هذه الدائرة المغلقة بفعل فاعل، والشاهد أن الإقليم العربي ضمن هذه الدائرة، يرغب أولاً في الاستقلال الاجتماعي والثقافي والسياسي دون انغلاق، ثانياً، فإنه يرفض أن يصبح مسرحاً للرماية وتصفية الحسابات والسباق على النفوذ.. لذا، فإن اللحظة مواتية لكي تطوي المنطقة صفحات القرن الدامي، وتكتب صفحات جديدة عنوانها: السلام والاستقرار.

MENAFN31102025000110011019ID1110278336

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.