"بوابة الخليج".. شراكة استراتيجية وصداقة تاريخية بين دول مجلس التعاون والمملكة المتحدة

وفي‭ ‬حين‭ ‬تسعى‭ ‬دول‭ ‬المنطقة‭ ‬لتحقيق‭ ‬أهداف‭ ‬طموحة‭ ‬لتنويع‭ ‬اقتصادها‭ ‬وسط‭ ‬تغيرات‭ ‬في‭ ‬ديناميكية‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية،‭ ‬فإن‭ ‬نقاط‭ ‬القوة‭ ‬التي‭ ‬تتمتع‭ ‬بها‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬التكنولوجيا‭ ‬المالية،‭ ‬والتمويل‭ ‬الأخضر،‭ ‬والتأمين‭ ‬تمنح‭ ‬فرصًا‭ ‬واسعة‭ ‬لتعزيز‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الخدمات‭.‬

وعلى‭ ‬مدار‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عقدين،‭ ‬وصلت‭ ‬العلاقة‭ ‬بين‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬ومملكة‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬لحظة‭ ‬محورية‭ ‬تعكس‭ ‬رغبة‭ ‬المملكتين‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬هذه‭ ‬العلاقة‭. ‬وفي‭ ‬خطوة‭ ‬مهمة،‭ ‬انضمت‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬هذا‭ ‬العام‭ ‬إلى‭ ‬اتفاقية‭ ‬التكامل‭ ‬الأمني‭ ‬والازدهار‭ ‬الشامل‭ ‬بين‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬والبحرين‭ (‬ C ‭-‬ SIPA ‭)‬،‭ ‬للارتقاء‭ ‬بمستوى‭ ‬التعاون‭ ‬الثنائي‭ ‬لتعميق‭ ‬الشراكة‭ ‬الاقتصادية‭.‬

وخلال‭ ‬زيارة‭ ‬صاحب‭ ‬السمو‭ ‬الملكي‭ ‬الأمير‭ ‬سلمان‭ ‬بن‭ ‬حمد‭ ‬آل‭ ‬خليفة‭ ‬في‭ ‬يونيو‭ ‬الماضي‭ ‬للمملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬وقّعت‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬ومملكة‭ ‬البحرين‭ ‬اتفاقية‭ ‬تاريخية‭ ‬‮«‬الشراكة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬للاستثمار‭ ‬والتعاون‮»‬‭ ‬بقيمة‭ ‬2‭ ‬مليار‭ ‬جنيه‭ ‬إسترليني،‭ ‬ما‭ ‬يُضاعف‭ ‬الالتزام‭ ‬السابق‭ ‬البالغ‭ ‬مليار‭ ‬جنيه‭ ‬إسترليني‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2023‭. ‬وتركّز‭ ‬هذه‭ ‬الاتفاقية‭ ‬على‭ ‬قطاعات‭ ‬رئيسية‭ ‬تشمل‭ ‬الخدمات‭ ‬المالية،‭ ‬والطاقة‭ ‬النظيفة،‭ ‬والصناعة،‭ ‬والتكنولوجيا‭.‬

ومن‭ ‬المتوقع‭ ‬أن‭ ‬تستفيد‭ ‬الشركات‭ ‬البريطانية‭ ‬من‭ ‬بيئة‭ ‬الأعمال‭ ‬الديناميكية‭ ‬في‭ ‬البحرين،‭ ‬التي‭ ‬توفر‭ ‬دعمًا‭ ‬متزايدًا‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬الابتكار‭ ‬والإنتاجية‭ ‬والتنمية‭. ‬وتفخر‭ ‬مؤسسة‭ ‬مدينة‭ ‬لندن‭ ‬بكونها‭ ‬إحدى‭ ‬القوى‭ ‬الدافعة‭ ‬وراء‭ ‬هذا‭ ‬الزخم‭ ‬المتجدد،‭ ‬ولهذا‭ ‬السبب‭ ‬أصبحت‭ ‬أول‭ ‬عمدة‭ ‬للحي‭ ‬المالي‭ ‬لمدينة‭ ‬لندن،‭ ‬وهو‭ ‬المنصب‭ ‬الذي‭ ‬يمتد‭ ‬تاريخه‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬800‭ ‬عام،‭ ‬يقوم‭ ‬بزيارة‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬مرتين‭ ‬خلال‭ ‬تولي‭ ‬هذا‭ ‬المنصب‭.‬

اتفاقية‭ ‬مانشن‭ ‬هاوس،‭ ‬التي‭ ‬بادرتُ‭ ‬إلى‭ ‬عقدها‭ ‬بمشاركة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬17‭ ‬جهة‭ ‬من‭ ‬مقدمي‭ ‬خدمات‭ ‬التقاعد،‭ ‬التي‭ ‬التزمت‭ ‬بضخ‭ ‬عشرات‭ ‬المليارات‭ ‬من‭ ‬الجنيهات‭ ‬في‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البريطاني،‭ ‬تفتح‭ ‬آفاقًا‭ ‬واسعة‭ ‬أمام‭ ‬صناديق‭ ‬الثروة‭ ‬السيادية‭ ‬الخليجية‭ ‬والمستثمرين‭ ‬المؤسسيين‭ ‬للتعاون‭ ‬في‭ ‬استثمارات‭ ‬مشتركة‭ ‬داخل‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬وحول‭ ‬العالم‭. ‬وتُعدّ‭ ‬القطاعات‭ ‬البريطانية‭ ‬طويلة‭ ‬الأجل‭ ‬والمستقرة‭ ‬وعالية‭ ‬الإمكانات‭ -‬من‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعي‭ ‬إلى‭ ‬الطاقة‭ ‬المتجددة‭ ‬والبنية‭ ‬التحتية‭- ‬جاهزة‭ ‬للاستثمار‭.‬

تمثل‭ ‬المرحلة‭ ‬التالية‭ ‬من‭ ‬الاتفاقية‭ ‬تحولًا‭ ‬من‭ ‬الالتزام‭ ‬إلى‭ ‬التنفيذ،‭ ‬حيث‭ ‬تتوحد‭ ‬أبرز‭ ‬الجهات‭ ‬الاستثمارية‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬حول‭ ‬رؤية‭ ‬مشتركة‭ ‬واستراتيجية‭ ‬منسقة‭ ‬بالتعاون‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭. ‬وقد‭ ‬تعهّد‭ ‬الموقعون‭ ‬بمنح‭ ‬المدخرين‭ ‬البريطانيين‭ ‬حصة‭ ‬حقيقية‭ ‬في‭ ‬نمو‭ ‬البلاد،‭ ‬مع‭ ‬تحقيق‭ ‬عوائد‭ ‬قوية‭. ‬أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬المستثمرين‭ ‬الخليجيين‭ ‬فتوفر‭ ‬هذه‭ ‬المرحلة‭ ‬فرصًا‭ ‬مثالية‭ ‬للاستثمار‭ ‬المشترك‭ ‬في‭ ‬مشاريع‭ ‬منخفضة‭ ‬المخاطر‭ ‬وعالية‭ ‬الجودة،‭ ‬تحقق‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬المكاسب‭ ‬للطرفين‭.‬

لقد‭ ‬تعاونّا‭ ‬أيضًا‭ ‬مع‭ ‬الحكومة‭ ‬البريطانية‭ ‬لإطلاق‭ ‬خدمة‭ ‬جديدة‭ ‬تُعرف‭ ‬باسم‭ ‬‮«‬الخدمة‭ ‬الخاصة‮»‬‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ ‬مكتب‭ ‬الاستثمار‭: ‬الخدمات‭ ‬المالية‭ (‬ OfI ‭: ‬ FS ‭). ‬وتُعد‭ ‬هذه‭ ‬المنصة‭ ‬الاستراتيجية‭ ‬نقطة‭ ‬اتصال‭ ‬موحدة‭ ‬تقدم‭ ‬دعمًا‭ ‬مخصصًا‭ ‬للمستثمرين‭ ‬الدوليين‭ ‬في‭ ‬قطاع‭ ‬الخدمات‭ ‬المالية،‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬دخول‭ ‬السوق‭ ‬حتى‭ ‬التوسع‭. ‬إنها‭ ‬نموذج‭ ‬موحد‭ ‬يركز‭ ‬على‭ ‬المستثمر،‭ ‬ويعتمد‭ ‬على‭ ‬الحلول‭ ‬الرقمية،‭ ‬ويهدف‭ ‬إلى‭ ‬جذب‭ ‬الاستثمار‭ ‬والحفاظ‭ ‬عليه‭. ‬وبالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬المستثمرين‭ ‬الخليجيين،‭ ‬تمثل‭ ‬هذه‭ ‬الخدمة‭ ‬بوابة‭ ‬استثنائية‭ ‬إلى‭ ‬منظومة‭ ‬عالمية‭ ‬المستوى‭ ‬مصممة‭ ‬للنمو‭ ‬والابتكار‭ ‬والنجاح‭ ‬طويل‭ ‬الأمد‭.‬

‭ ‬نرحب‭ ‬بالمفاوضات‭ ‬الجارية‭ ‬حول‭ ‬اتفاقية‭ ‬التجارة‭ ‬الحرة‭ ‬بين‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬ودول‭ ‬مجلس‭ ‬التعاون‭ ‬الخليجي،‭ ‬التي‭ ‬قد‭ ‬تعزز‭ ‬النمو‭ ‬التجاري‭ ‬بنسبة‭ ‬16 % ‭ ‬وتضيف‭ ‬1‭.‬7‭ ‬مليار‭ ‬جنيه‭ ‬إسترليني‭ ‬إلى‭ ‬الاقتصاد‭ ‬البريطاني‭.‬

الاستثمار‭ ‬الخليجي‭ ‬في‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ -‬وخاصة‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬صناديق‭ ‬الثروة‭ ‬السيادية‭- ‬قد‭ ‬حقق‭ ‬بالفعل‭ ‬فوائد‭ ‬متبادلة،‭ ‬بدءًا‭ ‬من‭ ‬إعادة‭ ‬تطوير‭ ‬المناطق‭ ‬الحضرية‭ ‬في‭ ‬بريطانيا‭ ‬إلى‭ ‬نقل‭ ‬المعرفة‭ ‬عبر‭ ‬دول‭ ‬الخليج،‭ ‬وهذه‭ ‬مجرد‭ ‬البداية‭. ‬هناك‭ ‬مجال‭ ‬واسع‭ ‬لمزيد‭ ‬من‭ ‬الاستثمار‭ ‬والتعاون‭ ‬من‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭ ‬إلى‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬ومن‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬إلى‭ ‬مملكة‭ ‬البحرين‭.‬

في‭ ‬وقت‭ ‬تتجه‭ ‬فيه‭ ‬بعض‭ ‬الدول‭ ‬نحو‭ ‬الانغلاق،‭ ‬يبقى‭ ‬الارتباط‭ ‬بين‭ ‬لندن‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭ -‬من‭ ‬خلال‭ ‬شبكة‭ ‬فريدة‭ ‬تمتد‭ ‬عبر‭ ‬جنوب‭ ‬آسيا‭ ‬وتزداد‭ ‬توسعًا‭ ‬في‭ ‬إفريقيا‭- ‬ركائز‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬النظام‭ ‬المالي‭ ‬العالمي،‭ ‬ملتزمة‭ ‬بالتجارة‭ ‬الحرة‭ ‬والمنفتحة‭.‬

ومع‭ ‬ظهور‭ ‬مجالات‭ ‬جديدة‭ ‬في‭ ‬الخدمات‭ ‬المالية‭ ‬أصبحت‭ ‬جاهزة‭ ‬للتعاون،‭ ‬فإن‭ ‬المملكة‭ ‬المتحدة‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭ ‬تربطهما‭ ‬علاقة‭ ‬عميقة‭ ‬وحيوية‭. ‬لقد‭ ‬حان‭ ‬الوقت‭ ‬للتحلي‭ ‬بالجرأة‭ ‬وانتهاز‭ ‬الفرصة‭. ‬

‭ ‬عمدة‭ ‬الحي‭ ‬المالي‭ ‬لمدينة‭ ‬لندن‭ ‬

MENAFN31102025000055011008ID1110278101