قصة أغنية "إلا أنتِ" لكاظم الساهر

(MENAFN- Al-Bayan) غنى الفنان العراقي كاظم الساهر أغنية ((إلا أنتِ)) من ألحانه وكلمات الشاعر السوري نزار قباني (1923 ــ 1998) والتي يقول مطلعها:

أشهد أن لا امرأة

أتقنت اللعبة إلا أنت

واحتملت حماقتي

عشرة أعوام كما احتملت

ولمعرفة خلفيات هذه الأغنية لا بد من الرجوع إلى الوراء والتعرف إلى حكاية المرأة التي كتب لها الشاعر هذه القصيدة وهي زوجته ومعشوقته الأبدية العراقية بلقيس الراوي (1939 ــ 1981).

تقول الحكاية إن نزار كان يلقي إحدى قصائده سنة 1962 في مهرجان شعري ببغداد، فوقع بصره على فتاة عراقية عشرينية شديدة الجمال، وخفق لها قلبه من أول نظرة، وسرعان ما بحث عن اسمها وعنوانها، فعرف أنها تدعى بلقيس الراوي وأنها فتاة عزباء من سكنة ناحية الأعظمية على نهر دجلة، وأن أصول عائلتها تعود إلى مدينة راوة بمحافظة الأنبار.

وفي اليوم التالي ذهب لخطبتها من أهلها، وخصوصاً أنه كان وقتذاك قد انفصل عن زوجته الأولى (ابنة خاله زهرة أقبيق كريمة عضو مجلس النواب القاضي محمد أقبيق والتي عاش معها من عام 1946 إلى عام 1952)، فلم يوافقوا، ما دفعه إلى حزم حقائبه والعودة خائباً حزيناً إلى مقر عمله الدبلوماسي بالسفارة السورية في مدريد، لكن ما رفع معنوياته هو شعوره بأن بلقيس تبادله الحب، فظل يكاتبها سراً.

بعد مرور سبع سنوات على قصة الحب والهيام بينهما، عاد نزار إلى بغداد للمشاركة في مهرجان المربد الشعري، حيث ألقى قصيدته العصماء عن بغداد والتي ضمنها شيئاً من قصة حبه العظيمة فأنشد:

مرحباً يا عراقُ، جئت أغنيك

وبعـضٌ من الغنـاء بكـاءُ

مرحباً، مرحباً.. أتعرف وجهاً

حفـرته الأيـام والأنـواءُ؟

أكل الحب من حشاشة قلبي

والبقايا تقاسمتـها النسـاء

كل أحبابي القدامى نسـوني

لا نوار تجيـب أو عفـراءُ

عرف العراقيون قصته وتعاطفوا معه، بل وصل خبرها إلى أسماع رئيس العراق آنذاك أحمد حسن البكر (1914 ــ 1982).

ويقال إن الرئيس البكر تدخل شخصياً لإقناع أسرة بلقيس بالموافقة على زواجها من نزار من خلال توسيط وزير الثقافة الشاعر شفيق الكمالي. فتم الزواج سنة 1969، وغادر العروسان بغداد للاستقرار في بيروت، حيث عثرت بلقيس على وظيفة في الملحقية الثقافية بالسفارة العراقية هناك. غير أن هذه الوظيفة كانت وبالاً عليها.

ففي الخامس عشر من ديسمبر عام 1981، وبينما بلقيس تعمل بمكتبها بالسفارة العراقية، وقع انفجار شديد استهدف السفارة وتسبب في مقتل 62 من موظفي وموظفات السفارة، كانت بلقيس إحداهن.

دعونا نقرأ ما قاله الشاعر عن هذه الحادثة المفجعة: ((كنت في مكتبي بشارع الحمراء حين سمعت صوت انفجار زلزلني من الوريد إلى الوريد، ولا أدري كيف نطقت ساعتها (يا ساتر يا رب). بعدها جاء من ينعى إلي الخبر.. السفارة العراقية نسفوها.. قلت بتلقائية (بلقيس راحت).. شظايا الكلمات ما زالت داخل جسدي.. أحسست بأن بلقيس تحتجب عن الحياة إلى الأبد، وتتركني في بيروت ومن حولي بقاياه. كانت بلقيس واحة حياتي وملاذي وهويتي وأقلامي)).

لاحقاً كتب نزار عدة قصائد حزينة جسدت مشاعره وحزنه على توأم روحه، ومنها قصيدة رثاء طويلة لم يكتب قط أطول منها وهي قصيدة ((بلقيس)).

MENAFN29102025000110011019ID1110267747

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

آخر الأخبار