النساء العنيدات في هونغسي باو تحدّين كل المصاعب من أجل النجاح
في هونغسي باو، توجد العديد من النساء العاملات العنيدات، ويطلق عليهن في اللهجة المحليّة "نساء زانجين". أي أنهن نساء يتحليّن بالقوة والجرأة ورفض الاستسلام ويؤمن بقدرتهن على تجاوز الأقدار.
مع حلول الخريف، وبدء موسم حصاد العنب، تنهمك صانعة النبيذ وو شيويونغ في العمل دون كلل أو ملل. وفي ورشة الحد من الفقر تسارع شو هاي شيا الوقت لتعبئة توت الغوجي في صناديق الشحن. وبعيدا في مزرعة زنبق النهار، تقود لي تشيتشياو شقيقاتها في إدارة الحقول استعدادا لموسم حصاد واعد.
معظم هؤلاء النسوة قدِمن من شيهايقو، التي كان ينظر إليها سابقا على أنها أحد أفقر الأماكن في العالم.
في هونغسي باو، استخدم السكان المحليون للمرة الأولى تعبير "نساء زانجين" تكريمًا لامرأة تدعى لي ياومي.
وقد ولدت لي ياومي في محافظة تونغشين التي تبعد أزيد من 90 كم، وهي مكان يعاني الجفاف وشح الأمطار، مما يؤثر على محاصيل الأرز. لكن مع إطلاق برامج الهجرة البيئية وسياسات الحد من الفقر، أبصرت لي ياومي أملا في حياة أفضل، غير أن المرض وحادث السيارة أثقلا كاهلها بديون بلغت 300 ألف يوان.
تدخّلت مجموعة العمل المحلية للحد من الفقر والاتحاد النسائي لتقديم المساعدة العاجلة. وبعد اقتراضها 50 ألف يوان، أنشأت ورشة منزلية لصناعة المكانس من نبات السويركي. وسرعان ما اشتهرت في السوق، وأطلق على النبات اسم "السيقان الذهبية". وفي ربيع 2019، سددت جميع ديونها، واستحقت لقب "المرأة العنيدة" من أهل قريتها عن جدارة.
أما شو هاي شيا، فقد بُترت ساقها اليسرى قبل 25 عاما، وكان عمرها في ذلك الوقت 26 ربيعا. وحينما انتقلت إلى هونغسي باو، كان بحوزتها 3 آلاف يوان فقط. فتعلمت التجميل وتصفيف الشعر من خلال مشاهدة قرص مدمج. لتفتتح أول صالون لتصفيف الشعر في المنطقة. وبفضل مهارتها العالية، ازدهر عملها وأطلقت لاحقا 11 مشروعا تجاريا، وفّرت من خلالها فرص عمل لمئات الأشخاص ذوي الإعاقة، وانتشلت الكثير منهم من براثن الفقر.
في حديقة حاضنات ريادة الأعمال للتجارة الإلكترونية بمركز الخدمات الشاملة للأشخاص ذوي الإعاقة في هونغسي باو، تنوعت أدوار العاملين بين التعبئة والتغليف ووضع العلامات والرد على مكالمات خدمة العملاء.
وفي بث مباشر لمبادرة "وانشياهونغ" للتجارة الإلكترونية، كانت وو شياولان تروّج لمربى الورد المنتج في مزرعتها. ورغم معاناتها من صعوبة المشي، تقول شياولان: "الأخت شو هي من جعلتني أؤمن بأن الأشخاص ذوي الإعاقة قادرون على تحقيق الإنجازات."
وقد ابتكر اتحاد الأشخاص ذوي الإعاقة في منطقة هونغسي باو آلية خاصة لدعم رأس المال الاجتماعي لمركز رعاية ذوي الإعاقة "انسَ همومك"، وأسند إلى شو هاي شيا مسؤولية الإدارة الكاملة للمركز. ومن خلال خدمات الرعاية النهارية والتدريب التأهيلي ودعم التوظيف، وجد أكثر من 160 شخص من ذوي الإعاقة الشديدة موطنا ثانيا لهم في هونغسي باو.
في الخامسة صباحا، تنحني لي تشي تشياو، رئيسة تعاونية "تايانغشان ينغتشياو" الزراعية والغابية في هونغسي باو، لقطف براعم زنبق النهار، ويمكنها لوحدها قطف أكثر من 50 كغ في اليوم. فبعد وفاة زوجها المفاجئة عام 2016، قررت أن تعتمد على نفسها لتكون سندا قويّا لعائلتها.
كانت تايانغشان حينها أرضا قاحلة تعصف بها الرياح، لكن مع تنفيذ مشروع ريّ النهر الأصفر، بدأت أربع محطات لضخ المياه من النهر الأصفر، تتدفق نحو الأراضي القاحلة. ومع هذه المياه، تمسكت لي تشي تشياو بحلمها في زراعة زنبق النهار.
في السنة الأولى من العمل الزراعي، كانت تخرج مع فريقها إلى الحقول عند الثالثة فجرا، وأصابعهم ملطخة برحيق الأزهار، وكان البعض منهم يبكي من شدّة التعب. وكانت هي تشجعهم بقولها: "تذكروا الجفاف في الماضي... أما الآن فمياه النهر الأصفر تصل إلى أطراف الحقول، فهل لايزال هناك مبرر يمنعنا من الكفاح من أجل أحلامنا؟" واليوم، يبلغ الإنتاج السنوي للتعاونية 4 ملايين يوان، ويوفر مورد رزق لأكثر من 400 أسرة. وأصبحت بلدة تايانغشان تُشتهر باسم "مركز إنتاج زنبق النهار النجمي في الصين".
مع حلول الخريف، تمتد مزارع الكروم أسفل جبل لوشان على مساحة آلاف الأفدنة، وتتهيأ الحقول إلى موسم حصاد وفير. وتقول صانعة النبيذ وو شيويونغ التي تكمل عامها العاشر في هونغسي باو: "في الماضي، لم يكن كثير من المزارعين هنا قد تذوقوا العنب أصلا، مابالك بزراعته."
تقع هونغسي باو على خط العرض الرئيسي، مما يجعلها مثالية لزراعة العنب. وقد بدأت وو شيويونغ عملها كمفتشة جودة في مصنع نبيذ، ثم فنية في الورشة، قبل أن تنتقل إلى التخمير المستقل. وفي يونيو 2025، فاز نبيذها بأعلى جائزة في جوائز ديكانتر العالمية للنبيذ.
وخلافًا للمهاجرين القادمين من شيهايغو، جاءت وو شيويونغ من مدينة ينتشوان متحدية التيار. وعندما سُئلت إن كانت نادمة على قرارها، هزت رأسها قائلة إنها مصممة على ألا تفارق جمال الطبيعية.
في موسم حصاد الخريف، يتحول مقهى ليو كيروي الخشبي في قرية هونغدي بهونغسي باو إلى ملتقى لأهالي القرية. حيث يتسامرون ويتبادلون الخبرات على فنجان من الشاي. وقد أصبحت هذه الجلسات غير الرسمية طقسا مألوفًا لـ "نساء هونغسي باو المعززات". وتقول إحداهن: "لكل أخت من أخوات هونغسي باو قصتها ومعاناتها، وتشجيعنا لبعضنا هو مصدر قوتنا
إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.