اليابان قد تشهد أزمة جديدة

(MENAFN- Al-Bayan) يبدو أن ساناي تاكائيتشي المنتخبة حديثاً كأول امرأة تتزعم اليابان في تاريخها، لن تهنأ طويلاً بمنصبها، وستواجهها أزمة سياسية معقدة لن تستطيع حلها إلا بالدعوة إلى انتخابات عامة مبكرة، وهو حل انتحاري قد يُخرج حزبها الديمقراطي الليبرالي الحاكم من السلطة، خصوصاً مع تآكل شعبيته.

نقول هذا على ضوء المفاجأة التي أحدثها ((سايتو تيتسو)) زعيم حزب كوميتو البوذي الصغير بإعلانه عدم تجديد إئتلافه مع الحزب الحاكم. وبهذا فقد الحزب الحاكم أغلبيته البرلمانية وبات عرضة للسقوط في حال تحالف قوى المعارضة ضده في أي تصويت برلماني (يحتاج إلى 25 صوتاً في مجلس النواب و37 صوتاً في مجلس الشيوخ لتحقيق الأغلبية).

والمعروف أن لحزب كوميتو 24 مقعداً في مجلس النواب و21 مقعداً في مجلس الشيوخ، ودخل في إئتلاف مع الحزب الحاكم منذ عام 1999، وكان يؤمّن دوماً الدعم البرلماني اللازم لحكوماته، للحيلولة دون سقوطها، وظل كذلك حتى وقت قريب.

لكن لماذا حدث الانفصال بين الحزب الصغير وحزب اليابان التاريخي الكبير؟ هناك عدة أسباب، منها التغييرات الديموغرافية التي طرأت على جمهور ((كوميتو))، والرغبة في إبعاد نفسه عن فضائح وهزائم الحزب الحاكم، وتذمر أنصاره من تمثيله لدور التابع والباصم على قرارات حكومات الحزب الديمقراطي الليبرالي، وتذمرهم أيضاً من قبوله تقديم الكثير من التنازلات من أجل بقاء الإئتلاف، خصوصاً إبان عهد رئيس الوزراء القوي الراحل ((شينزو آبي)).

هذا ناهيك عما يتردد حول استياء قادة ((كوميتو)) من اعتماد الزعيمة اليابانية الجديدة على دعم رئيس الوزراء الأسبق ما بين 2008 و2009 ((تارو آسو))، الذي وصف ((كوميتو)) في عام 2023 بأنه ورم خبيث في الإئتلاف الحاكم.

وهناك أيضاً أمر آخر استاء منه زعيم ((كوميتو)) وعده طعنة له ولحزبه، وهو مسارعة تاكائيتشي بعد فوزها بفترة وجيزة إلى عقد اجتماع سري مع زعيم ((الحزب الديمقراطي من أجل الشعب)) المعارض ((يويتشيرو تاماكي))، دون مشاورته أو إطلاعه على التفاصيل والأسباب. كما أن أقطاب ((كوميتو)) يعارضون توجهات تاكائيتشي المتشددة ضد الهجرة والعمالة الأجنبية.

والغريب أن قادة ورموز الحزب الحاكم، لم يأخذوا تصريحات سابقة لزعيم حزب كوميتو على محمل الجد، مفترضين أن إئتلافهم معه باقٍ وصامد. والإشارة هنا إلى تصريح لـ ((سايتو تيتسو)) حذر فيه من أن حزبه لن يقبل المشاركة في حكومة تشكلها تاكائيتشي.

والحال أن الحزب الحاكم الذي يملك حالياً 196 مقعداً في مجلس النواب، يعيش على أمل بقائه في السلطة على فرضية أن الخلافات بين أحزاب المعارضة تمنع توحدها في جبهة واحدة لإسقاطه وإخراجه من زعامة البلاد.

والمعروف أن اليابان شهدت في عامي 1993 و1994 تجربة قيام إئتلاف فضفاض متعدد الأحزاب لإخراج الحزب الديمقراطي الليبرالي من الحكم والحلول مكانه، لكن سرعان ما دبت الخلافات بين أطراف الإئتلاف وسقطت حكومتهم، ليعود الحزب الديمقراطي الليبرالي إلى السلطة ويعزز صورته كحزب رائد مهيمن.

غير أن ما لوحظ في المشهد السياسي الياباني الراهن هو أن بعض أحزاب المعارضة ينظر إلى ما يحدث كلحظة تاريخية يجب استغلالها لهزيمة الحزب الحاكم، إذ قام الحزب الديمقراطي من أجل الشعب بتحرك هدفه حشد الدعم لزعيمه يويتشيرو تاماكي الذي أعرب عن رغبته في قيادة البلاد.

وفي هذا الوقت كان الحزب الحاكم يقوم بمحاولات لإقناع بعض نواب المعارضة بدعم زعيمة البلاد الجديدة تاكائيتشي، أو ــ على الأقل ــ الامتناع عن التصويت ضدها في جلسة تثبيتها برلمانياً خلال الأيام المقبلة، وذلك لضمان عدم صعود مرشح آخر.

إن السؤال الذي قد يتبادر إلى الذهن، بعد الاستعراض السابق، هو: لماذا لا يستطيع الحزب الحاكم إيجاد بديل عن حزب كوميتو الصغير مفجر الأزمة؟ وبعبارة أخرى هل يصعب عليه الدخول في إئتلاف مع شريك جديد؟ يقول المراقبون، رداً على السؤال: إن ذلك يبدو، نظرياً، أمراً سهلاً، لكن في الواقع صعب التطبيق.

فحتى الآن لم يبدِ أي حزب معارض استعداده للدخول في إئتلاف مع الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم لأسباب لا تختلف عن تلك التي أدت إلى انسحاب حزب كوميتو، حيث لا يريد أحد أن يفقد سمعته وشعبيته السياسية أو يقيد حركته من أجل بقاء الحزب الحاكم في السلطة وحل أزمته الراهنة.

ونختتم بالقول إن المشهد السياسي في اليابان متقلب، وبالتالي سيشهد تحالفات وصفقات علنية وسرية لا تخطر على البال مثل تراجع حزب كوميتو عن انسحابه، خصوصاً وأن الأخير كيان سياسي ضئيل مثله مثل الحزب الشيوعي الياباني، وبالتالي فهو غير قادر على أن يؤمن لنفسه مقاعد برلمانية كثيرة دون دعم وائتلاف مع الأحزاب الكبيرة في أي انتخابات عامة مقبلة.

MENAFN20102025000110011019ID1110223063

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.