نهر مضفر يتلوى تحت حرارة الكوكب.. ناسا ترصد مشهداً مذهلاً من الفضاء

(MENAFN- Al-Bayan) من على ارتفاعٍ شاهق يتجاوز أربعة آلاف متر فوق مستوى البحر، التقطت الأقمار الصناعية التابعة لوكالة ناسا مشهداً مذهلاً لنهر يارلونغ زانغبو، المعروف بـ"النهر المضفر"، وهو يتلوى ويتبدّل تحت تأثير تغيّر المناخ المتسارع.

ينساب نهر يارلونغ زانغبو عبر هضبة التبت، متعرجاً بين الجبال الجليدية، ليحمل لقب أعلى نهر رئيسي على كوكب الأرض، ويمثل مشهدًا مذهلًا للطبيعة التي لا تعرف الثبات. لكن خلف هذا الجمال المهيب، تحذر صور الأقمار الصناعية من قصة مختلفة - قصة نهر مضفر يتغير شكله بوتيرة متسارعة بفعل تغيّر المناخ.

في عام 2025، التقطت الأقمار الصناعية التابعة لوكالة ناسا صورة مدهشة تُظهر مقطعا معقدا من النهر أثناء تموجه في منطقة زهانانغ، شرق هضبة التبت. المشهد يشبه لوحة فنية من خيوط الماء الملتفة والمتشابكة، لكن العلماء يرونه تحذيرًا واضحًا من اضطراب بيئي متزايد الخطورة.

يُعد نهر يارلونغ زانغبو – الذي يمتد بطول نحو 2000 كيلومتر من منابعه الجليدية حتى شمال الهند – أطول نهر في التبت وخامس أطول نهر في الصين. وفي طريقه، يمر عبر أعمق وادٍ في العالم، يُعرف باسم يارلونغ تسانغبو جراند كانيون، والذي يزيد عمقه عن 6000 متر، أي ما يعادل ثلاثة أضعاف عمق جراند كانيون الأمريكي.

هذا النهر ليس كسائر الأنهار؛ فهو من نوع "الأنهار المضفّرة"، حيث تتفرع مياهه إلى شبكة من القنوات المتداخلة التي تتغير باستمرار، فتتشكل الأشرطة الرملية وتختفي ثم تعود من جديد، في مشهد دائم التحول يصعب على النبات أو الحياة أن تستقر فيه. في بعض المناطق، يمكن أن تصل هذه القنوات إلى عشرين مجرى مائيًّا في آنٍ واحد، وفقًا لما أوضح الجيولوجي زولتان سيلفستر من جامعة تكساس في أوستن.


ويُرجع العلماء هذا التغيّر المستمر إلى الرواسب الضخمة القادمة من جبال الهيمالايا المجاورة، والتي تجرفها المياه إلى مجرى النهر فتُعيد تشكيله عامًا بعد عام. وتُظهر صور الأقمار الصناعية الممتدة بين عامي 1988 و2025 – التي جُمعت من أقمار Landsat 5 و8 و9 – كيف أن تضاريس النهر تبدلت بشكلٍ مذهل، حتى أصبح من الصعب التنبؤ بمساره الدقيق من عام إلى آخر.

في عام 2014، بُني جسر ضيق فوق المجرى المتقلب، ويمكن تمييزه في الصور كخط رفيع يكاد يختفي بين خيوط المياه المتشابكة. ومع ذلك، يُخشى أن يصبح هذا الجسر وغيره من البنى التحتية عرضة للخطر إذا استمر تغير النهر بهذه السرعة.

ينبع يارلونغ زانغبو من نهر أنغسي الجليدي، الذي كان مصدرًا للجدل العلمي حتى عام 2011 حين تأكد رسميًا أنه المنبع الحقيقي للنهر، وليس نهر تشيمايونغدونغ المجاور كما كان يُعتقد سابقًا. لكن هذا النهر الجليدي – مثل كثير من جليد الهيمالايا – يفقد كميات هائلة من مياهه بسبب ذوبان الجليد الناتج عن ارتفاع درجات الحرارة العالمية، وفقا لموقع " livescience".

وبحسب دراسة حديثة أُجريت عام 2024، فإن زيادة ترسيب الرواسب في أنهار التبت، ومنها يارلونغ زانغبو، تزيد خطر التعرية وانهيار الضفاف، مهددة النظم البيئية والبنية التحتية واستقرار المناظر الطبيعية في المنطقة.

وعندما يغادر النهر الأراضي الصينية، يعبر الحدود إلى الهند، حيث يتحد مع نهر براهمابوترا ويواصل رحلته لأكثر من 2900 كيلومتر إضافية قبل أن يصب في دلتا نهر الجانج متجهًا إلى المحيط الهندي، حاملاً معه قصة طويلة من الجليد والماء والتحوّل المستمر.

نهر يارلونغ زانغبو ليس مجرد مجرى مائي، بل شاهد حيّ على صراع الأرض مع التغير المناخي، وعلى كيف يمكن أن تتحول أجمل المناظر الطبيعية إلى إنذار واضح يطل من قلب التبت نحو مستقبلٍ مائي غامض.

MENAFN16102025000110011019ID1110204766

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.