
الاستقلال الاستراتيجي لماذا؟
هذه المنافع التي عادة ما تقدمها الدولة المهيمنة ضرورة لإدارة العالم. هناك قضايا مثل تأمين الملاحة البحرية أو القضايا المالية الدولية أو العملة المستخدمة في التبادل التجاري وما هنالك من منظومات دولية تدير العلاقات الدولية والنظام الدولي.
بالعموم تسعى الدول إلى تحقيق استقلاليتها، لكن لأسباب فقدان عناصر القوة من وسائل الاتصال والقوة الاقتصادية والحضور الدبلوماسي والإمكانات العسكرية، فإن الدول تفقد كثيراً من استقلاليتها، وتضطر إلى مجاراة الواقع الدولي وتراتبية مواقع الدول فيه: فهناك دول كبرى مثل الولايات المتحدة والصين، وهناك دول عظمى مثل فرنسا وبريطانيا وروسيا، وهناك قوى إقليمية مثل الهند ومصر والسعودية. هذه البنية الدولية تعمل كقيد على سلوك الدول على الساحة الدولية.
تسعى كل الدول إلى تحسين مستواها في سلم القوة العالمية لسببين: الأول ردع الخصوم وجذب الحلفاء، ولا شك أن عملية رفع مستوى القوة لأي دولة مسألة تتطلب جهداً كبيراً وزمناً طويلاً. وكثير من الدول لا تستطيع الحفاظ على سيادة أراضيها ناهيك عن تعظيم نفوذها على مستوى الإقليم.
السبب الثاني الذي يدفع القوى الإقليمية لتحسين مستوى قوتها، هو تحقيق استقلال استراتيجي لاتخاذ قرارات تتعلق بمصالحها الوطنية دون الالتفات إلى تبعات هذه القرارات أو الاعتماد على قدرات الآخرين. وكما جاء في أحد المصادر فإن الاستقلال الاستراتيجي يتجلى في ((الحفاظ على درجة معينة من الاستقلال في صنع القرار في إطار مساعي هذه القوى لتخطي التحديات الاقتصادية والدبلوماسية والأمنية. ويتمثل جوهر الاستقلال الاستراتيجي بامتلاك الخيارات والحرية للمناورة في وضع استراتيجية كبرى)).
بلا شك يسعى الاتحاد الأوروبي إلى التحرر في علاقته الأطلنطية من ربقة الولايات المتحدة، خصوصاً بعد وصول الرئيس ترامب إلى السلطة، والذي رأى في الأوروبيين عبئاً على ميزانيات الدفاع الأمريكية. وكانت فرنسا منذ عهد الزعيم شارل ديغول تحاول النأي بنفسها عن التحالف الأطلنطي وتكوين قوة ذاتية، وكان ديغول ينظر بريبة إلى العلاقات المتنامية عبر الأطلسي بين بريطانيا والولايات المتحدة.
وقد سعى الرئيس إيمانويل ماكرون لاستعادة هذا الاستقلال الاستراتيجي في عهدتيه الأولى والثانية، وقد صرح ماكرون ذات مرة أن حلف الناتو أصبح ميتاً دماغياً وأن على أوروبا أن تعتمد على ذاتها، بل إنه دعا صراحة إلى تشكيل قطب ثالث كلاعب رئيس بين الولايات المتحدة والصين.
وقد عزز هذا التوجه في أوروبا بعد الحرب الروسية-الأوكرانية والتي أوضحت أنها منكشفة وأن اعتمادها على الولايات المتحدة نقطة ضعف في علاقاتها الخارجية، وقد افتضح هذا الانكشاف سريعاً عندما وصل ترامب إلى سدة الحكم العام الحالي، حيث راوغ في دعمه لأوكرانيا، ما أضعف أوراق أوروبا تجاه روسيا والتي يراها الأوروبيون خطراً داهماً؛ وأن الزعيم الروسي، فلاديمير بوتين، يسعى حثيثاً لاستعادة الإمبراطورية الروسية وأمجاد الاتحاد السوفييتي سابقاً.
العالم يمر بمخاض كبير، والجميع يحاول أن يجد له مكاناً في هذا العالم. بعض الدول تحتمي بالدول الكبرى، وبعض الدول تتحوط باللعب على توازنات دولية عدة. هناك فرص عديدة لدول المنطقة لتحسين وضعها إذا ما تكاتفت. حالة عدم اليقين التي يمر بها العالم يخلق فرصاً، ولكن عدم اليقين يفضل من استعد له.
إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.
الأخبار الأكثر تداولاً
بريطانيا تحاكم العشرات بتهمة دعم منظمة مؤيدة لفلسطين...
على "حماس" الانضمام فوراً للمنظمة...
فريقا اتحاد الرمثا ودوقرة يتصدران دوري الدرجة الأولى لكرة القدم...
أرباح إريكسون تقفز 191% في الربع الثالث...
الفراية: الحكومة تعتزم زيادة مخصصات المراكز الحدودية العام المقبل...
فصل مبرمج للتيار الكهربائي عن مناطق في بني كنانة الأحد...