
صور مذهلة.. كيف تحطّم المضادات الحيوية درع البكتيريا القاتلة؟
فقد نجح فريق بحثي من جامعة لندن (UCL) وإمبريال كوليدج لندن في كشف أسرار مجموعة قوية من المضادات الحيوية تُعرف باسم البوليميكسينات – تلك التي تُستخدم كملاذ أخير ضد العدوى المقاومة للأدوية – وكيف تُجبر البكتيريا على تفكيك درعها الواقي بيدها حتى تنهار وتموت.
الدراسة التي نُشرت في مجلة "نيتشر ميكروبيولوجي" تمثل إنجازا علميا لافتا في فهم طريقة عمل هذه المضادات النادرة، وقد تفتح الطريق لتطوير استراتيجيات جديدة تُعيد فعالية الأدوية أمام البكتيريا العنيدة التي أصبحت تهديدًا عالميًا، تتسبب سنويًا في أكثر من مليون وفاة حول العالم.
كيف تُدمّر البوليميكسينات دفاعات البكتيريا؟
تُعدّ البكتيريا سالبة الجرام من أخطر الميكروبات على الكوكب، إذ تمتلك غشاءً خارجيا متينا يعمل كدرع يحميها من معظم أنواع المضادات الحيوية.
لكن العلماء، باستخدام تقنيات تصوير فريدة من نوعها، رصدوا كيف تقوم البوليميكسينات – وعلى رأسها بوليميكسين ب – بإحداث انتفاخات وتمزقات على سطح خلايا الإشريكية القولونية في غضون دقائق فقط.
ومع اشتداد الهجوم، تُجبر البكتيريا على إنتاج مفرط لمكونات درعها الواقي، لتنهار في النهاية تحت ضغطها الذاتي، وتُفتح فجوات صغيرة تُمكّن المضاد الحيوي من التسلل إلى داخل الخلية وقتلها.
يصف الباحثون المشهد بأنه "كأن الخلية تبني جدارها بسرعة مدمّرة حتى ينهار فوقها".
الخلايا النائمة... الحيلة القاتلة للبقاء
لكن المفاجأة التي قلبت المفاهيم العلمية رأسا على عقب كانت أن البوليميكسينات لا تقتل البكتيريا الخاملة.
فقد اكتشف العلماء أن هذه الأدوية لا تعمل إلا عندما تكون الخلايا نشطة وتنتج درعها الواقي، بينما تظل الخلايا "النائمة" في مأمن من الهجوم – ما يُفسر سبب عودة العدوى بعد العلاج في بعض الحالات، وفقا لـ "livescience".
يقول الدكتور أندرو إدواردز من إمبريال كوليدج لندن: "لطالما افترضنا أن المضادات الحيوية التي تستهدف جدار البكتيريا قادرة على قتلها في أي حال، لكننا وجدنا أنها تحتاج إلى مساعدة البكتيريا نفسها كي تعمل. إذا دخلت الخلايا في سبات، فإن الأدوية تفقد مفعولها تمامًا – وهو أمر مدهش بالفعل".
هذه القدرة على الدخول في حالة خمول طويلة الأمد تتيح للبكتيريا النجاة في بيئات قاسية بلا غذاء، ثم تعود للنشاط لاحقًا لتسبب التهابات متكررة – وهو كابوس للأطباء والمرضى على حد سواء.
نحو جيل جديد من المضادات
من خلال هذا الفهم الجديد، يرى العلماء أن الحل ربما يكمن في استفزاز البكتيريا النائمة لتنشيطها قبل العلاج، حتى تصبح عرضة للهجوم.
يقول البروفيسور بارت هوجينبوم من مركز لندن لتكنولوجيا النانو في جامعة لندن: "الخطوة التالية هي استغلال هذه النتائج لزيادة فعالية المضادات الحيوية. ربما يكون الحل في الجمع بين البوليميكسين وعلاج آخر يُحفّز البكتيريا على النشاط، مما يسمح بالقضاء عليها بالكامل".
وأكد أن هذه النتائج تذكّر العلماء بأهمية دراسة حالة البكتيريا أثناء التجارب الدوائية، وليس التركيز فقط على التركيب الكيميائي للمضادات.
تصوير على مستوى الذرة
لتحقيق هذه النتائج، استخدم الباحثون مجهر القوة الذرية – أداة فائقة الدقة تمرر إبرة لا يتجاوز عرضها بضعة نانومترات فوق سطح الخلية لتكوين صورة ثلاثية الأبعاد بتفاصيل تفوق ما يمكن رؤيته بالضوء.
تقول الباحثة كارولينا بوريلي، طالبة الدكتوراه والمشاركة في الدراسة: "كان مذهلًا أن نرى تأثير المضاد الحيوي في الوقت الفعلي. بدا الأمر كما لو أن الخلية تُجبر على بناء درعها بسرعة لدرجة أنه يتمزق من تلقاء نفسه، مما يسمح للمضاد الحيوي بالتسلل وتدميرها".
السكر
في تجربة أخرى، لاحظ الفريق أن إضافة السكر كمصدر غذائي إلى الخلايا الخاملة جعلها تعود للنشاط خلال 15 دقيقة فقط، لتُصبح فجأة عرضة للموت بالبوليميكسين ب.
أما البكتيريا التي لم تتغذَّ، فبقيت ساكنة ومحصّنة ضد العلاج.
قال الدكتور إد دوغلاس، أحد مؤلفي الدراسة من إمبريال كوليدج:"ما إن بدأت البكتيريا في استهلاك السكر، حتى شاهدنا الطبقة الخارجية تتشقق وتنهار بسرعة مدهشة. عندها فقط فهمنا آلية المعركة كاملة".
خطوة نحو مستقبل بلا عدوى مقاومة
يقول البروفيسور بويان بونيف من جامعة نوتنغهام إن التعاون بين الجامعات البريطانية مكّن العلماء من فهم "نقاط الضعف الحقيقية للبكتيريا" للمرة الأولى.
هذه الرؤى قد تمهد لتطوير مضادات جديدة أكثر ذكاءً، لا تهاجم فقط البكتيريا النشطة، بل تستهدف أيضًا آليات خمولها وبقائها.
إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.
الأخبار الأكثر تداولاً
شاهد.. لم يرسم لوحاته بل قام بحياكتها!...
ثورة في الإضاءة.. مصباح فائق الرقة يحاكي ضوء الشمس الطبيعي...
تجارب الذكاء الاصطناعي تتصدر المشهد في جيتكس جلوبال 2025...
الشهادات الهندسية تحتل مكانة عالية في قائمة أولويات الطلاب في الإمارات...