42 % من عمالة الغذاء الأمريكي مُستنزفون بسبب ترامب.. هل كان الهدف هو الإضرار بالمزارع؟

(MENAFN- Al-Bayan) تتجاوز السياسات الكبرى أحياناً ضجيج التصريحات لتستقر حقائقها في الوثائق البيروقراطية الهادئة. وفي خطوة كشفت عن تناقض صارخ في قلب الإدارة الأمريكية، أصدرت وزارة العمل التابعة للرئيس السابق دونالد ترامب تحذيراً صريحاً في صمت عبر ملف رسمي قدمته في السجل الفيدرالي بتاريخ 2 أكتوبر2025 .

جاء هذا التحذير ضمن شرح لقاعدة جديدة تهدف لخفض الأجور في إطار برنامج تأشيرة H-2A المخصص للعمالة الزراعية المؤقتة. الملف، الذي انفردت بنشره مجلة "الأمريكان بروسبكت" (American Prospect)، أقرّ بجرأة بأن الحملة الصارمة للرئيس على الهجرة تُشكل خطراً جسيماً على سلاسل الإمداد الغذائي في البلاد، معترفاً بأنها تُهدد بـ "نقص في إمدادات الغذاء ناتج عن صدمة العرض" (supply shock-induced food shortages) وارتفاع حتمي في الأسعار.

هذا الاعتراف لم يكن مفاجئاً لقطاع الزراعة الذي كان يضغط باستمرار ضد قيود الهجرة، لكنه وفر لهم دليلاً حكومياً قوياً يدعم مخاوفهم.

وأضافت الوزارة أن نقص العمالة، سواء كانت موثقة أو غير موثقة، "يؤدي إلى اضطرابات كبيرة في تكاليف الإنتاج ويهدد استقرار إنتاج الغذاء المحلي والأسعار بالنسبة للمستهلكين الأمريكيين."

هذا التقرير، الذي ظهر في توقيت حرج تزامن مع ذروة موسم الحصاد وتصاعد الحرب التجارية التي أدت لتوقف الصين عن شراء فول الصويا الأمريكي، ضاعف الضغوط على المزارعين، جاعلاً مشكلة نقص العمالة تهديداً وجودياً يضاف إلى تحديات التصدير.

وقد استشهدت الوزارة بدراسات تثبت أن حتى انخفاض بنسبة 10% في القوى العاملة الزراعية يمكن أن يؤدي إلى انخفاض بنسبة 4.2% في إنتاج الفاكهة والخضروات وانخفاض بنسبة 5.5%في إيرادات المزارع.

ووفقاً لتقارير المجموعات الصناعية الكبرى، مثل المكتب الأمريكي للمزارع (American Farm Bureau)، فإن هذه الخسائر هي خسائر مُحققة وليست مجرد توقعات، حيث دفعت القيود المزارعين بالفعل إلى التحول إلى المحاصيل الميكانيكية الأقل ربحية أو التخلي عن أجزاء من حقولهم لعدم توفر الأيدي العاملة لجمعها.

ويكشف الملف بشكل حاسم عن التناقض بين الخطاب السياسي والواقع الميداني، فبينما كانت وزيرة الزراعة آنذاك، بروك رولينز، تتعهد بأن القوى العاملة الزراعية ستصبح "أمريكية 100%

كما أقرّت وزارة العمل بأن ذلك مستحيل، حيث صرحت في ملفها بأنها: "لا تعتقد أن العمال الأمريكيين العاطلين عن العمل حاليًا أو العاملين بشكل هامشي سيجعلون أنفسهم متاحين بسهولة بأعداد كافية ليحلوا محل الأعداد الكبيرة من الأجانب.

وتؤكد الوزارة أن تجربتها مع برنامج تأشيرة H-2A تُظهر "نقصًا مستمرًا ومنهجيًا" في العمال الأمريكيين المهتمين بهذا النوع من العمل. هذا النقص يعرض قطاعاً يعتمد فيه على العمالة المولودة في الخارج بنسبة تصل إلى 38% في قطاعات الزراعة وصيد الأسماك والبالغ 42% من عمال المحاصيل، لخطر الزوال أو عدم الدخول إلى البلاد بسبب الاحتمال المتصور لإبعادهم بناءً على وضعهم غير القانوني.

على الرغم من هذا التحذير القاطع، الذي جاء وسط تباطؤ في سوق العمل الإجمالي بسبب ارتفاع التكاليف وعدم اليقين الناتج عن نظام التعريفات الجمركية الذي فرضه ترامب، إلا أن مسؤولاً كبيراً في الإدارة أخبر صحيفة الواشنطن بوست أن الرئيس كان "يعزز القوى العاملة" بينما "يطبق القانون".

هذا التباين يؤكد الضغط الهائل الذي كان يواجهه البيت الأبيض من قطاعي الزراعة والضيافة. وقد كانت محاولة وزارة العمل لخفض الأجور بموجب قاعدة H-2A مثيرة للجدل، حيث رأت جماعات حماية العمال أن تبرير خفض الأجور بالتهديد بنقص الغذاء هو محاولة لـ التلاعب القانوني لتخفيض تكاليف المزارعين على حساب حقوق العمال الأجانب والمحليين، في خطوة لتخفيف التكاليف بدلاً من معالجة جذر مشكلة الهجرة نفسها.

هذا التناقض يضع السياسة في مواجهة الاقتصاد بشكل مباشر، ويزيد من الجدل حول الأهداف الحقيقية لحملة الهجرة.

MENAFN12102025000110011019ID1110184652

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.