بطارية ذاتية الإصلاح تضاعف عمر السيارات الكهربائية والهواتف الذكية

(MENAFN- Al-Bayan) لطالما شكلت البطاريات قلب الأجهزة الحديثة، من الهواتف الذكية إلى السيارات الكهربائية والطائرات، لكنها تعاني من قيود واضحة وهي نفاد الطاقة بسرعة، تراجع الأداء مع الاستخدام المتكرر، ومخاطر السلامة المرتبطة بالتسرب أو الاحتراق.

حتى البطاريات المتقدمة اليوم، مثل بطاريات الليثيوم أيون، تواجه صعوبات في تخزين طاقة كافية لفترات طويلة، مما يحد من استقلالية الأجهزة ويزيد الحاجة لإعادة الشحن المتكرر، كما أن البطاريات الصلبة التقليدية، على الرغم من قدرتها على تخزين طاقة أكبر، تتطلب ضغطاً عالياً للحفاظ على استقرار طبقاتها، ما يعيق الإنتاج التجاري ويزيد التكلفة.

في ظل هذه التحديات، يسعى العلماء حول العالم لإيجاد حلول تتيح بطاريات أكثر أماناً، أطول عمراً، وأكثر كفاءة، بحيث يمكن للأجهزة الحديثة العمل لفترات أطول دون انقطاع، مع الحفاظ على الأداء والسلامة على المدى الطويل.

اختراع صيني يغير قواعد اللعبة

وحقق فريق من الأكاديمية الصينية للعلوم تقدما علميا قد يغير مستقبل تخزين الطاقة، إذ أعلن عن تطوير بطارية ليثيوم صلبة جديدة ذات واجهة قادرة على الإصلاح الذاتي، ما قد يسمح للسيارات الكهربائية والطائرات والهواتف الذكية بالعمل لفترات أطول تصل إلى ثلاثة أضعاف الحالية بشحنة واحدة.

الابتكار يعالج أحد التحديات القديمة في صناعة بطاريات الحالة الصلبة، إذ تعتمد التصميمات التقليدية على ضغط خارجي عالٍ للحفاظ على استقرار الطبقات، مما يزيد التكلفة ويعوق الإنتاج التجاري. لكن التصميم الجديد يحل هذه المشكلة عبر آلية تشبه "الختم السائل"، تملأ تلقائيًا الفجوات الصغيرة داخل البطارية دون الحاجة لأي ضغط خارجي.

كيف تعمل البطارية الجديدة؟

تختلف بطاريات الحالة الصلبة عن بطاريات الليثيوم أيون التقليدية، فهي تستخدم مادة صلبة لنقل الشحنة بدلاً من الإلكتروليت السائل القابل للاشتعال. هذا لا يقلل فقط من مخاطر التسرب أو الحريق، بل يسمح باستخدام الليثيوم النقي، الذي يمكنه تخزين طاقة أكبر بمقدار مرتين إلى ثلاث مرات مقارنة بالبطاريات الحالية.

لكن المشكلة الرئيسة لطالما كانت انفصال الطبقات الصلبة مع الاستخدام نتيجة تمدد وانكماش المواد أثناء الشحن، مما يقلص عمر البطارية ويؤثر على أدائها. ولحل هذه المشكلة، أضاف الفريق الصيني أيونات اليود إلى الإلكتروليت الصلب. عند تشغيل البطارية، تنتقل هذه الأيونات إلى سطح الفصل بين القطب الكهربائي والإلكتروليت، لتشكل طبقة رقيقة غنية باليود تجذب أيونات الليثيوم، وتملأ تلقائيًا الشقوق والمسام الدقيقة، ما يمنح البطارية واجهة ذاتية الشفاء تحافظ على ترابط الطبقات دون ضغط خارجي.

خطوة نحو الاستخدام التجاري

قال تشونشينغ وانج، خبير بطاريات الحالة الصلبة بجامعة ميريلاند، إن هذا النهج يمثل "خطوة حاسمة نحو تطبيق عملي واسع لبطاريات الحالة الصلبة"، مشيرًا إلى أن التصميمات التقليدية تحتاج إلى ضغط يزيد على خمسة ميغا باسكال، أي ما يعادل نحو 50 ضغطًا جويًا، للبقاء مستقرة. وأضاف أن الابتكار الجديد غيّر هذا الوضع بشكل جذري.

اختبارات الفريق أظهرت أن البطاريات المبنية بهذه التقنية حافظت على أداء ثابت بعد مئات دورات الشحن والتفريغ، كما أن عملية التصنيع أسهل وتستهلك مواد أقل، ما يمهد الطريق لإنتاج ضخم وأكثر متانة، وفق موقع Interesting Engineering.

تأثير محتمل على المستقبل

إذا نجحت التقنية في التطوير التجاري، فقد تحدث ثورة في تخزين الطاقة. كثافة الطاقة العالية تعني أن الهواتف الذكية قد تعمل لأيام دون إعادة شحن، وأن المركبات الكهربائية والطائرات قد تقطع مسافات أكبر بمعدل ضعفين إلى ثلاثة أضعاف مقارنة بالبطاريات الحالية.

على الرغم من أن الاهتمام بالإلكتروليتات الحالة الصلبة يعود إلى سبعينيات القرن العشرين، فإن التقدم الفعلي بدأ مع ظهور مواد سيراميكية جديدة وطرق تصنيع متقدمة. اليوم، تدخل شركات السيارات الكبرى ومؤسسات البحث في الصين والولايات المتحدة واليابان في سباق عالمي لجعل هذه البطاريات مستقرة وجاهزة للسوق.

ومع ذلك، يحذر الباحثون من أن التقنية لا تزال في مراحلها المبكرة، وأن البطاريات الكبيرة تحتاج إلى مزيد من الاختبارات لضمان تحملها لآلاف دورات الشحن. لكن التصميم القادر على الشفاء الذاتي يمثل "نقلة نوعية" قد تسرع من طرح بطاريات الليثيوم الحالة الصلبة على نطاق واسع.

ونشرت الدراسة في مجلة Nature Sustainability لتضع حجر الأساس لما قد يكون ثورة جديدة في عالم الطاقة المستقبلية.

MENAFN11102025000110011019ID1110182293

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.