44 مليار دولار في خطر.. شطب البرغر النباتيهل يعكس صراعاً أوروبياً بين التقليد والابتكار؟

(MENAFN- Al-Bayan) صوَّت البرلمان الأوروبي اليوم الأربعاء، بأغلبية 355 صوتاً مقابل 247 صوتاً، لصالح حظر استخدام مصطلحات اللحوم مثل "برغر نباتي" و"شنيتسل الصويا" لوصف المنتجات النباتية، في تحوّل جذري عن توجهاته السابقة، حيث كان المشرعون قد صوَّتوا في عام 2020 ضد مقترح مماثل.

هذا القرار الذي ينتظر موافقة الدول الأعضاء، جاء استجابة لضغوط قطاع الزراعة التقليدي ممثلاً بـ "كوبا-كوغيكا"، التى تعد أكبر و أقوى منظمة ضغط تمثل المصالح الزراعية والتعاونيات الزراعية في الاتحاد الأوروبي، ومقرها بروكسل، والتى أكدت ضرورة حصر مصطلحات "شريحة اللحم" والنقانق" وحتى "صفار البيض" و"بياض البيض" على المنتجات الحيوانية فقط، بحجة "حماية نزاهة المنتج".

وقد علق جيروم سوتريل، الأمين العام للاتحاد الأوروبي لتجارة اللحوم، بأن هذا الحظر "ضروري لحماية الشفافية مع المستهلكين وضمان تكافؤ الفرص للمنتجين الأصليين"، مستنداً إلى أن اللائحة تهدف أساساً إلى منح المزارعين وضعاً تفاوضياً أقوى.

ويؤكد هذا التصويت تفوق اللوبي الزراعي، على الرغم من أن الأرقام الرسمية الصادرة عن "يوروستات" تشير إلى أن الزراعة تساهم بحوالي 1.1% فقط من إجمالي الناتج المحلي للاتحاد، لكنها توظف ما يقرب من 22 مليون شخص.

في المقابل، قوبل القرار بمعارضة شديدة من قطاع الأغذية النباتية ومنظمات حماية المستهلك، فقد وصفته جمعيات مثل "برو فيج أوروبا" (ProVeg International) بأنه محاولة واضحة لـ "الحمائية التجارية" تهدف إلى خنق النمو الهائل في هذا القطاع.

وتُظهر الإحصائيات الاقتصادية العالمية مدى حيوية هذا السوق؛ فمن المتوقع أن يصل إلى 44,181.9 مليون دولار أمريكي بحلول عام 2035، مما يعكس معدل نمو سنوي مركب يبلغ 12%، وفقاً لتقرير "فيوتشر ماركت إنسايتس" (Future Market Insights).

هذا النمو مدفوع بتزايد وعي المستهلكين بالمخاطر الصحية والبيئية. وتُظهر بيانات السوق الأوروبية أن قطاع الأغذية النباتية في أوروبا نما بمعدل مركب تجاوز 25% بين عامي 2018 و2020.

يتجاوز الجدل حدود التسمية ليلامس الأهداف البيئية الكبرى للاتحاد الأوروبي، فالأهداف المعلنة لـ "الصفقة الخضراء الأوروبية" (European Green Deal) تتطلب تحولاً جذرياً في النظم الغذائية لتقليل البصمة الكربونية.

وبما أن الإنتاج الحيواني مسؤول عن ما يقرب من 10% من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة للاتحاد الأوروبي، وفقاً لتقارير وكالة البيئة الأوروبية (EEA)، فإن تقييد تسويق البدائل النباتية يعتبر خطوة معاكسة.

وقد أكدت الدكتورة كورتني شوك، خبيرة في سلوك المستهلك بجامعة لوفان، في أبحاثها، أن "70% من المستهلكين الأوروبيين يميزون بسهولة بين المنتجات النباتية واللحوم التقليدية"، مما يدحض حجة الالتباس. كما أن التركيز على الاستدامة هو محرك عالمي؛ حيث تستحوذ بدائل اللحوم على 47.8% من حصة السوق النباتية، ويُعدُّ قطاع البازلاء أكثر المصادر استخداماً بحصة 35.6%.

ويشير هذا التصويت، الذي جرى الأربعاء 8 أكتوبر 2025، إلى أن مخاوف الاستقرار الاقتصادي والسياسي للقطاع الزراعي التقليدي لا تزال تفوق الالتزامات المناخية طويلة الأجل.

وقد علق الدكتور فيليب شميدت، أستاذ السياسة الزراعية في جامعة برلين، بأن هذا القرار يُظهر أن "مخاوف الاستقرار الاقتصادي والسياسي للقطاع الزراعي التقليدي لا تزال تفوق في اللحظة الحاسمة الالتزامات البعيدة المدى تجاه المناخ والابتكار".

هذا التذبذب في الموقف يُرسخ قاعدة سابقة عرف بها الاتحاد الأوروبي منتجات الألبان كـ "منتجات تُفرزها الغدد الثديية"، مما جعل ما كان يمكن أن يُطلق عليه "حليب الشوفان" يُشار إليه باسم "مشروب الشوفان" بدلاً من ذلك.

وتُظهر أنماط الاستهلاك العالمي تبايناً واسعاً، حيث تستعد سوق الأغذية النباتية في الولايات المتحدة الأمريكية للنمو بأسرع معدل سنوي مركب يصل إلى 12.6%، بينما يتركز الاستهلاك في دول أخرى على أشكال محددة مثل الأطعمة المبردة في المملكة المتحدة.

و سيتم تحديده بعد مفاوضات بين ممثلي البرلمان وحكومات الاتحاد الأوروبي والمفوضية، وبينما قد ينجح هذا القرار في توفير حماية رمزية لقطاع اللحوم، فإنه لن يوقف النمو المتسارع لسوق البدائل المدفوع بعوامل بنيوية عالمية قوية تتجاوز حدود التسمية، حيث تلعب اعتبارات الصحة ورفاهية الحيوان دوراً محورياً في توسع السوق.

سيبقى التحدي قائماً أمام الدول الأعضاء التي يجب أن تتخذ قرارها النهائي؛ وهي مُلزمة بالموازنة بين حماية المزارعين التقليديين من جهة، ودعم النمو الاقتصادي المتزايد للبدائل النباتية والتزامات الاتحاد الأوروبي المناخية من جهة أخرى، في معركة مستمرة لإعادة تعريف النظام الغذائي الأوروبي.

MENAFN08102025000110011019ID1110169258

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.