
وصال أبو عليا.. صوت فلسطين الشعري يصدح في مهرجان ثقافي بروما
بدأت أبو عليا مداخلتها بتعريف نفسها للجمهور قائلة: "جئتكم من رام الله، وأنا من مواليد القدس المحتلة، عاصمة دولة فلسطين.. جئت أكتب عن فلسطين ولأجلها، فالكلمة قاعة محكمة، وهي قاضٍ، وهي مطرقة للنطق بالحكم لمحاكمةِ الاحتلال". بهذه الكلمات فتحت وصال نافذة واسعة على عالمها الشعري، لتقدّم مختارات من قصائدها.
توقفت أبو عليا عند قصيدتها اللافتة "قبل القيامة"، التي بدت أقرب إلى نشيد وجودي عن العودة والهوية، حيث قالت فيها:
"قبلَ القيامة
تذكرةُ العودة التي علقت في وعيِنا،
كانت بمثابةِ إصبعين
يرفعانِ اللغةَ؛ حتى لا تنكسر،
في أجسادٍ تحتفظُ بجلدِها منذ مئة عام..."
كلماتها رسمت صورًا شعرية مكثفة عن الاغتراب والتمسك بالأرض في آن، لتختم بعبارةٍ ظلّت تتردد في القاعة: "وقبل القيامة: لا مكان لنا سوانا"، فيما بدت العيون شاخصة إلى المنصة، تستمع بإنصاتٍ عميق وترتجف مع الصور التي حملت وجع الحرب وإصرار البقاء.
ثم جاءت قصيدتها "مناضل" لتضيف بعداً وجدانيًا آخر، حين خاطبت شقيقها مناضلًا غائبًا أو شهيدًا قائلة:
هيا يا مناضل
سأواصلُ الركضَ نحوكَ،
ولتفعل أنتَ ذلك..
لن أكتبَ حديثاً منسلخاً عن الذاكرة،
سأستله من روحي...
ستكبرُ في قلوبنا،
وروحك تعدو وتتسعُ في السماء،
ستكون شجرةَ صنوبر
تواصل صعودها،
ستكون نسراً يحرسُ الجبال"
هذه الصور القوية التي مزجت بين الجبل والصنوبر والنسر، منحت الحضور إحساسًا بالاستمرارية والصمود والامتداد، حيث تفاعل الجمهور بتصفيقٍ طويل أعقب كل مقطع شعري، في مشهد بدا فيه الشعر الفلسطيني كما لو كان نشيدًا حيًّا يقاوم النسيان والغياب.
وألقت أبو عليا إلى جانب "قبل القيامة" و"مناضل" مختارات أخرى من قصائدها مثل ((بضع أمنيات)) و"سبع سيدات في رفح" و"لا شيء يسعفني"، لتشكّل جميعها لوحة شعرية تعكس الذاكرة الجمعية الفلسطينية وتحوّل الألم إلى فعل إبداعي يناهض النسيان.
قصائد وصال لاقت تفاعلًا كبيرًا من الجمهور الذي تابع بإصغاء وتأثر واضح، إذ علت التصفيقات بعد كل قصيدة، فيما عبّر العديد من الحضور عن إعجابهم بقدرة الشعر الفلسطيني على تجسيد المعاناة والأمل في آنٍ. وكان اللافت في القاعة تواجد عدد من أبناء الجالية الفلسطينية، إلى جانب مواطنين إيطاليين ومجموعة من القادمين من قطاع غزة لمرافقة الجرحى الذين يتلقون العلاج في المستشفيات الإيطالية، ما أضفى على الأمسية بعدًا وجدانيًا مضاعفًا.
فعاليات المهرجان، افتتحت بحضور السفيرة منى عمارة، سفيرة دولة فلسطين في إيطاليا، والدكتور يوسف سلمان، رئيس الجالية الفلسطينية في روما ولاتسيو، وفيصل عرنكي عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية ممثلاً عن الرئيس محمود عباس. وعلى مدار خمسة أيام، شكّل المهرجان مساحة ثقافية متنوعة، شملت ندوات فكرية ومناقشات سياسية وأمسيات شعرية وفنية، أكدت جميعها على ثراء الهوية الفلسطينية وعمقها.
وفي هذا السياق، أكد الدكتور يوسف سلمان أن المهرجان يوجّه رسالة واضحة بأن الشعب الفلسطيني متمسك بأرضه وثقافته رغم المأساة الإنسانية المستمرة في غزة، فيما اعتبر فيصل عرنكي أن هذا الحدث يعكس صمود الفلسطينيين وإصرارهم على إيصال صوتهم للعالم، مثمنًا تضامن الشعب الإيطالي والشعوب الأوروبية والعربية مع فلسطين.
وكانت المقررة الخاصة المعنية بالأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيزي ضمن الحضور، مؤكدة عبر كلمة ألقتها في المهرجان الثقافي، دعمها ومساندتها للحق الفلسطيني في الحرية وتقرير المصير والدولة المستقلة ذات السيادة. فيما قدم لها امين سر حركة فتح في ايطاليا عماد علي شكر القيادة الفلسطينية على دورها في دعم القضية الفلسطينية ووقوفها ضد الابادة.
وقد تزين موقع الفعالية بأعلام فلسطين ولوحات فنية نابضة بالهوية الوطنية، فيما جاءت الندوات الأولى لتسلّط الضوء على دور الفن في دعم القضية الفلسطينية، بمشاركة مثقفين وفنانين إيطاليين وعرب، عبّروا عن تضامنهم العميق مع غزة وإدانتهم للجرائم الإسرائيلية.
هكذا تحوّل مهرجان فلسطين الثقافي في روما إلى منبر يصدح بصوت الشعر والمقاومة الثقافية، حيث كانت وصال أبو عليا أحد أبرز وجوهه، حاملة معها من القدس ورام الله حكاية وطن يُصرّ على الحياة رغم كل الألم.
إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.
الأخبار الأكثر تداولاً
رئيس نقابة الصناعات الهندسية يشارك في المسيرة العالمية بباريس دعما لف...
البحرين في صدارة العرب بـ "عالمية فنون القتال المختلطة"...
مصدر في فتح لPNN: القيادي ناصر القدوة يقدم طلبا للعودة لمركزية الحركة...
أسطول الصمود العالمي: 30 قاربا لا تزال تبحر نحو غزة...
حدث وتاريخ.. 02 أكتوبر...