كيف يُغيّر "البيوتشار" مصير المياه النظيفة إلى الأبد؟

(MENAFN- Al-Bayan) لأكثر من عقدين من الزمان، اعتبرت مادة ((البيوتشار)) (Biochar)، وهي فحم حيوي ينتج عن تحويل المخلفات العضوية بالحرارة، مجرد ((إسفنجة)) ذكية. استخدمت في تنقية المياه لامتصاص الملوثات وحبسها داخل مسامها الدقيقة، بحسبان أن هذا هو سقف إمكانياتها.
لكن دراسة علمية حديثة هزّت عالم معالجة المياه، لتكشف عن قوة سرية في هذه المادة الرخيصة والمستدامة. فقد أثبت العلماء أن البيوتشار لا يكتفي بالحبس السلبي للملوثات، بل إنه يمتلك قدرة فريدة على تدميرها بشكل نشط، محولاً بذلك نظام تنقية المياه من عملية فلترة بسيطة إلى محطة قتال كيميائي ذاتي!

القوة الخفية التي تتجاوز الامتصاص
كان الاعتقاد السائد هو أن البيوتشار يعمل بآلية الامتزاز (Adsorption)، أي جذب الملوثات إلى سطحه المسامي. لكن فريقاً بحثياً بقيادة الدكتور يوان قاو في جامعة داليان للتكنولوجيا بـالصين، تساءل: ماذا لو كان البيوتشار قادراً على تدمير الملوثات من تلقاء نفسه، دون الحاجة إلى مواد كيميائية مساعدة؟
السر يكمن في عملية نقل الإلكترونات المباشر (Direct Electron Transfer). فبدلاً من أن يكون مجرد مصفاة، يعمل البيوتشار كـبطارية ومُوصّل كهربائي صغير يستطيع نزع الإلكترونات من الملوثات العضوية السامة وتدمير تركيبتها الكيميائية.

قوة إلكترونية خارقة
اكتشف الباحثون أن هذه القوة الإلكترونية الخارقة تعود إلى ميزتين بنيويتين أساسيتين في البيوتشار: البنية الكربونية الغرافيتية (Graphitic Carbon Structure) تشكل هذه البنية شبكة فائقة التوصيل، أشبه بـ((طريق سريع)) يتيح للإلكترونات أن تنتقل بسرعة عالية وتصل إلى الملوثات لتدميرها. والمجموعات الوظيفية (C-O and O-H Functional Groups) وهي بمثابة ((مقابض الإمساك)) التي تسهل عملية تبادل الإلكترونات مع المركبات السامة في الماء.
وجد الفريق أن قدرة التحلل المباشر للبيوتشار تمثل ما يصل إلى 40% من إجمالي قوته التنظيفية للمياه. بعد اختبار البيوتشار لخمس دورات متتالية من إعادة الاستخدام، حافظت قدرته على التدمير النشط على استقرار يقارب الـ 100%. هذا يعني أن المادة يمكن استخدامها بشكل متكرر دون الحاجة لتغييرها أو تجديدها بالكثير من الطاقة، مما يجعلها حلاً مستداماً ذا ((قدرة تحمل عالية)).

المؤكسدات الكيميائية
ويقلل الاعتماد على التحلل الذاتي للبيوتشار من الحاجة لاستخدام كميات كبيرة من المؤكسدات الكيميائية (مثل بيروكسيد الهيدروجين) في محطات المعالجة. هذا يترجم مباشرة إلى تكاليف تشغيل أقل، وتقليل في إنتاج الحمأة الكيميائية الضارة، وتوفير حلول أكثر اخضراراً. وبما أن البيوتشار يُصنع من مخلفات عضوية رخيصة (مثل قش الأرز أو بقايا الأخشاب)، فإن هذه التقنية تفتح الباب أمام أنظمة معالجة مياه أكثر كفاءة وأقل تكلفة، مما يجعل المياه النظيفة في متناول المجتمعات النائية والنامية حول العالم.

MENAFN04102025000110011019ID1110148889

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.