الذكاء الاصطناعي يحل لغز "بيانو" حير الموسيقيين لقرن كامل

(MENAFN- Al-Bayan) لطالما كان السؤال محط جدال بين الفيزيائيين وعازفي البيانو لأكثر من قرن من الزمان هل يمكن لعازف البيانو الماهر أن يغير ((تيمبر)) النغمة (جودتها اللونية أو رنينها) من خلال لمسة المفتاح، بمعزل عن شدة الضربة؟ اعتقد الفنانون دائماً أنهم يملكون هذه القدرة السحرية، بينما شكك العلم التقليدي في ذلك، معتبراً أن جودة الصوت في البيانو تحددها بالأساس سرعة المطرقة التي تضرب الأوتار.

انهيار الجدار الفاصل
اليوم، انهار الجدار الفاصل بين الفن والفيزياء. فقد أكدت الأبحاث العلمية الحديثة - التي اعتمدت على تقنيات استشعار متقدمة وتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي- أن تلاعب العازف بالتيمبر ليس مجرد استعارة حسية، بل هو مهارة حركية دقيقة ومثبتة علمياً.
المثير في هذا الاكتشاف هو تطوير نظام استشعار متطور عُرف باسم HackKey، وهو جهاز قادر على التقاط حركات مفاتيح البيانو بدقة زمنية ومكانية استثنائية. لقد قام الباحثون، بقيادة الدكتور شينيتشي فورويا، بتسجيل عازفي بيانو خبراء أثناء أدائهم لمقطوعات بنفس الإيقاع والجهارة (الشدة)، لكن مع مطالبة كل منهم بتغيير الرنين أو التعبير الصوتي المقصود (مثل عزف ((مشرق)) مقابل ((داكن))، أو ((خفيف)) مقابل ((ثقيل))).

نقاط القوة التقنية
يمكن لنظام HackKey تسجيل حركات مفاتيح البيانو بدقة زمنية تصل إلى 1 مللي ثانية (ms) ودقة مكانية تصل إلى 0.01 ملم. وتمكنت الأجهزة من تتبع الحركات المجهرية لكل مفتاح من المفاتيح الـ 88، مما يوفر رؤية غير مسبوقة للديناميكيات الفيزيائية للأداء.
وكشفت البيانات وأثبتت أن العازفين يغيرون جودة الصوت من خلال تعديلات دقيقة في سلوكهم الحركي، وليس فقط من خلال سرعة ضربة المطرقة النهائية.
هذه اللمسات البالغة الدقة هي التي تحدد ((بصمة)) العازف وتسمح له بتلوين الصوت، مما يؤكد أن ((لون الصوت)) في البيانو لا يتشكل فقط من الخصائص الفيزيائية للضربة الواحدة، ولكن أيضاً من العلاقة بين تسلسل النغمات المنتجة بشكل متزامن أو متتابع.

تجارب نفسية حركية
لم يقتصر الاختبار على قياس حركة الأصابع فحسب، بل أُجريت تجارب نفسية حركية شملت مستمعين متنوعين. وكانت النتيجة مدهشة: لقد استطاع المستمعون، بغض النظر عن خلفيتهم الموسيقية، التمييز بثبات بين ((الألوان الصوتية)) المختلفة التي قصد العازفون إنتاجها.
بما أن التلاعب بالتيمبر هو الآن مهارة مثبتة علمياً، يمكن تحديد المعالم الحركية التي تنتج هذه التعبيرات وتعليمها بشكل فعال، وهو ما كان يصعب وصفه وتدريسه في السابق.
يفتح البحث آفاقاً جديدة في دراسة العلاقة بين التحكم الحركي البارع (Motor Control) وتجارب الإدراك والجمالية رفيعة المستوى، مع وعود للتطبيقات في مجالات نقل المهارات وإعادة التأهيل.

MENAFN03102025000110011019ID1110146333