وول ستريت جورنال: نتنياهو أمام معضلة الضم بعدما قلب ماكرون والسعوديون طاولة الدعم الأوروبي

(MENAFN- Palestine News Network ) تل أبيب -PNN- تساءلت صحيفة“وول ستريت جورنال” عن المخاطر التي ستواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لو مضى قدماً وضم الضفة الغربية المحتلة، أو أجزاء منها.
مشيرة، في تقرير أعدته فيلتسيا سولومون، إلى أن نتنياهو سيخاطر باستعداء العالم العربي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.

وقد قوبلت موجة اعتراف الدول الغربية بدولة فلسطينية، هذا الأسبوع، في إسرائيل بدعوات من وزراء في حكومة رئيس الوزراء نتنياهو للقضاء نهائياً على هذه الفكرة بضم الضفة الغربية. وتكمن مشكلة نتنياهو في أن القيام بذلك سيقلب سنوات من الجهود لتطبيع علاقات إسرائيل مع العالم العربي بموجب اتفاقيات أبراهام، وهي اتفاقيات يعتبرها الرئيس ترامب أبرز نجاحات السياسة الخارجية في ولايته الأولى.

ووعد نتنياهو برد قوي على تزايد الاعتراف بدولة فلسطينية، ويمثل ضم الضفة الغربية بالكامل أو جزء منها أقوى خياراته. وصرح محللون بأنه في حال عدم الضم، قد تتخذ إسرائيل خطوات لزيادة الضغط على الاقتصاد الفلسطيني. أو قد تحد من العلاقات القنصلية مع فرنسا، وهي دولة رائدة في جهود الاعتراف بدولة فلسطينية، وفقا لشخص مطلع على الأمر. وقال نتنياهو، يوم الأحد، إنه سيعلن رده عند عودته من الجمعية العامة للأمم المتحدة، هذا الأسبوع، في مدينة نيويورك، قائلاً:“انتظروا”.

ومع تعمق العزلة الدولية لإسرائيل، يتعين على نتنياهو أن يفكر في ما إذا كان إنهاء الآمال الفلسطينية في إقامة دولة يستحق الإضرار بالعلاقات مع العالم العربي، وربما الولايات المتحدة.

وحذرت دول عربية من أن ضم الضفة الغربية سيقوض اتفاقيات أبراهام، أو يمنع توسعها، ما سيؤثر على آمال ترامب في بناء إرثه كصانع سلام.

وتأتي التحركات نحو الدولة الفلسطينية في ظل تزايد الضغوط على إسرائيل لإنهاء الحرب الدائرة منذ عامين في غزة، بعد هجوم“حماس” على إسرائيل، في 7 تشرين الأول/أكتوبر.
وقد خلف الصراع الذي تلا ذلك دماراً واسعاً في معظم أنحاء القطاع، وأسفر عن مقتل أكثر من 65,000 فلسطيني، وفقاً للسلطات الصحية المحلية.

وفي خطوة تظهر مدى تأثير الخسائر البشرية التي خلفتها الحرب على المواقف العالمية تجاه إسرائيل، أعلنت أستراليا وكندا وبريطانيا، يوم الأحد، أنها ستعترف رسمياً بدولة فلسطينية، منضمةً بذلك إلى مبادرة تقودها المملكة العربية السعودية وفرنسا.

وقبل هذه التصريحات، تزايدت الدعوات إلى الضم في إسرائيل من وزراء من اليمين، وحتى أعضاء في حزب الليكود بزعامة نتنياهو. وكتب شلومو كرعي، وزير الاتصالات الإسرائيلي وعضو حزب الليكود، في منشور على موقع“إكس”:“السيادة ليست مجرد الرد الصهيوني الأمثل، بل هي ببساطة أرضنا، أرض أجدادنا”، وأضاف:“علينا أن نعلن السيادة الكاملة الآن! ولا نرضى بأقل من ذلك”.

وقد حشد نتنياهو نفسه الدعم للضم. ووعد بضم غور الأردن، عندما واجه انتخابات صعبة عام 2019. وفي عهد نتنياهو، وسعت إسرائيل بشكل مطرد عمليات بناء المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، بينما عززت حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة سيطرتها على أمن المنطقة ومواردها المالية.

وفي الآونة الأخيرة، قررت إسرائيل المضي قدماً في مشروع استيطاني مثير للجدل من شأنه عزل التجمعات الفلسطينية الرئيسية وتعقيد آفاق قيام دولة فلسطينية.

ونقلت الصحيفة عن جوش كراسنا، الدبلوماسي الإسرائيلي السابق والمدير حالياً لمنتدى التعاون الإقليمي في إسرائيل وأستاذ في جامعة نيويورك:“إنه بحاجة إلى مواصلة استرضاء قاعدته الشعبية، والحديث عن الضم هو السبيل لتحقيق ذلك”، و”الآن، عليه إما أن ينفذ تهديده، أو أن ينظر إليه على أنه شخص لا ينفذ ما وعد به”.

وتتعامل الدول العربية مع الضم على أنه خط أحمر. وإذا مضت إسرائيل بضم الضفة الغربية، فستواجه الإمارات العربية المتحدة، على وجه الخصوص، أسئلة صعبة حول سبب استمرارها في الالتزام بجانبها من الاتفاق. وقد عملت الإمارات، وطوال العامين الماضيين من الصراع، كقناة حيوية بين إسرائيل والعالم الخارجي، حيث حافظت على العلاقات الاقتصادية والدبلوماسية، وأبقت الرحلات الجوية الدولية مستمرة، عندما لم تفعل الدول الأخرى ذلك.

ويقول المحللون إن الضم قد يؤدي إلى تعليق العلاقات، أو تخفيض مستواها.
أما ميخائيل ميلشتاين، الضابط الكبير السابق في المخابرات العسكرية الإسرائيلية، والمتخصص في الشؤون الفلسطينية في جامعة تل أبيب، فيقول:“أعتقد أن الإمارات العربية المتحدة أوضحت تماماً أن أي خطوة تتعلق بالضم ستسبب أزمة بين العالم العربي وإسرائيل، وهي في الأساس تشكل خطراً على اتفاقيات أبراهام”.

وقد حذرت الحكومات العربية إسرائيل، في رسائل دبلوماسية خاصة، من أن ضم الضفة الغربية، سواء كان كلياً أو جزئياً، ستكون له عواقب، مثل خفض مستوى العلاقات، وفقاً لمسؤولين عرب. ولا يزال رد فعل الولايات المتحدة غير واضح.

وقال مسؤول بارز في الإدارة الأمريكية إن الولايات المتحدة تدرك أن نتنياهو سيرد على الاعتراف بالسيادة الفلسطينية، ومن المرجح أن تدعم هذا الرد. ومع ذلك، يبقى السؤال الأهم: هل سيبقى هذا الوضع قائماً في حال تهديد اتفاقيات أبراهام؟

ورد ميلشتاين:“إذا حدث أي شيء للاتفاقيات، فشل أو أزمة أو انهيار، أعتقد أن ترامب سيكون قلقاً للغاية”.

وفي تعليق من أفيشاي بن ساسون جورديس، المحاضر في شؤون الحكومة بجامعة هارفارد، والذي يدرس العلاقات المدنية العسكرية، إن الخطوط الحمراء لترامب لم تتضح بعد. فقد منحت إدارته نتنياهو هامشاً أوسع من الحرية، مقارنةً بإدارة الرئيس السابق جو بايدن، لكنها أبدت أحياناً إحباطها من التحركات الإسرائيلية الأحادية الجانب، مثل الغارة التي استهدفت مسؤولي“حماس”، في وقت سابق من هذا الشهر، في قطر، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة. كما يتعرض نتنياهو لضغوط من تياره اليميني. وقال كراسنا:“لديه مشكلة الآن، وهي أن مكونات مختلفة من ائتلافه قد تقرر الانسحاب. لقد حدث كل هذا من قبل، لكنه يأتي في وقت سيئ للغاية بالنسبة له”.

وتناولت الصحيفة، في تقرير آخر أعدته ستاسي ميشتري وأنات بيليد وألكسندر وورد، موضوع اعتراف الدول الغربية بالدولة الفلسطينية، وكيف أن إيمانويل ماكرون والسعودية حرفا مسار الدعم الغربي باتجاه دعمها.

وقالوا إن اعتراف أقرب حلفاء الولايات المتحدة بدولة فلسطينية لم يكن متصوراً، لكن الأمر لم يستغرق سوى أقل من عام من الدبلوماسية المغلقة التي قام بها الرئيس الفرنسي ماكرون والمسؤولون السعوديون لقلب الوضع الراهن المستمر منذ عقود. واكتسبت هذه الحملة زخماً مع تزايد إحباط ماكرون من إسرائيل ومشاهدته الولايات المتحدة، الوسيط الدبلوماسي التقليدي في الشرق الأوسط، وهي تعرقل جهوده لإنهاء الحرب في غزة.

وعلى مدار معظم العام الماضي، انضم الفرنسيون إلى السعوديين في الضغط على الدول الغربية لمقاومة أكبر حلفائها في واشنطن، وإنقاذ عملية السلام الإسرائيلية الفلسطينية، من وجهة نظر ماكرون.

وبعد يوم من اعتراف بريطانيا وأستراليا وكندا والبرتغال بقيام الدولة الفلسطينية، اجتمع ماكرون مع عدد من القادة الآخرين في قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة للقيام بالمثل. وقال ماكرون في خطابه أمام الوفود، معلناً اعترافه:“سيقول البعض إنه فات الأوان. وسيقول آخرون إنه مبكر جداً. شيء واحد مؤكد: لا يمكننا الانتظار أكثر من ذلك”.

وانضمت موناكو ومالطا ولوكسمبورغ إلى فرنسا في الاعتراف بدولة فلسطينية، يوم الإثنين. وقالت بلجيكا إنها ستقدم اعترافها الرسمي بعد مغادرة“حماس” غزة وإطلاق سراح الأسرى لديها.

وعلقت الصحيفة أن هذه الجهود تظهر قدرة القوى الإقليمية، مثل فرنسا والمملكة العربية السعودية، على ملء الفراغ الذي تركته الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، مخالفةً بذلك السياسة الأمريكية الراسخة التي لوحت بإمكانية قيام دولة فلسطينية كوسيلة لدفع القادة الإسرائيليين والفلسطينيين إلى طاولة المفاوضات. كما أظهرت ميل ماكرون إلى بذل جهود تفوق طاقته بكثير في منطقة يتضاءل فيها النفوذ الفرنسي. ونقلت الصحيفة عن المحللة في مركز كارنيغي- أوروبا، ريم ممتاز قولها:“لقد خلق زخماً لم يكن موجوداً”.

وبدأ موقف ماكرون يتبلور في الأشهر التي تلت هجوم“حماس” على إسرائيل، في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023. ومع ارتفاع عدد القتلى الفلسطينيين إلى عشرات الآلاف، شعر المسؤولون الفرنسيون بالإحباط من واشنطن لعدم ممارستها ضغطاً كافياً على إسرائيل لإنهاء حرب غزة. وزار الزعيمُ الفرنسي الملك عبد الله الثاني ملك الأردن، في شباط/فبراير 2024، وأعلن لأول مرة أن الاعتراف بدولة فلسطينية“ليس من المحرمات بالنسبة لفرنسا”.

ومع نهاية عام 2024، بدأ السعوديون في تشجيع الفرنسيين على الضغط على الدول الأخرى للاعتراف بدولة فلسطينية، قائلين إن ذلك سيمهد الطريق أمام تطبيع الرياض للعلاقات مع إسرائيل.

وسافر ماكرون إلى المملكة العربية السعودية في كانون الأول/ديسمبر للقاء محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي والحاكم الفعلي للبلاد. وبعد أشهر، زار مصر، والتقى بجرحى فلسطينيين يتلقون العلاج في مستشفى بالقرب من الحدود مع غزة. وقد وضع ذلك ماكرون وجهاً لوجه مع الأزمة الإنسانية المتصاعدة في غزة، وهي تجربة هزّت الزعيم الفرنسي، وفقا لأشخاص مقربين منه.

في تموز/يوليو، سافر ماكرون إلى لندن في زيارة رسمية، حيث ناقش قضيته مع رئيس الوزراء ستارمر. وقال ماكرون في خطاب أمام البرلمان البريطاني:“مع دمار غزة وتعرض الضفة الغربية لهجمات يومية، لم تكن الدولة الفلسطينية يوماً في خطر كما هي الآن”.

وفي الوقت نفسه، مهد ماكرون والسعوديون الطريق لمؤتمر في نيويورك، حيث أدانت الدول العربية هجوم“حماس” على إسرائيل، ودعت إلى نزع سلاح الحركة، وعارضت أي دور لها في الدولة الفلسطينية الجديدة. كما دعا المؤتمر إلى نشر“بعثة دولية مؤقتة لتحقيق الاستقرار”.

وفي نهاية تموز/يوليو، وقبل بدء مؤتمر نيويورك، كتب ماكرون رسالة مفاجئة إلى رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، معلناً أن فرنسا تعتزم الاعتراف بالدولة الفلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة. كان هذا الإعلان الأول من دولة عضو في مجموعة الدول السبع، وقد فتح الباب واسعاً أمام قوى غربية أخرى لتحذو حذوه.

ويؤكد ماكرون وحلفاؤه الغربيون الآن أن إضفاء الشرعية على الدولة الفلسطينية أمام أعين العالم هو السبيل الوحيد للحفاظ على إمكانية حل الدولتين، مهما كانت بعيدة، في ظل تكثيف إسرائيل جهودها الحربية في غزة، ومواصلتها بناء المستوطنات في الضفة الغربية المحتلة.

وتعلق الصحيفة بأن هذه المناورة الدبلوماسية، تظهر إيمان ماكرون الراسخ بقوة التعاون الدولي في تشكيل الأحداث، بدلاً من ممارسة القوة العسكرية الغاشمة. كما تعيد دبلوماسية ماكرون، في الوقت الحالي، صياغة دور فرنسا الراسخ كوسيط بين إسرائيل ومعظم العالم العربي.

واتهم نتنياهو ماكرون بتأجيج معاداة السامية ومكافأة“حماس” على الهجوم الإرهابي الذي أودى بحياة حوالي 1200 شخص. وتعهّد نتنياهو بالرد على حملة ماكرون دون أن يوضح كيف.

ويقول مسؤولون أمريكيون وإسرائيليون إن مساعي ماكرون لن تحدث تغييراً في الواقع على الأرض، كما أنها ستقلل من حوافز السلطة الفلسطينية، المُثقلة بسوء الإدارة والفساد، للإصلاح. وقد ساوت الحكومة اليمينية الإسرائيلية بين السلطة الفلسطينية و”حماس”، مع أن إسرائيل تعتمد على التنسيق الأمني مع السلطة لمواجهة المسلحين في الضفة الغربية.

وحذر مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية من أن الاعتراف بدولة فلسطينية قد يكون“نهايةً لفرصة” حل الدولتين. وأضاف المسؤول أن إسرائيل سترد، ومن المرجح أن تتلقى دعماً أمريكياً لردها. وقد دعا أعضاء في حكومة نتنياهو إلى ضم الضفة الغربية، وهي خطوة قد تهدد بقلب اتفاقيات التطبيع مع الدول العربية، المعروفة باسم“اتفاقيات أبراهام”، رأسا على عقب.

وول ستريت جورنال

MENAFN23092025000205011050ID1110098661

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.