
فلسطينيو 48.. جبهة إسرائيلية أخرى!
ولكن داخل الدولة هذه المرة.. ومن ذلك، العناية بتطبيق توجهين مستفزين بحقهم: مؤدى أولهما -وهو الأقدم نسبياً والأنجح عموماً- استدراج مزيد من أبناء الطائفة الدرزية والبدو للانخراط في قطاعي الجيش والأمن، في حين يتعلق الثاني بمحاولة تكرار النموذج ذاته مع المسيحيين، لكنه فشل حتى الساعة بجدارة.
في هذا الإطار، كان نتانياهو قد أصدر قبل عشرة أعوام توجيهاً، بإنشاء ما أسماه منتدى مشتركاً بين الحكومة والطائفة المسيحية وقتذاك، ووُجهت تلك الدعوة برفض واستنكار السواد الأعظم من أبناء الطائفة على اعتبار أنها ((تستهدف صهر مكونات المجتمع الإسرائيلي في جيش صهيوني الفكر والعقيدة يمارس العدوان والاحتلال بحق الشعب الفلسطيني والشعوب العربية))، طبقاً للبطريرك السابق ميشيل صباح، الذي عُرف بشعبيته الجارفة بين الأوساط الفلسطينية المسيحية وغير المسيحية.
ولم يشذ عن ذلك الإجماع سوى أحد الكهنة في الناصرة (جبرائيل نداف) الذي لم يتمكن من تسويق موقفه أو تعميمه، وبالمناسبة نجح مجلس الأرثوذكس لفلسطينيي 48 في مقاطعته معتبرين إياه ((متواطئاً يسعى لشق المجتمع الفلسطيني في إسرائيل)).
اليوم، يجتهد نتانياهو في تنشيط سياسة ((فرق تسد)) التقليدية مع فلسطينيي 48، معتبراً أن الرياح باتت مواتية أكثر في هذا المضمار، شأن ما يظنه على الصعيد الإقليمي.. الأمر الذي يؤكد مجدداً عدم قابلية المخططات الإسرائيلية للتقادم على الصعد كافة.
وضمن وسائل تجميل هذه السياسة اللئيمة تجاه عرب الدولة عامة، والمسيحيين خاصة، الدفع بأن المواطنة المتساوية تقضي بإلزام الجميع بقسم الولاء للدولة وخدمة علمها.. ويصبح هذا الالتزام أكثر إلحاحاً في اللحظة الراهنة، التي تفرض الحاجة لمزيد من الجنود.
هذا المنطق، المتسق صورياً وظاهرياً، لا يصمد بالمطلق، بل تتجلى معالم تهافته، بالنظر إلى أكثر من حقيقة. فمن ناحية، ليس ثمة ما يثبت أن الدولة الإسرائيلية منذ نشأتها حتى الساعة، قد تعاملت مع قطاعيها اليهودي والعربي بمبدأ المواطنة المتساوية.. إذ كان التمييز وما زال قائماً ضد العرب، ولم ينج من أبعاده ومفرداته حتى أولئك الذين وقعوا منهم في شباك قسم الولاء وخدمة العلم. وهذا أمر شرحه يطول.
ومن ناحية ثانية، كيف يتسق حديث المواطنة المتساوية وضرورة أداء واجباتها من الجميع، في دولة تزعم علناً أنها ((لليهود فقط))، وتشتق من التشريعات والقوانين والسلوكيات ما يتناسب مع هذا الزعم! ألا يعني ذلك أن للفلسطينيين العرب داخلها -حتى لو أخذنا جدلاً بتقسيماتها المغرضة لهم بين مسلمين ومسيحيين ودروز وبدو وأهل نقب وجليل ومدن مختلطة.. إلخ- مساقات حقوقية مختلفة كـ((أغيار))؟!
وثمة ناحية ثالثة، تتصل وثيقاً بالحقيقتين السابقتين وجدل واجبات المواطنة، فطالما أن الدولة يهودية الاسم والعنوان والهوية والشعارات، فإن يهودها هم الأولى بخدمة علمها، لكن الواقع يقول إن ((الحريديم)).
وهم الأكثر تشدداً في يهوديتهم، هم أيضاً طليعة الرافضين لهذه الخدمة، بذريعة تفرغهم لمدارسة التوراة! وهنا نعثر على واحدة من أهم نقاط ضعف حكومة نتانياهو، كونها أثارت قضية تجنيد المسيحيين، للتعمية على الفشل في تطبيق القوانين القاضية بإلغاء إعفاء الحريديم من الخدمة الإلزامية.
المناظرات والمجادلات المرتبطة بهذا الموضوع في الأوساط الإسرائيلية المجتمعية والحزبية، لا تخلو من مفارقات، منها أن عدد فئتي الدروز والمسيحيين معاً هناك لا يتجاوز 340 ألف نسمة، في مقابل نحو 1.4 مليون حريدي، فكأن أمام الدولة فرصة لحشد يهود أقحاح، بما يعادل خمسة أمثال ما تروم حشده من هاتين الفئتين، المشكوك في ولائهم لها من البداية!
أحد عبرات هذه المشهد الغريب، أن مقاربة حكومة نتانياهو الانتهازية للمسألة، تمثل حائط صد قوياً يحول دون الضغط على الحريديم. نفهم هذا من كون حزبي يهوديت هتوراة وشاس، وهما شبكة الأمان النيابية لهؤلاء الأخيرين، يهددان بمغادرة الحكومة وإسقاطها، في حال إقرار تجنيد أتباعهم. وهكذا فإن توجيه البوصلة نحو العرب الذين لا يملكون ظهيراً حزبياً موازياً يظل أسهل وأقل كلفة.
إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.
الأخبار الأكثر تداولاً
مساندة تصبح الشريك الأول لبرنامج عزم التابع لصندوق الاستثمارات العامة ...
كم يكلف الاستقبال الملكي لترامب في بريطانيا؟...
يوم صحي وتوعوي للأطفال المتعايشين مع السكري في معان غدا...
استشهاد سبع مواطنين في غزة جراء قصف الاحتلال الصهيوني...
من 18 منشأة إلى 190 ألف مشاركة.. جائزة العمل تواصل تحفيز القطاع ال...
مستخدمو ويجوفي® يلاحظون انخفاضاً في ضوضاء الطعام وتحسّناً في الصحة الن...