
"أزمة المسيّرات".. فتيل للحرب أم بوابة للحل بين روسيا والغرب؟
على الضفة الأخرى، تنفي موسكو استهداف بولندا، وتعتبر أن ما جرى مرتبط بعمليات عسكرية ضد أوكرانيا، لكنّ عدداً من المسؤولين الغربيين لم يستبعدوا أن يكون الحادث محاولة روسية لاختبار ردّ فعل الناتو، الأمر الذي زاد من حساسية المشهد.
سارعت الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي إلى إعلان تضامنهم مع وارسو، مؤكدين التزام الدفاع عن أراضي الحلف. غير أنّ اللهجة الأمريكية بدت أكثر حذراً، إذ دعت واشنطن إلى التحقق من التفاصيل قبل المضي في أي خطوات تصعيدية.
الحادثة أعادت إلى الواجهة النقاش حول قدرة الناتو على إدارة الأزمات في ظل الحرب القائمة في أوكرانيا، وطرحت تساؤلات عن الخط الأحمر الذي قد يدفع الحلف من سياسة الردع إلى الانخراط المباشر.
احتمالات المواجهةمن روسيا، يقول الأستاذ بكلية موسكو العليا، الدكتور رامي القليوبي لـ((البيان))، إنه حتى الآن ((لا أرى مؤشرات واضحة لتطور هذا النزاع العسكري، ولكن في حد ذاته هذا التصعيد خطير؛ فروسيا تبرئ نفسها من الهجوم على بولندا بالمسيرات)).
ويضيف: ((مثل هذه الموجات من التصعيد كثيراً ما يتبعها مسار نحو التهدئة، إذ إن الزعماء في روسيا والولايات المتحدة يتذكرون جيداً دروس أزمة الكاريبي، حين كان العالم على عتبة حرب نووية، لكن بعدها جاءت التهدئة واللقاءات والتسويات)).
ويؤكد القليوبي أن ما نشهده حالياً ((قد يكون تصعيداً تمهيدياً للتهدئة وليس بالضرورة بداية لمواصلة التصعيد))، مشدداً على أن ((الأرجح أن الأطراف الكبرى تسعى لاستخدام التصعيد كأداة ضغط للوصول إلى تفاهمات)).
ويعكس المشهد الراهن حالة من التباين في التقديرات؛ فهناك من يرى أن التصعيد قد يكون جزءاً من لعبة التوازنات بين القوى الكبرى تمهيداً لفتح مسار نحو التهدئة، فيما يحذّر آخرون من أن الانتهاكات على الحدود تثير قلقاً أوروبياً واسعاً، وتفتح الباب أمام احتمالات خطأ عارض قد يحوّل الأزمة إلى مواجهة غير محسوبة.
توتر متصاعدفي هذا السياق، يوضح الكاتب المتخصص في الاقتصاد السياسي أبو بكر الديب، لدى حديثه مع ((البيان)) أن التوتر المتصاعد بين روسيا وبولندا يمثل أخطر مرحلة في العلاقات الثنائية منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، في وقت تتداخل فيه الأبعاد السياسية والعسكرية والدبلوماسية في مشهد معقد يثير القلق على مستوى الأمن الأوروبي والإقليمي.
يوضح الديب أن اختراق المجال الجوي البولندي من قبل طائرات مسيّرة روسية، حتى وإن بررته موسكو بأنه غير مقصود ومرتبط بعملياتها داخل أوكرانيا، يُعد في وارسو تهديداً مباشراً للسيادة الوطنية، ما دفع بولندا لطلب دعم عاجل من حلف شمال الأطلسي، مضيفاً أن هذه الحوادث، مع تزايد النشاط العسكري الروسي قرب الحدود، أسهمت في رفع مستوى التوتر إلى مستويات غير مسبوقة.
ويشير إلى أن التهديدات السياسية المبطنة أو المباشرة من الجانب الروسي، خصوصاً الحديث عن إمكانية استخدام قوات شبه عسكرية عبر الأراضي البيلاروسية، زادت من حدة المخاوف البولندية، مؤكداً أن هذه الإشارات وإن لم تتحول إلى عمليات على الأرض، إلا أنها تزرع حالة من عدم الاستقرار وتدفع باتجاه تعزيز المسار الدبلوماسي.
السيناريو الأخطرفيما يظل السيناريو الأخطر بلا شك هو الانزلاق نحو مواجهة عسكرية مباشرة، إذ إن أي خطأ في الحسابات أو حادث عرضي على الحدود قد يفتح الباب أمام تصعيد غير قابل للسيطرة.
وهو ما يعني انتقال الأزمة من مستوى المناوشات والتوترات السياسية إلى مستوى صدام واسع النطاق.. ومثل هذا التصعيد من شأنه أن يمتد ليشكل تهديداً للأمن الأوروبي والدولي برمّته، في ظل وجود أسلحة استراتيجية وردعية تجعل أي مواجهة مفتوحة محفوفة بمخاطر كارثية.
من موسكو، يقول المحلل السياسي الروسي، ديمتري بريج لـ((البيان))، إنه لا يعتقد بأن التصعيد الحالي سيتطور إلى صراع عسكري مباشر، بل يراه بمثابة رسائل متكررة من قبل روسيا إلى الدول الداعمة لأوكرانيا، خصوصاً دول البلطيق التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي سابقاً.
ويوضح أن الحديث عن ((العالم الروسي)) حاضر دائماً في خطاب الرئيس فلاديمير بوتين، الذي يرى في انهيار الاتحاد السوفييتي خطأً تاريخياً، ويعتبر ما يحدث اليوم امتداداً للدفاع عن المصالح الروسية ونفوذها في محيطها الحيوي. ومن هذا المنطلق، يرى أن ما يجري هو رد فعل روسي تجاه دول مثل بولندا ومولدوفا.
إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.
الأخبار الأكثر تداولاً
أسواق جازان الشعبية مقصد للصناعات الحرفية...
إسرائيل تحذر رعاياها من السفر إلى مصر والأردن وتركيا...
وزارة الطاقة تنظم ورشة تدريبية حول بناء قواعد بيانات مشاريع التعدين...
مشادة حادة بين إلهان عمر ونائبة دعت لترحيلها إلى الصومال...
"العربية للطيران" تزيد رحلات بوكيت إلى ثلاث رحلات يوميا...
أمير دولة قطر يزور الأردن اليوم...