الفضاء الرقمي ملاذ للناجيات لعرض قضايا العنف الاجتماعي

(MENAFN- Amman Net) هذا الخطاب العدائي عبر الإنترنت له أثر نفسي واجتماعي خطير على الناجيات، فبدل أن تحصل المرأة على الدعم عند كشف معاناتها، تجد نفسها ضحية لجولة ثانية من العنف، هذه المرة عنف رقمي جماعي"، حسب ما ذكرت د. سمرين. بعض المستخدمين يستمتعون بإطلاق الشتائم والتشكيك لمجرد التسلية، فينهالون على الضحية بعبارات مؤذية وينظمون حملات سخرية وتنمّر ضدها. في حالات عديدة، ما إن تنتشر قصة ناجية على نطاق واسع حتى تتعرض لحملة تنمّر إلكتروني شرسة، مما يوقعها تحت ضغط نفسي مضاعف ويدفعها ربما إلى الندم على الإفصاح من الأساس.

يؤكد خبراء أن هذه الهجمات السيبرانية قد تؤدي إلى إسكات أصوات النساء وثنيهن عن المشاركة في المجال العام؛ فالمرأة التي تتحدث وتواجه التنمّر العلني قد تفكر مرتين قبل أن تعبّر عن رأيها أو تكرر التجربة، حسب تقرير Baseline Study: Online Hate Speech Targeting Women in Jordan الصادر عن مؤسسة NOVACT المدعومة من الوكالة الإسبانية للتعاون الدولي (AECID)، والذي نُشر في 27 مايو 2025.

من الأمثلة البارزة، ما تعرضت له المحامية والناشطة هلا عاهد عام 2023؛ فبمجرد إعلانها عن جلسة حوارية حول قضايا نسوية على تويتر، انهالت عليها حملة عنف إلكتروني حاقدة شملت تهديدات وتعليقات "مخجلة" وواجهت عاهد حملة منظمة من الحسابات المعادية للخطاب النسوي، تضمنت تهديدات وصلت إلى مستوى مؤذي للغاية دون أي رادع قانوني في حينه. مثل هذه الحالات تبعث رسالة سلبية للناجيات الأخريات: أن كل من تتجرأ وتظهر وجهها لتطالب بحقوقها قد تتعرض للوصم العلني والتهديد، ما يدفع الكثيرات إلى التردد في الإبلاغ أو مجرد الكلام، كما توضح فيه د.سمرين.


كيف نغيّر هذا الواقع؟

تغيير هذه الثقافة السائدة يستلزم جهودًا متعددة المستويات. تؤكد د.سمرين ضرورة إطلاق حملات توعية وطنية حول العنف الإلكتروني وخطورته، بهدف رفع الوعي المجتمعي وتفكيك الصور النمطية عن الضحايا. بالفعل، شهدت الأردن في السنوات الأخيرة مبادرات من منظمات مجتمع مدني بالتعاون مع جهات رسمية ضمن حملة الـ16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة، ركزت على العنف الرقمي المتزايد. مثل هذه الحملات تسعى لتغيير النظرة الشعبية بحيث يُنظر إلى الناجيات باحترام وتصديق بدل التشكيك واللوم.

وتقترح الخبيرة لينا المومني (منسقة برنامج سلامة للتوعية بالسلامة الرقمية) في ظهور لها عبر قنوات الإعلام مؤخراً إدماج مفاهيم السلامة الرقمية والعنف الإلكتروني في المناهج التعليمية المدرسية والجامعية. هذا من شأنه تنشئة جيل جديد أكثر وعيًا بحقوقه الرقمية وبخطأ إلقاء اللوم على الضحية.

إلى جانب التعليم، دور الإعلام المؤثر أساسي. توصي د.سمرين بتدريب الإعلاميين والصحافيين وناشطي التواصل على تغطية حوادث العنف الإلكتروني بمسؤولية وحساسية، دون انتهاك خصوصية الضحايا أو استثارة التعليقات السلبية بهدف زيادة التفاعل. على الإعلام أن يكون جزءًا من الحل بنشر قصص النجاح في محاسبة الجناة ودعم الضحايا، بدل أن يكون منصة أخرى للتشهير أو الابتزاز العاطفي.

كذلك، تطوير القوانين وإنفاذها بصرامة عامل رادع مهم؛ فحين يرى الناس مرتكبي الابتزاز الإلكتروني يُعاقبون بشكل حازم، يرتدع الكثيرون عن ممارسة هذا العنف، ويتشجع الضحايا على الإبلاغ ثقةً بأن العدالة ستتحقق. باختصار، بناء ثقافة تصديق الناجيات واحترام خصوصيتهن يحتاج تظافر جهود التعليم والإعلام والقانون والمجتمع ككل، حتى يتحول الفضاء الرقمي من ساحة خطر إلى مساحة آمنة للنساء للتعبير والمطالبة بحقوقهن.

الدعم المتاح للناجيات من العنف الإلكتروني

رغم التحديات، توجد في الأردن مؤسسات وبرامج تقدّم خدمات دعم شمولية للناجيات من العنف القائم على التكنولوجيا. توضح د.سمرين أن مؤسستها (العناية بصحة الأسرة – إحدى مؤسسات مؤسسة نور الحسين) تدير برنامجًا يختص بالاستجابة لحالات العنف الرقمي وغيره. يقوم البرنامج على مبدأ إدارة الحالة، حيث تُقيّم حالة كل ناجية وتُصمّم خطة تدخل مناسبة تشمل خدمات متعددة تحت سقف واحد.

من هذه الخدمات الدعم النفسي الاجتماعي عبر مستشارين وأخصائيين لمساعدة السيدة على تجاوز الصدمة واستعادة الثقة بنفسها، خدمات الصحة النفسية المتخصصة عند الحاجة (مثل العلاج النفسي لحالات الاكتئاب أو اضطراب ما بعد الصدمة الناجم عن الابتزاز أو التشهير الرقمي)، خدمات اجتماعية (كالتواصل مع أسرة الضحية أو المجتمع المحيط لتوفير حماية ودعم اجتماعي لها)، بالإضافة إلى خدمات طبية وتأهيلية إذا تضررت الناجية جسديًا أو صحياً بسبب العنف.

وتشير د.سمرين إلى أهمية الخدمات القانونية أيضًا، حيث يتم التعاون مع جهات شريكة لتقديم استشارات قانونية ومساعدة الناجيات في الإجراءات القضائية عند رغبتهم في ذلك. أي أن الناجية تجد في هذه المؤسسة حزمة متكاملة من الدعم: نفسي واجتماعي وصحي وقانوني، مما يسهل عليها التعامل مع الأزمة في ظروف آمنة وسرية.

إلى جانب الاستجابة الفردية، تعمل البرامج المتخصصة على جانب الوقاية والتوعية. تقول د.سمرين إن مؤسستها نفّذت حملات كبيرة للتوعية بالعنف الإلكتروني بالتعاون مع منظمات محلية ودولية وحتى مع إدارة حماية الأسرة في الأمن العام.

كما شاركت في مبادرات مع وزارات التربية والتنمية الاجتماعية والصحة للوصول إلى شرائح أوسع من المجتمع، من الأطفال في المدارس إلى النساء في القرى، بهدف توعيتهم بمخاطر الابتزاز والتحرش عبر الإنترنت وكيفية الوقاية منه. مثلًا، إحدى الأدوات الحديثة كانت إطلاق منصة رقمية باسم "نهى" مدعومة بالذكاء الاصطناعي للمساعدة في رصد خطاب الكراهية القائم على النوع الاجتماعي باللغة العربية، وهذه الشراكات بين المجتمع المدني والحكومة تعكس إدراكًا متزايدًا لضرورة التصدي للعنف الرقمي بشكل جماعي ومنظم. (أمنية حسني،“تكنولوجيا في خدمة النساء... منصات عربية للحد من العنف الرقمي المتزايد ضد المرأة”، Al-Aalem، 27 نوفمبر 2024).


تحديات في تقديم الخدمات للناجيات

رغم الجهود، تعترف د.سمرين بوجود تحديات عديدة تواجه مقدمي الخدمة والناجيات أنفسهن، على مستوى الحالات، يبقى الخوف والوصمة والتردد أبرز العقبات؛ فكثير من النساء يتأخرن في طلب المساعدة أو يحجمن عنها بسبب القلق مما سيقوله المجتمع أو خوفًا من انتقام المعتدي إن علمن أنه تم الإبلاغ عنه. حتى عند وصول بعض الحالات للمؤسسة، يكون البعض مترددًا في كشف كل التفاصيل أو متابعة الإجراءات القانونية بسبب انعدام الثقة بجدواها. بالتالي، يتطلب الأمر بناء علاقة ثقة وكتمان عاليين مع الناجية لطمأنتها وتشجيعها على المضي قدمًا.

وفقًا للمقال الذي كتبته الهام برجس بعنوان "قوانين العنف الإلكتروني في الدول العربية: كيف تكون النساء ضحايا ومتهمات"، على موقع NO2TA، 26 يوليو 2024، فإن الفضاء الرقمي قد تحوّل من مساحة تمكين إلى ساحة تعريض النساء للقمع والتوقيف الاجتماعي،“فعلى الرغم من أن المجال الرقمي وفّر منصة لانطلاق الحركة النسوية الرابعة، فإنه تحوّل إلى فضاء جديد للعنف يسهل على المعتدي استخدامه ضد النساء. على مستوى المؤسسات، هناك تحدي نقص الكوادر المتخصصة أحيانًا في التعامل مع العنف الإلكتروني القائم على النوع الاجتماعي، وبعض المراكز ربما تفتقر لأخصائيين مدربين على الجرائم السيبرانية وتبعاتها النفسية، مما قد يؤدي إلى تعامل غير كفؤ أو غير حساس مع الحالة. هذا النقص في التخصصية يجعل بعض الناجيات لا يثقن بفعالية المؤسسات ويلجأن بدل ذلك إلى فضح القضية عبر الإنترنت بحثًا عن حل سريع، وبالفعل هذا ما ذكرته الكرمي علينا.

بالإضافة إلى ذلك، تبرز ثغرات تشريعية وإجرائية كعقبة؛ فحتى وقت قريب لم تكن هناك نصوص قانونية صريحة تغطي كل أشكال التحرش أو العنف الجنسي الإلكتروني، ولم يكن هناك إجراءات واضحة لحماية خصوصية المشتكية قانونيًا. ورغم تحديث قانون الجرائم الإلكترونية عام 2023، إلا أن تطبيق تلك القوانين على أرض الواقع يواجه تحديات في التفعيل الرادع للعقوبات. فأحيانًا تشعر الناجية أن الجاني لن ينال عقابًا مناسبًا، خاصة إن كانت العقوبات السابقة مخففة أو تأخر البت في القضايا، وهذا الشعور قد يثنيها عن الإبلاغ من الأساس.

لحل هذه التحديات، توصي د.سمرين بمواصلة بناء قدرات المؤسسات والعاملين فيها في مجالات العنف القائم على التكنولوجيا، لضمان كفاءة الاستجابة وحساسية التعامل مع الضحايا. كما تؤكد أهمية تطوير التشريعات باستمرار لسد أية ثغرات تظهر، والأهم تطبيق القانون بحزم وسرعة لتحقيق الردع وبناء الثقة.

وتشير أيضًا إلى فائدة تيسير خدمات الاستشارة عن بعد؛ فمثلاً لو توفر خط مساعدة هاتفي أو عبر الإنترنت تتولى الرد عليه مختصات نفسيات وقانونيات بسرية، فقد يشجع ذلك النساء المترددات على طلب النصيحة الأولية على الأقل. بالفعل بدأت بعض المبادرات بخطوط ساخنة لدعم ضحايا العنف (مثل مبادرة Speak Up بالتعاون مع شركات التواصل لإزالة المحتوى المسيء( وفقًا ل إلهام برجس في مقالها على صحيفة الراكوبة بعنوان "العنف الإلكتروني بات امتدادًا للعنف الواقع في المجتمع"، موضحة أن الفضاء الرقمي يُستخدم أداة جديدة لممارسة السيطرة والابتزاز ضد النساء (الراكوبة، 28 يوليو 2025. وأخيرًا، لا بد من تكاتف الجهود المجتمعية لكسر حاجز الصمت؛ فكلما زاد حديث المجتمع بإيجابية عن هذه القضايا، وارتفع صوت الدعم للناجيات، ستشعر المزيد من النساء بالأمان للتوجه إلى الجهات المختصة بدل فضاء الإنترنت وحده.


الآثار النفسية والاجتماعية لفقدان الثقة والوصمة

الأثر النفسي على النساء الناجيات من العنف الإلكتروني يتداخل مع تلك العوامل الاجتماعية والقانونية. توضّح الكرمي أن الخوف من الوصمة وانكشاف الهوية عند اللجوء للمؤسسات الرسمية ينعكس بوضوح على قرارات العديد من النساء بعدم الإبلاغ. هذا الخوف يضع الناجية في حالة توتر وقلق مسبق تجاه فكرة الشكوى الرسمية؛ فهي تتخيل الأسوأ:“ماذا لو عرف الجيران؟ ماذا لو تم التحقيق معي أمام أشخاص لا أرغب بوجودهم؟”.

بالتالي، قد تجد في المنافذ الإلكترونية متنفسًا أقل رهبة. تسعى المرأة عبر مواقع التواصل إلى البحث عن مؤازرة اجتماعية ودعم معنوي دون الاضطرار لكشف هويتها أمام سلطات رسمية قد تشعر أنها ستحاكمها هي أيضًا. هذا لا يعني أن النشر على الإنترنت خالٍ من المخاطر، لكنه بالنسبة لبعض النساء أهون من المواجهة المباشرة أمام الشرطة أو القضاء في ظل غياب ضمانات واضحة للسرية.

من جانب آخر، غياب الثقة بالحماية القانونية يخلّف آثارًا نفسية سلبية عميقة على الناجيات. تشرح الكرمي ذلك بمثال: الطفل الذي صدمته حقنة مؤلمة من طبيب يرتدي معطفًا أبيض قد يكتسب خوفًا من كل من يرتدي هذا المعطف لاحقًا. بالمثل، المرأة التي فقدت الثقة في المنظومة القانونية تشعر بعدم الأمان أمام أي شخص يمثل القانون. مجرد التفكير في التوجه إلى مركز الشرطة أو المحكمة يرفع مستوى التوتر لديها، لأنها تتوقع تجربة مؤلمة أو مخيفة ربما نتيجة ما سمعته أو ما اختبرته غيرها..

هذه الحالة من القلق المزمن إذا استمرت قد تدفع بعض الناجيات إلى العزلة الاجتماعية. تسجل الأخصائية حالات لنساء دخلن في اكتئاب وانسحبن من محيطهن الاجتماعي بسبب الشعور بالعجز وغياب سند قانوني يحميهن. إذ عندما تؤمن الضحية أنه“لا أحد سيحميها”، تفقد الدافع للتفاعل حتى مع الدوائر الداعمة وتفضل الانزواء تفاديًا لمزيد من الألم.

أما انتهاك الخصوصية وغياب السرية في التعامل الرسمي فيمكن أن يضاعفا الصدمة النفسية بشكل كبير. إذا تقدمت امرأة بشكوى وفوجئت أن قصتها يتناقلها الآخرون أو علم بها أشخاص خارج دائرة الثقة، فهذا يعيد فتح الجرح مرارًا.

تصف الكرمي هذا بقولها "عندما تنكشف هوية الضحية، تصبح عُرضة لأي شخص ليسألها عما حدث. كل سؤال من هذا القبيل يُعيدها لنقطة الصفر وهي تحاول تجاوز ما جرى". هكذا تجد الناجية نفسها مضطرة لتبرير ما حصل معها رغم أنها الضحية مما يزيد شعورها بالذنب والعار غير المبرر. فقدان السرية يهدم الثقة تمامًا ويولد شعورًا مستمرًا بالتوتر والترقب، وكأنها تعيش في خطر داهم لا تعرف مصدره. لذا يؤكد الخبراء أنه لا بد للجهات الرسمية من ضمان سرية المعلومات والإجراءات عند التعامل مع الناجيات، وإعلامهن بوضوح بهذه الضمانات منذ اللحظة الأولى. حين تشعر المرأة أن بياناتها الشخصية ومحاضر شكواها ستبقى طي الكتمان، يخف كثير من القلق الذي يردعها عن طلب المساعدة. وقد أشار تقرير إلى وجود إجراءات لدى وحدة الجرائم الإلكترونية تضمن السرية، حيث تعمل“بسرية تامة وتوفر الحماية للمشتكين” قبل إحالة الجناة للقضاء. وفقًا لمنشور "الظلال الرقمية: تهديد العنف الرقمي الموجه ضد المرأة في الأردن" على موقع النهضة العربية، يُعرف العنف الميسر بالتكنولوجيا (TFGBV) بأنه:


"أي فعل يُرتكب أو يتيسّر أو يتفاقم باستخدام تكنولوجيات المعلومات والاتصالات أو غيرها من الوسائل الرقمية، ويتسبب أو من المرجح أن يتسبب في أذى جسدي، أو جنسي، أو نفسي، أو اجتماعي، أو سياسي أو اقتصادي أو غير ذلك من انتهاكات للحقوق والحريات" (النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)، 2025).


كذلك تؤكد الجهات الأمنية أن هناك وسائل حماية آمنة وسرية متاحة للضحايا إذا بلغوا، بما فيها حذف المحتوى الضار من الإنترنت واستعادة الحسابات المخترقة فورًا. لكن يبقى التحدي في إيصال هذه الرسالة للنساء لكسب ثقتهم. وتدعو محاسن الإمام (خبيرة إعلامية وحقوقية) الناجيات إلى اللجوء للقانون وعدم الخوف من نظرة المجتمع، مؤكدة وجود إجراءات تكفل السرية وحماية خصوصية المشتكيات، سواء عبر وحدة الجرائم الإلكترونية أو من خلال منظمات المجتمع المدني التي تتبنى قضيتهن وتتواصل مع القضاء بسرية تامة.
نحو تكامل الدعم النفسي والقانوني لتعزيز الثقة

تشدد الكرمي على أن دمج الخدمات النفسية مع الدعم القانوني هو أحد المفاتيح الرئيسية لتقوية حماية النساء المعنّفات إلكترونيًا. عندما تقرر ناجية كسر صمتها والتوجه إلى المنظومة القضائية، فهي لا تحتاج فقط لمحامٍ يرفع قضيتها، بل أيضًا إلى من يدعمها نفسيًا خلال الرحلة القانونية الشاقة. لذلك، من الضروري أن يتمتع مقدمو الدعم القانوني (سواء في الشرطة أو القضاء أو المساعدة القانونية) بقدر من الإلمام بالأساسيات النفسية للتعامل مع ضحايا الصدمات، كما وتوصي الكرمي بأن يحصل الضباط والمحامون والقضاة على تدريبات حول الصحة النفسية وآليات التواصل الحساسة مع الناجيات، ليتمكنوا من استشعار حالات الانهيار أو الاحتياج العاطفي لدى المرأة وإحالتها فورًا لأخصائي نفسي عند الضرورة. بعض القضايا تستدعي بالفعل وجود أخصائي/أخصائية نفسية جنبًا إلى جنب مع الفريق القانوني مثلاً في جلسات التحقيق الصعبة لتقديم دعم عاطفي فوري وتقييم مدى قدرة الناجية على المواصلة أو حاجتها لاستراحة أو علاج.
كما تقترح الكرمي إنشاء جلسات دعم نفسي اجتماعي جماعية للناجيات بالتوازي مع متابعتهن القانونية. لو تم جمع مجموعة من النساء الناجيات في فضاءات آمنة وسرية ليتحدثن عن تجاربهن تحت إشراف متخصصات، سيوفر ذلك لهن شعورًا بالتضامن ويكسر إحساس الوحدة والخوف. مثل هذه حلقات الدعم يمكن أن تُنظم بالتعاون بين الجهات القضائية ومنظمات المجتمع المدني، وربما يتم إحالة الناجيات إليها كجزء من برنامج حماية الشهود أو الضحايا، وتؤكد على ضرورة أن تكون هذه الخدمات مجانية أو قليلة التكلفة، لأن العديد من الناجيات قد لا يملكن القدرة المادية على تحمّل تكاليف علاج نفسي خاص، وتذكر "إن تغطية تكاليف الجلسات العلاجية وتأمين استشارات الدعم مجانًا يصب في مصلحة السرية والصحة النفسية معًا" على حد تعبيرها، إذ لن تضطر المرأة للقلق حيال عبء مادي إضافي فوق معاناتها.
وتفيد تجارب دولية بأن وجود فريق متعدد التخصصات لدعم الناجيات يحدث فارقًا جوهريًا. في الأردن، تعتمد إدارة حماية الأسرة نهجًا كهذا حيث توفر رزمة خدمات متكاملة تشمل الإيواء الآمن والدعم النفسي والقانوني والتأهيل المهني تؤكد إدارة حماية الأسرة في مديرية الأمن العام أن برامج الدعم تشمل توفير بيئة آمنة وداعمة سعياً لبث الأمل في الناجيات من العنف، ويتم ذلك عبر تقديم خدمات متكاملة تشمل الإيواء المؤقت، الدعم النفسي والقانوني، والتأهيل المهني لتحقيق الاستقلال المالي، مع الحفاظ على السرية وبناء الثقة.
حسب خبر بثته وكالة الأنباء الأردنية – بترا، 11 تشرين الثاني 2024 بعنوان " الناجيات من العنف.. جهود أردنية استثنائية للحماية والتمكين"، حيث تعتبر الإدارة الدعم النفسي“أحد الركائز المهمة” لإعادة تأهيل الناجيات، فتقدمه عبر جلسات فردية وجماعية تساعدهن على التغلب على الصدمات والتكيف مع الحياة. هذه المقاربة الشمولية ينبغي توسيعها وتطبيقها في كافة مؤسسات إنفاذ القانون والتوعية. عندما تجد الناجية في مركز الشرطة أو المحكمة مستشارة نفسية إلى جانب المحقق، وتشعر أن قضيتها تُعالج من كل الجوانب (قانونيًا ونفسيًا واجتماعيًا)، ستزداد ثقتها بالنظام برمّته. هذا بدوره سيشجع المزيد من النساء على طلب المساعدة عبر القنوات الرسمية بدلًا من اللجوء للفضاء الرقمي فقط. باختصار، خلق بيئة يكون فيها الدعم القانوني مُعزَّزًا بإسناد نفسي واجتماعي هو مفتاح لكسب ثقة الناجيات وضمان عدم تركهن وحيدات في مواجهة تبعات العنف الإلكتروني.

المشهد القانوني والاستجابة القضائية للعنف الإلكتروني

على الصعيد القانوني، تمتلك الأردن إطارًا تشريعيًا ينظم الجرائم الإلكترونية عمومًا، إلا أن تغطيته لبعض أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي عبر الإنترنت شهدت تطورات حديثة. في عام 2015 صدر قانون الجرائم الإلكترونية لأول مرة، ونُقح مؤخرًا في 2023 لمواكبة الجرائم المستجدة. يجرّم هذا القانون عدة أفعال تشمل الاختراق غير المشروع لأنظمة المعلومات، واعتراض البيانات أو حذفها، بالإضافة إلى جرائم الذم والقدح والتحقير الإلكترونية ونشر المواد الإباحية وغيرها، حسب ما ذكر في (المجلس النيابي الأردني في تصريح نانسي نمروقة، وزيرة الدولة للشؤون القانونية).
كما يُعاقب القانون على التحريض على الدعارة والفجور إلكترونيًا أو التعرض للآداب العامة عبر الإنترنت. أما جرائم الابتزاز الإلكتروني والتشهير فجرى التعامل معها عبر مزيج من قانون الجرائم الإلكترونية وقانون العقوبات العام. على سبيل المثال، تنص المادة (415) من قانون العقوبات الأردني على معاقبة كل من يهدد شخصًا بفضح أمر أو إفشاء سر للنيل من شرفه أو سمعة أحد أقاربه بالحبس من 3 أشهر إلى سنتين وبغرامة 50-200 دينار، ويدخل ضمن ذلك التهديد بنشر صور أو معلومات خاصة وهو جوهر كثير من قضايا الابتزاز الإلكتروني. كما يعاقب من يقوم بابتزاز شخص لحمله على القيام بفعل أو الامتناع عنه لتحقيق منفعة غير مشروعة، وهذه النصوص تؤكد أن الابتزاز والتشهير عبر الإنترنت مجرّمان قانونًا، وإن لم يُذكر صراحة لفظ“عبر الإنترنت” في بعضها، حيث تكفل القواعد العامة شمول الفعل سواء ارتُكب وجهًا لوجه أو بواسطة تقنية.


وقد أكد رئيس وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية في الأمن العام لمحمود المغايرة أن الإناث هن الضحايا الرئيسيات لجريمة الابتزاز، وغالبًا ما تُستهدفن عبر مخططات تقوم على الحصول على صور أو فيديوهات خاصة بهن وتهديدهن بها. وقد تعاملت المحاكم مع مئات من قضايا الابتزاز؛ فمثلًا تضاعف عدد الجرائم الإلكترونية المبلغ عنها 6 مرات بين 2015 و2022 ليصل 16027 قضية في عام 2022 وحده، منها 1285 قضية ابتزاز إلكتروني. وفي إحدى القضايا عام 2020، سجل القضاء الأردني سابقة هي الأولى من نوعها بإدانة مرتكب“هتك عرض عن بُعد” باستخدام الإنترنت، مما يدل على قدرة القانون على استيعاب الأشكال الجديدة من الجرائم الجنسية الرقمية في إطار التشريعات القائمة، وفقًا لمدونة الظلال الرقمية: تهديد العنف الرقمي الموجه ضد المرأة في الأردن – (النهضة العربية للديمقراطية والتنمية – أرض، 6 فبراير 2025).

ورغم هذا الإطار القانوني، يُثار التساؤل حول مدى جدية المحاكم في التعامل مع قضايا العنف الإلكتروني ضد النساء.

المعطيات الرسمية تشير إلى أن القضاء ينظر بالفعل آلاف القضايا سنويًا بموجب قانون الجرائم الإلكترونية. فخلال السنوات الأربع الماضية فقط تعاملت المحاكم الأردنية مع 16,760 قضية متعلقة بالإنترنت تورط فيها أكثر من 20 ألف شخص، و من بين هذه القضايا كان نصيب الأسد للجرائم المرتبطة بالتشهير والقدح والتحقير (نحو 11,926 قضية خلال أربع سنوات) تلتها قضايا التهديد الإلكتروني حوالي 1,424 قضية.

هذه الأرقام تدل على أن القضاء لا يتهاون مع جرائم الإساءة الإلكترونية، بل يتعامل معها بجدية كافية ويصدر فيها أحكامًا. ولكن مدى صرامة تلك الأحكام وفعاليتها في الردع هي محل نقاش بين الحقوقيين. فالعقوبات المنصوص عليها حاليًا كما رأينا قد تصل في بعض الجرائم إلى حد أدنى بضعة أشهر سجن أو غرامات مادية متواضعة، ما يدفع البعض للمطالبة بتغليظ العقوبات لتكون أكثر ردعًا. وقد دعت الجمعية الأردنية للمصدر المفتوح (JOSA) صراحةً إلى تشديد العقوبات القانونية على جرائم العنف المبني على الجنس وإلى تطوير نظام وطني لرصد هذه الجرائم.

ويبدو أن المشرّع أخذ خطوة في هذا الاتجاه عبر القانون الجديد لعام 2023، إذ تضمن مواد أشد صرامة خاصة فيما يتعلق بنشر الإشاعات أو الإساءات عبر الإنترنت رغم ما أثاره القانون من جدل بشأن حرية التعبير، لكن يظل التطبيق الحازم هو العامل الحاسم في إعطاء هذه القضايا وزنها المستحق في المحاكم.

الخصوصية وسرية بيانات الناجيات في القانون

أحد أهم أسباب تردد الناجيات في اللجوء للقضاء هو خشيتهن من انتهاك الخصوصية وتسريب المعلومات الشخصية. فهل يوفر القانون الأردني ضمانات كافية لحماية سرية بيانات الناجيات؟ من الناحية النظرية، قانون أصول المحاكمات الجزائية يسمح بعقد جلسات سرية في بعض القضايا الحساسة، كما أن قانون حماية الأسرة (2017) يُلزم الجهات المعنية بالمحافظة على سرية معلومات الضحايا في قضايا العنف الأسري. لكن بالنسبة للعنف الإلكتروني، لا توجد مادة قانونية خاصة تنظم سرية هوية المشتكية بشكل منفصل. رغم ذلك، تؤكد الجهات الرسمية أن سياسة السرية متبعة فعليًا في وحدات التحقيق الإلكترونية. فكما أسلفنا، تعمل وحدة مكافحة الجرائم الإلكترونية بسرية تامة وتحافظ على خصوصية المشتكين، خاصة النساء. كذلك شددت إدارة حماية الأسرة على موقعها الرسمي أنها توفر بيئة آمنة وداعمة للناجيات تتضمن التدخل السريع بالرعاية الطبية والنفسية والإيواء المؤقت ودعمًا قانونيًا، مع الحرص على السرية في كل تلك الإجراءات، وحتى الناشطات الحقوقيات اللواتي يرافقن الضحايا يلتزمن باتفاقيات عدم الإفشاء خلال متابعة القضايا.

ومع ذلك، يبقى التحدي في إقناع النساء بأن هذه السرية حقيقية ومضمونة، فثقة الجمهور لا تُكتسب بسهولة، ولابد من إجراءات ملموسة تعززها مثل تخصيص قاعات منفصلة لقضايا العنف ضد المرأة في المحاكم بعيدًا عن التجمعات، أو إصدار بروتوكول يلزم كل من يتعامل مع شكوى إلكترونية بعدم إفشاء أي معلومة تحت طائلة المساءلة.

أحد المقترحات أيضًا إنشاء منصة إبلاغ رقمية تتيح للمرأة التقدم بشكواها الأولية دون الكشف عن هويتها إلا للجهة المختصة، وذلك لحين بدء التحقيق رسميًا. هذا من شأنه طمأنة المبلِّغة بأن معلوماتها لن تنتشر خارج النطاق الضيق للمحققين.

كما طالب خبراء بضرورة توفير قنوات سريعة للشكاوى تراعي الخصوصية؛ أي خطوط ساخنة أو منصات إلكترونية يمكن للناجيات التواصل عبرها مباشرة مع وحدة الجرائم الإلكترونية بسرية، بدل اضطرارها للذهاب شخصيًا إلى مركز أمني قد يسبب لها التوتر.

ورغم عدم وجود نص قانوني "يضبط" خصوصية بيانات الناجيات بشكل تفصيلي، يمكن القول إن مبدأ الخصوصية مكفول ضمنيًا ويجري تعزيز تطبيقه عبر تعليمات إدارية وتوجيهات عليا في جهاز الأمن والقضاء. ويُؤمل أن تشهد الفترة المقبلة خطوات أكثر وضوحًا في هذا الصدد، لأن حماية الخصوصية ليست فقط حقًا للناجية بل هي عامل جوهري لتشجيع الإبلاغ وضمان عدم إفلات الجناة من العقاب.

تأتي هذه النتائج استكمالًا لما توصلت إليه البحث المعنون "المرأة الأردنية واستخدام وسائل التواصل الاجتماعي لغايات التعبير عن العنف" (2022)، التي أبرزت أن وسائل التواصل الاجتماعي شكّلت نافذة بديلة للنساء للتعبير عن معاناتهن، في ظل غياب الثقة الكاملة بالقنوات الرسمية. فقد كشفت الدراسة أن غالبية المشاركات اعتبرن الفضاء الرقمي وسيلةً للتفريغ والتضامن، لكنه في الوقت ذاته عرّضهن لأشكال جديدة من الوصم وخطاب الكراهية.
إن تقاطع هذه النتائج مع التحليل الراهن لتعليقات المستخدمين على منصات مثل فيسبوك وإنستغرام وتيك توك، يعكس أن التحديات ما زالت مستمرة، بل أخذت أشكالًا أكثر تعقيدًا مع تزايد الانتشار الرقمي. وهو ما يضع أمام صانعي القرار والجهات الحقوقية مسؤولية مضاعفة الجهود من أجل حماية النساء وضمان فضاء رقمي أكثر أمانًا وعدالة.

قائمة المفاهيم

أ. مفهوم الابتزاز الإلكتروني
هو استخدام الوسائل الرقمية (مثل الرسائل أو الصور أو الفيديوهات) لتهديد الضحية بهدف الحصول على مال، خدمات، أو مكاسب غير مشروعة.
المصدر: قانون الجرائم الإلكترونية الأردني المعدل 2023، المادة 15.

ب. مفهوم الأسرة وإدارة حماية الأسرة
إدارة حماية الأسرة التابعة لمديرية الأمن العام في الأردن، وهي جهة رسمية تُعنى بتلقي شكاوى العنف الأسري والجنسي وتقديم خدمات متكاملة للضحايا.
المصدر: موقع مديرية الأمن العام الأردنية – إدارة حماية الأسرة.

ت. مفهوم التهديدات الإلكترونية
هي رسائل أو محتويات رقمية تتضمن تهديدًا مباشرًا بالاعتداء الجسدي، النفسي، أو الاجتماعي، وتُعد من صور العنف الميسر بالتكنولوجيا.
المصدر: الأمم المتحدة – تقرير TFGBV: Technology-Facilitated Gender-Based Violence (2022).

ث. مفهوم التنمّر الإلكتروني
استخدام الإنترنت أو الأجهزة الذكية لإرسال رسائل سلبية أو إهانة أو تشهير بشكل متكرر بهدف الإساءة لشخص ما.
المصدر: اليونيسف (UNICEF، 2021) – تعريف التنمر الإلكتروني.

ج. مفهوم الجرائم الإلكترونية (القدح والذم والتحقير)
هي أفعال نشر أو إرسال محتوى مسيء لشخص آخر يضر بسمعته عبر الوسائل الإلكترونية.
المصدر: قانون الجرائم الإلكترونية الأردني 2023.

ح. مفهوم حسابات وهمية / مجتمع الذكور الرقمي
الحسابات الوهمية: هويات مزيفة تُنشأ على المنصات لغرض التلاعب أو الإساءة.
مجتمع الذكور الرقمي: يشير إلى المجموعات المغلقة أو التفاعلات الرقمية التي تعيد إنتاج الهيمنة الذكورية عبر خطاب كراهية ضد النساء.
المصدر: تقرير ISD Global عن خطاب الكراهية الرقمي في الأردن (2025).

خ. مفهوم الخصوصية الرقمية
حق الأفراد في حماية بياناتهم وصورهم ومراسلاتهم من الاستخدام أو الكشف غير المصرح به.
المصدر: الجمعية الأردنية لحماية البيانات – JOSA.

د. مفهوم الدعم النفسي الاجتماعي
خدمات تُقدَّم للضحايا لمساعدتهم على التكيف والتعافي من الصدمات، وتشمل الاستشارات النفسية، الدعم الأسري، والتأهيل المجتمعي.
المصدر: منظمة الصحة العالمية (WHO) + دليل وزارة الصحة الأردنية.

ر. مفهوم الرجل الحامي/المجتمع الأبوي
خطاب اجتماعي يصوّر الرجل باعتباره الحامي الأساسي للمرأة، مما يكرّس التبعية ويحد من استقلاليتها.
المصدر: دراسات الجندر – مركز دراسات المرأة/الجامعة الأردنية.

س. مفهوم السوشيال ميديا (الوسائط الاجتماعية)
منصات رقمية مثل فيسبوك، إنستغرام، وتيك توك تُستخدم للتواصل ونشر المحتوى والتعبير عن الرأي.
المصدر: تعريف تكنولوجي – تقارير We Are Social (2024).

ف. مفهوم الفضفضة الإلكترونية
استخدام النساء لوسائل التواصل الاجتماعي كمساحة للتعبير عن مشاعر وتجارب العنف، بحثًا عن التضامن والدعم.
المصدر: رسالة الماجستير – هديل الصعبي (2022).

ق. مفهوم القوانين الدولية
تشمل الاتفاقيات الدولية مثل اتفاقية سيداو CEDAW التي صادقت عليها الأردن عام 1992، والتي تلزم الدولة بحماية النساء من العنف بجميع أشكاله، بما في ذلك العنف الرقمي.
المصدر: الأمم المتحدة – نصوص اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.

المصادر:

  • التقارير والأبحاث المتصلة أعلاه من جهات أردنية ودولية، منها النهضة العربية للديمقراطية والتنمية (أرض)
  • ardd-jo
  • almamlakatv
  • مقابلات مع مختصين
  • no2ta
  • دراسة هيئة الأمم المتحدة للمرأة
  • almamlakatv
  • موجز سياسات ISD Global
  • isdglobal

    تم اتباع أعلى معايير الدقة والمهنية في نقل المعلومات، مع الحرص على خصوصية وأمان المتحدثات.

    MENAFN03092025000209011053ID1110012100

  • إخلاء المسؤولية القانونية:
    تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.