
"وين الطروش؟".. كتاب يروي ذكريات من البادية
وتذكر الراوية صبحة محمد جابر الخييلي، أنها عاشت طفولتها في بادية أبوظبي في منطقة (العشوش) بالقرب من سويحان، ومارست ألعاب الأطفال مع رفيقاتها، واستمتعت بقضاء الأعياد وفرحتها كباقي الأطفال.
وشاهدت الفنون الشعبية ورددت الأهازيج. وأشارت في الكتاب إلى أن الحياة في تلك الحقبة كانت سهلة وبسيطة بالرغم من قساوة الطبيعة، والظروف الصعبة التي كان يتعرض لها سكان البادية.
وتحكي الراوية عن حياة الترحال في البادية، وأن توافر الماء في مكان معين هو سبب استقرار أهل البادية، لأنه من أهم مقومات الحياة سواء للبشر أو للإبل والأغنام، وقبل انتقال الناس من مكان إلى آخر، كانوا يرسلون رجالاً للمنطقة المراد الرحيل إليها، على سبيل استطلاع المكان، وهل يصلح للرعي والسكن أم لا، وكانوا يطلقون على هؤلاء الرجال (الرواد).
وعن النظام الأسري والاجتماعي في البادية، تذكر الراوية أن أهل البادية كانوا يعيشون في تجمع يسمى (الفريج)، يضم من 4 إلى 6 منازل، يتعارف أهلها ويتواصلون ويتعاونون على جميع الأعمال، ويتبادلون الطعام والشراب.
وفي نهاية كل يوم وعقب العودة من الرعي، يجتمع الرجال ليصنعوا قهوتهم، ويتبادلوا الأخبار على إيقاع الشعر، ويستمعوا إلى حكايات الصيد والرعي اليومية، وإلى أخبار التجار العائدين من أبوظبي، وتستمر السهرة حتى صلاة العشاء. أما النساء فيجتمعن في بيت إحداهن ليحتسين القهوة مع التمر.
وتذكر الراوية أن المرأة البدوية كانت تدير شؤون البيت بحكمة، وتتحدى بيئتها الصعبة في الحر والبرد، فتستخدم الحطب والماء بحكمة، لأنها تعي أهمية وجودهما في البيت، وكانت تؤدي واجباتها الاجتماعية مع جيرانها، في حال وجود ولادة أو عرس.
وكانت المرأة تقوم مقام الرجل في حال غيابه في تجارة، فترعى الإبل وتحلبها وتجمع الحطب وتجلب الماء من البئر وترعى الأبناء.
وتقدم الراوية في الكتاب نماذج من نساء البادية الشهيرات مثل: رزنة بنت مطر الخييلي، والتي اشتهرت بعلومها وحسن تدبيرها ومهارتها في الحرف والصناعات البدوية مثل أعمال الغزل والحياكة، وصناعة عتاد الناقة وبيوت الشعر.
وحمدة بنت جمعة الخييلي، والتي اشتهرت بكرمها الكبير وشجاعتها وتحملها لمسؤولية البيت والإبل. وقامشين بنت خلفان الخييلي، والتي اشتهرت بالكرم الذي كان مضرب المثل في البادية، ونساء أخريات مثل: غريبة بنت عويضة بن جابر الخييلي، وموزة بنت خميس بن جبر السويدي، وسلمى بنت جمعة الخييلي.
تذكر الراوية أنه في فصل الشتاء كان البدو يسكنون بيوتاً مصنوعة من شعر الماعز وصوف الغنم، وهي تحمي من البرد وتبعث الدفء، وتقي من تسرب الأمطار.
وكانت المرأة هي التي تقوم بغزل الصوف وشعر الماعز، أما في الصيف فكان البدو يجتمعون عند الآبار ويبنون البيوت من خوص النخل لتحميهم من الحر، ويرشونها بالماء لتلطف حرارة البيت من الداخل، ويعلقون خارج البيت قربة (الشنة) لتبريد مياه الشرب.
وتشير الراوية في الكتاب إلى أن للصحراء أثراً كبيراً في تشكيل عادات وتقاليد البدو، وفي تشكيل شخصياتهم وسلوكهم وطرق تعاملهم مع الآخر، فاتسم البدوي بالشهامة والرجولة والكرم والصبر وتحمل الشدائد، والتراحم والترابط عند الأزمات.
وتلفت الراوية إلى أن المجتمعات البدوية تميزت بالطب الشعبي والتداوي بالأعشاب. إضافة لتجبير الكسور بشعر الغنم والطحين والملح، ومص السم لمن تعرض للدغ ثعبان أو عقرب ووضع خلطة عشبية مكان الجرح.
كما عرضت الراوية لأشهر الأطعمة في البادية وطرق تحضيرها والأدوات المستخدمة في إعداد الطعام وحفظه وتقديمه، والأعشاب التي تستخدم كتوابل، وبعض الأشجار التي كانوا يتناولون أوراقها مباشرة أو إضافتها لبعض الأطعمة.
وأهم الأطعمة التي تقدم في وجبات الإفطار والغداء والعشاء وفي المناسبات المختلفة. وطرق حفظ الأطعمة وأدوات طحن الحبوب وأدوات تقديم القهوة.
وتستعرض الراوية علاقة البدو بالمدينة، والتي كانوا يذهبون إليها بغرض التجارة وتبادل البضائع، وتلقي العلم وحفظ القرآن الكريم، ونقل ما تعلموه لأهل الفريج، وكانوا يعلمونهم بالكتابة على الرمل لعدم وجود أوراق وقتها.
يعد هذا الكتاب توثيقاً ميدانياً، لطبيعة الحياة والمجتمع في بادية أبوظبي خلال فترة الثلاثينيات وحتى الستينيات. ويحاول هذا الكتاب من خلال روايات صبحة بنت محمد بن جابر الخييلي ((بنت الصحراء))، أن يسلط الضوء على تراث البادية في تلك الفترة.
من خلال تجارب حياتية حقيقية عايشتها الراوية، فتصف طبيعة الحياة في البادية وقتها وقساوتها وتحدياتها وطرق المعيشة والمهن السائدة وقتها، وأثر المرأة في الحياة الاجتماعية والثقافية، والعادات والتقاليد والمعتقدات التي كانت تسود البادية. ويعد الكتاب عنصراً مهماً من عناصر توثيق الهوية الإماراتية والحفاظ على موروثاتها القديمة.
إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.
الأخبار الأكثر تداولاً
يستكشف أحدث فيديو من منصة مجموعة أكسفورد للأعمال العالمية الفرص المتاحة في قطاعات البناء والخدمات اللوجستية والزراعة والتجارة الرقمية
الجامعة الأمريكية في رأس الخيمة تعين البروفيسور بسام علم الدين، رئيسًا جديدًا لها
"مفاجآت صيف دبي".. فعاليات يحييها ألمع نجوم الفن العالمي
"طرق دبي": 33% انخفاضاً في استهلاك حافلات النقل العام للديزل
مطار دبي الدولي يروي قصص نجاح المرأة
أكثر من ألف قتيل في انزلاق أرضي بإقليم دارفور في السودان