أحمد بخيت: الحراك الثقافي في الإمارات يصنع مستقبلاً شعرياً مزدهراً
وعن وجود قطيعة حاصلة الآن بين الماضي الشعري والحاضر، قال: ((إن التراث أحد مكونات الهوية الإنسانية، دونه يصبح المبدع منفتحاً على المجهول، حيث لا جذر يعصمه من التماهي في الآخر وفقدان ذاته، والتجديد خصيصة إبداعية، فلا إبداع دون تجديد.
لا تستطيع أن تدير ظهرك لتراثك؛ فهو مشارك في تكوينك النفسي، بل والعضوي. لست وحدك، أنت تاريخ من الذكريات، منذ جدك الأول آدم وأمك الأولى حواء، حتى أبيك وأمك في شهادة ميلادك، ولولا الإبداع لبقيت لغة آدم جامدة عند الكلمات الأولى التي تلقاها، لكنه اكتشف الهبة العظيمة للسان البشري حتى وصل إلى تكوين فريد.
وفي الشعر خصوصاً، أرى التراث حاضراً بقوة في قصائد الجيل الجديد من تضمين واستعارة للأقنعة وتناصّ، لكن على مستوى الوعي الأمر مختلف تماماً؛ فهناك محاولات لا تقوم على استلهام حقيقي وابتكار ورؤية فنية، بل استجلاب لنماذج مكتشفة، والتحاور معها بالطريقة ذاتها، وهذا لا يثري المشهد الشعري، ولا يجعل الجديد عميقاً؛ فنحن في حالة مظهرية عامة، لا تصل إلى عمق حقيقي)).
وعن فكرة التلمذة الشعرية في العصر الراهن، أوضح أحمد بخيت: ((كلنا مقلدون حتى ننضج شعرياً))، ويمكننا أن نضيف: ((كل شاعر صاعد يتعلم ممن قبله، لكن عليه تجاوز أفق التقليد، واكتشاف شخصيته؛ ليصبح أيقونة للآخرين، ولا يبقى مجرد صدى لأصوات أخرى، وقليلٌ ما هم، والأكثرية تبقى في دائرة التقليد متشبثة بالنجاح السريع القصير وما يحققه من متعة وقتية، بينما عظماء الأدب لا يرضون بذلك، وينحتون طريقهم الصعب ليصبح مساراً لمن بعدهم)).
وحول قرار تركه العمل الأكاديمي وتفرغه للشعر، أكد أحمد بخيت، أن بعض القرارات القوية قد لا تكون مدروسة بحسم، ربما تدفعك السماء دفعاً باتجاهٍ ما ولو بالضغوط والمصاعب؛ لأن قدَرك هناك في المسار الصعب، أحياناً نُقنع أنفسنا بأن هذا قرارنا، لكن الحقيقة أنه حتى في قراراتنا نخضع لمؤثرات كثيرة من الحياة، ومن تكويننا، مضيفاً: ((كان القرار بترك العمل الأكاديمي بالفعل بتأثير الجانبين، وبداخلي لم أشعر بأن رحلتي الأكاديمية هي غايتي، والظروف حولي أثبتت لي ذلك)).
وعن الحركة الشعرية في الإمارات، قال أحمد بخيت: ((في الإمارات يتطور الجيل الجديد بسرعة فائقة أكثر من ذي قبل، وأتابع الأصوات الشعرية الإماراتية التي استطاعت أن تضع لنفسها مكاناً على الساحة العربية، ومنهم محمد البريكي وأمل السهلاوي، وأسمع كثيراً أصواتاً واعدة أخرى، وأعتقد أنه في السنوات المقبلة ستزدهر الأصوات الإماراتية أكثر بسبب كثير من الزخم الثقافي الذي تشهده الإمارات)).
وعن ظاهرة شحن القصيدة بكمٍّ هائل من الصور البلاغية المتلاحقة التي لا تفضي في النهاية إلى معنى مجرد، قال: ((كذلك فعل ابن المعتز وغيره قديماً، وحديثاً برزت الظاهرة عند جيل الرومانسيين، خصوصاً محمود حسن إسماعيل، والصورة الشعرية ليست زينة خارجية ولا مجرد ديكور، بل تعميق للمعنى، وإجلاء للرؤية، وتلمُّس لتفاصيل يصعب التعبير المباشر عنها، لكن الإغراق في المجاز والتصوير بلا وعي يجعلان القصيدة غابة، كما يقول الراحل الكبير محمد مندور، تضل فيها دون أن تهتدي لجوهر مركزي، وتنتهي منها كما بدأت، ولا تترك لخيالك فرصة السباحة مع الأفكار، وهذا بظني استهلاك للطاقة الإبداعية)).
إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

Comments
No comment