(MENAFN- Alghad Newspaper)
د. طارق عبد الحميد مسلّم*


في عالم يتحرك بسرعة غير مسبوقة نحو الرقمنة، لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد فكرة من أفلام الخيال العلمي، بل أصبح أداة حقيقية تُحدث ثورة في كيفية تفاعل الشركات مع عملائها.
لقد بات "المستقبل الذكي" الذي يصنعه الذكاء الاصطناعي اليوم في عالم التسويق الإلكتروني. حيث يغير هذا العقل الرقمي طريقتنا في التسوق والتفاعل مع العلامات التجارية.
أصبح الذكاء الاصطناعي حجر الأساس في إعادة تشكيل تجربة العملاء ضمن التسويق الإلكتروني. من خلال تحليل البيانات الضخمة وتوقُّع السلوكيات، أنه يمنحنا قدرةً فريدة على تقديم تجارب مُخصَّصة وفعَّالة، كتوصية المنتج المناسب في اللحظة المناسبة، أو تفعيل روبوتات الدردشة التي تُجيب على استفسارات العملاء على مدار الساعة. لم يعد التسويق مجرد رسائل عشوائية، بل تحوَّل إلى حوار ذكي يفهم الاحتياجات ويبني الثقة، مما يجعله أكثر سلاسةً وإبهاراً من أي وقت مضى.
من التوصيات الذكية إلى المحادثات التلقائية، باتت تجربة العميل اليوم أكثر ذكاءً وسلاسة من أي وقت مضى. فكيف غيّر الذكاء الاصطناعي قواعد اللعبة في التسويق الإلكتروني؟ وكيف يؤثر الذكاء الاصطناعي على تجربة العملاء في التسويق الإلكتروني؟
يؤثر الذكاء الاصطناعي (AI) بشكل عميق على تجربة العملاء في التسويق الإلكتروني، حيث يُحسّن التفاعلات ويُعزز الكفاءة ويُقدّم حلولًا مبتكرة من عدة جوانب على النحو الآتي:
1. التخصيص الفائق (Hyper-Personalization):
يسهم الذكاء الاصطناعي في تحليل سلوك المستخدمين عبر المواقع والمنصات المختلفة، مما يمكّنه من تقديم عروض ومنتجات مصممة خصيصًا لكل مستخدم. على سبيل المثال، تعتمد المتاجر الإلكترونية على خوارزميات توصية لاقتراح منتجات بناءً على تاريخ التصفح أو الشراء، مما يعزز فرص البيع ويزيد من ولاء، ويستطيع الذكاء الاصطناعي تحليل كميات هائلة من بيانات العملاء (مثل التصفح، المشتريات، التفاعلات على وسائل التواصل) لتقديم توصيات وعروض مخصصة ويُنشئ محتوى مخصصًا في الوقت الفعلي، مثل إعلانات تُظهر منتجات ذات صلة باهتمامات العميل المباشرة كتوصيات Netflix Amazon.)).
2. خدمة العملاء الذكية: من خلال الروبوتات الداعمة (Chatbots) التي توفر حلولًا فورية على مدار الساعة عبر محادثات طبيعية باستخدام معالجة اللغة الطبيعية (NLP)، مثل مساعدة العملاء في تتبع الشحنات أو حل المشكلات البسيطة. ويُستخدم الذكاء الاصطناعي التنبؤي للاستجابة لاحتياجات العملاء قبل ظهورها (مثال: تذكير العميل بتجديد اشتراك أو عرض منتج مكمل لمشتريات سابقة).
3. تحسين تجربة التسوق من خلال المحاكاة الافتراضية كتقنيات مثل الواقع المعزز (AR) تُتيح للعملاء "تجربة" المنتجات افتراضيًا مثال: تجربة نظارات أو أثاث عبر تطبيقات مثل (IKEA).
ويعتبر التسوق الصوتي من الأساليب المحسنة من خلال تقديم مساعدات ذكية مثل Alexa تُسهّل عمليات الشراء عبر الأوامر الصوتية.
4. تحليل المشاعر (Sentiment Analysis): يراقب الذكاء الاصطناعي التعليقات والمراجعات على المنصات الاجتماعية لفهم آراء العملاء العاطفية، مما يساعد العلامات التجارية على تعديل إستراتيجياتها بسرعة.
5. التسعير الديناميكي والتسويق: يُحدد الذكاء الاصطناعي الأسعار المثلى بناءً على الطلب، المنافسة، وسلوك العميل، مما يعزز الربحية مع الحفاظ على جاذبية الأسعار.
6. التسويق التلقائي (Marketing Automation): يُحسّن الحملات الإعلانية عبر منصات مثلGoogleAds وFacebook من خلال استهداف دقيق وتحسين الإنفاق في الوقت الفعلي.
يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي ليس مجرد أداة تقنية، بل شريك إستراتيجي يسهم في بناء تجربة عميل أكثر ذكاءً، سرعةً، وفاعلية. ومع تزايد اعتماده، من المتوقع أن يشكل الذكاء الاصطناعي مستقبل التسويق الإلكتروني، ويعيد رسم معالم العلاقة بين العلامات التجارية والعملاء.
وبفضل الذكاء الاصطناعي، لم تعد تجربة العميل مجرد تفاعل تقليدي، بل أصبحت رحلة شخصية مصممة بدقة وذكاء. ومع استمرار تطور هذه التكنولوجيا، سيصبح التسويق الإلكتروني أكثر قدرة على فهم العملاء وخدمتهم بشكل يلبي تطلعاتهم ويُعزز من ولائهم.

*أستاذ مساعد- جامعة إربد الأهلية

MENAFN12042025000072011014ID1109422954