‏مشروع ترمب: نعي رسمي للإنسانية


(MENAFN- Khaberni)

كانت جالسة تتصفح مواقع التواصل الاجتماعي ؛ وفجأة شاهدت رجلا أشقرا من بلاد العم سام يتحدثعنها وعن اهلها وعن أطفالها المستقبليين، وعن حياتها بأسرها، راحت ترقبه وهو يقلب الخرائط بكل استهزاء واستخفاف وكأنه يمسك كتاب التاريخ بيديه، صعقت حينما قال بنبرة متعالية متناسية للمعنى الذي خلقنا من أجله:يجب أن يخرج هؤلاء، يجب أن يذهبوا إلى مكان آخر نقرره أنا وزمرتي، مكان نعتقد نحن أنهم سيجدون فيه السعادة والرخاء.


‏حينها رمقت هاتفها بنظرة ازدراء لمجرد أنها تذكرت أنهم هم من صنعوه، وركلته بكل ما أوتيت من وجع وألم وجوع ودمار طوال 15 شهرا من إبادة لم يعرف لها التاريخ مثيلا، رمت هاتفها رغم ما فيه من صور الراحلين الذين اختار العدو أن ينهي حياتهم لأنهم رفضوا الحصار، لأنهم رفضوا أن يكونوا أرقاما في ماكينة القمار الدولية التي تجعل كل شيء قابلا للبيع والشراء، تخيلت حينها قطيعا من الضباع المسعورة وهي تقضم سنين عمرها وعمر أجدادها ومعها تراب احتضن أحبتها، تخيلت ثعلبا يقف على ناصية الغابة يتهيأ لينقض على خراف ضعيفة وهي تصرخ في وجهه بعجز:أين المجتمع الدولي؟ والقانون الدولي؟ و.. و.. ثم يغيب صوتها المتحشرج في أودية اللا منطق؛ فكيف تريد الخراف منطقا في غابة؟ وكيف تطلب من غيمة صيف بلهاء أن تروي الأرض بالودق؟


‏ هي تعلم أن سورة الإسراء قد وعدتها بالنصر في فجر ما، وهي تبصر الطريق لكن صدمتها بالتخلي الذي أصاب زمانها جعلتها تفقد حواسها كلها؛ فغزة هي أمها التي يريدون أن تعقها، وغزة هي فجرها الذي يسعون لسرقته حتى لا ترى عيناها إلا سرمدا، غزة هي ذاتها المتوحدة معها وذاكرتها التي تتمرد على أمراض العصر.


‏صدقوني؛ هي لم تقرأ ردود الأفعال وكلمات السياسيين ولم تشاهد طوابير المحللين المتسابقين أمام الشاشات لقراءة التداعيات، كل ما عرَفَته أنهم سيهدمون زاوية كتبها الصغيرة لتصبح حجرة في فندق ب٧٠ نجمة، كل ما تعرفه أنهم سيسخرون من دفء غرفة معيشتها ليحيلوها لمقهىً للكذب، كل ما تعرفه أنهم سيقتلعون ما تبقى من قواريرها ليستبدلوا عبيرها بدخان سيجارهم، كل ما تدركه أن ثمة وحوش رأتها وهي تستنشق الموت ثم حسدتها على الحياة بعده، كل ما تعرفه أن رجلا أشقرا يريد أن يسرق منها حياتها في مشهد سريالي من صطوة المال وموت القيم وضياع البوصلة الأخلاقية لعالم ظنناه يوما موطنا للجميع.

MENAFN11022025000151011027ID1109193066


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.