هل تنجح الصين بالتمهيد لشرق أوسط متعدد الأقطاب؟
التاريخ
3/19/2023 4:28:24 AM
(MENAFN- Alghad Newspaper)
عواصم – تعددت التحليلات في أسباب دخول الصين على خط الوساطة بين إيران والسعودية والتي أثمرت باستئناف علاقات البلدين الدبلوماسية المقطوعة منذ 2016، الا أن معظم تلك التحليلات اجمعت على أنها تنطوي على تغييرات إقليمية دبلوماسية كبرى في المنطقة، ومحاولة إختراق ومزاحمة صينية على منطقة نفود أميركي امتدت لعقود والتمهيد لشرق أوسط متعدد الأقطاب.
وبقدر ما كان الإعلان عن استعادة العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران مفاجئا، بقدر ما توقف الكثير من المحللين عند نقطة معينة، ألا وهي رعاية الصين لهذا الاتفاق التاريخي الذي أنهى سبعة أعوام من القطيعة.
وأفردت الكثير من الصحف الأميركية مساحات لهذه الجزئية وما تحمله من دلالات، في مقدمتها تعاظم الدور الصيني اقتصاديا وسياسيا في الشرق الأوسط ، على حساب ضعف النفوذ الأميركي فيها.
ووصفت صحيفة واشنطن بوست هذا التطور بأنه“اختراق كبير لتنافس مرير لطالما قسم الشرق الأوسط”، ولفتت إلى فشل محاولات إدارة الرئيس باراك أوباما إصلاح العلاقات بين السعودية وإيران، الذي كان يرى أن الصراع بينهما يمثل“مصدرا للتوتر الطائفي في المنطقة”.
ونقلت الصحيفة عن جون كيربي، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، ترحيب الولايات المتحدة بالاتفاق، مع التأكيد على أن واشنطن“لم تكن طرفا مباشرا” فيه.
واعتبر كيربي أنه ما يزال مبكرا الحكم على صمود هذا الاتفاق وأنه“يبقى أن نرى ما إذا كان الإيرانيون سيلتزمون به... هذا ليس نظاما يفي بكلمته، لذا نأمل أن يفعلوا (هذه المرة). نرغب في أن تنتهي الحرب في اليمن”.
وأشارت الصحيفة إلى تمتع اليمن بـ”توقف نادر” للقتال منذ نيسان (أبريل) الماضي بعد تطبيق هدنة توسطت فيها الأمم المتحدة، على الرغم من انتهاء سريانها في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، وتحدثت الصحيفة كذلك عن استئناف“قنوات الحوار الخلفية” بين الحوثيين والجانب السعودي.
ورأت الصحيفة أن التركيز على الدور الذي قامت به الصين في هذا الاتفاق ربما يستهدف توجيه رسالة للقوى العظمى، ومن بينها الولايات المتحدة،“مفادها أن محور الشرق الأوسط يتغير”، حسبما ذكرت ماريا لويزا فانتابي المستشارة الخاصة لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مركز الحوار الإنساني بجنيف.
واستشهدت الصحيفة بوصف إدارة الرئيس جو بايدن لتعاظم دور الصين بأنه“أكبر تحد جيوسياسي للقرن الـ21”.
واعتبرت كاميل لونس، الباحثة في مكتب الشرق الأوسط بالمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية أن دور الصين“مفاجئ جدا حتى للمحللين الصينيين”.
وأضافت أن بكين لطالما تجنبت التدخل سياسيا في الشرق الأوسط، مع التركيز بدلا من ذلك على العلاقات الاقتصادية، مشيرة إلى أن الاتفاق يبعث برسالة رمزية“قوية جدا” نظرا لتوقيعها قبل أيام فقط من الذكرى العشرين للغزو الأميركي للعراق.
ومن جانبها، قالت كريستين سميث ديوان من معهد دول الخليج العربية بواشطن إن الصين حلت حقا كـ”لاعب استراتيجي في الخليج”.
وفي سياق متصل، ركزت صحيفة نيويورك تايمز على ما أعلنه كبير الدبلوماسيين الصينيين وانج يي في بيان على موقع وزارة الخارجية الصينية تعقيبا على الاتفاق، وتأكيده أن بكين قامت بدور رئيسي في استئناف العلاقات بين الرياض وطهران.
ووصف الدبلوماسي الصيني البارز هذا التطور بأنه“انتصار للحوار، انتصار للسلام، وخبر إيجابي كبير للعالم المضطرب بشدة حاليا، ويرسل إشارة واضحة”.
وبعيدا عن حسابات الصين والولايات المتحدة ومصالحهما، يرى مراقبون أن الاتفاق السعودي الإيراني ربما يضع نهاية لسنوات من الخلافات بين قوتين لهما ثقلهما في المنطقة، الأمر الذي قد يخمد نار صراعات لم تعد دول الإقليم تتحمل تبعاتها في ظل أزمة اقتصادية غير مسبوقة، وذلك ما لم يكن لقوى عظمى أخرى رأي مغاير.
ونشر الأميركي ديفيد إغناشيوس مقالا عن الشرق الأوسط عقب الوساطة الصينية بين السعودية وإيران، قائلا إن بكين تمهد لشرق أوسط متعدد الأقطاب، الأمر الذي يُعتبر تغييرا جوهريا وإستراتيجيا في الوضع بالمنطقة.
وأضاف الكاتب -في مقال له بصحيفة واشنطن بوست (Washington Post)- إن اعتماد الشرق الأوسط على قطب واحد، حيث تهيمن أميركا على سياسات المواجهة، جعله منطقة غير مستقرة، مضيفا أن تعدد الأقطاب لا يخلو من المخاطر التي تأتي مع التحوط المستمر لضمان التوازن بين القوى.
ونقل عن وزير الخارجية الأميركي الأسبق هنري كيسنجر قوله إن الوضع في الشرق الأوسط، بعد الاتفاق بين السعودية وإيران، يشهد تغييرا جوهريا، وستكون هناك لعبة جديدة بقواعد جديدة.
ونسب الكاتب إلى كيسنجر قوله إن ظهور بكين كصانعة سلام من شأنه أن“يغير الإطار المرجعي للدبلوماسية الدولية في المنطقة” إذ لم تعد الولايات المتحدة القوة المهيمنة فيها باعتبارها الدولة الوحيدة القوية أو المرنة بما يكفي للتوسط في اتفاقيات السلام، وإن الصين اكتسبت نصيبا من النفوذ في المنطقة.
وأشار إلى أن الدور الذي تقوم به الصين حاليا يجعل قرارات إسرائيل أكثر تعقيدا، لأن على تل أبيب أخذ المصالح الصينية بعين الاعتبار، عند الضغط على إيران.
وقال بأن الصين تحصد حاليا ما زرعته أميركا“التي ظلت تسعى منذ عقود” لتغيير سياسات إيران في المنطقة، لكن البرنامج النووي ما يزال يمثل العقبة الوحيدة.-(وكالات)
MENAFN19032023000072011014ID1105809330
إخلاء المسؤولية القانونية: تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.