Saturday, 21 September 2024 07:35 GMT



الاردن - الانتصارات غير المعلنة مع الذات تجدد الشغف تجاه الحياة

(MENAFN- Alghad Newspaper)

ربى الرياحي
عمان- في لحظة تأمل مع الذات، يقف الإنسان أمام جملة من الانتصارات غير المعلنة تلك التي يحققها في السر من دون أن يبوح بها لأحد تبقى بينه وبين نفسه.
تلك الانتصارات الصغيرة التي قد لا تكون موضع انتباه الكثيرين هي حتما مكاسب مهمة تحفز الشخص على رؤية الأمور بمنظور جديد، كما تمنحه جرعات من السعادة وتوقد في داخله الشغف تجاه الحياة.
تغيير عادة، تجاوز أزمة قاسية بالخفاء، حسم قرار، تقبل الحقيقة مهما كانت مرة ومواجهتها، كلها أشياء تدفع للانتصار على كل ما هو سلبي ويدعو لليأس والخوف والهروب، هذه المكاسب كلها حتى وإن لم يصفق لها الآخرون أو حتى يشعروا بها تشكل بالنسبة لكثيرين خريطة النجاح مع ذواتهم أولا ومن ثم مع الحياة.
ذلك الشعور الذي تعيشه إسراء عبدالله حينما تقوم بزيارة دار المسنين مرتين في الشهر وتخدم الكبار بالسن وتؤمن الاحتياجات الأساسية لهم، إذ لا يعلم أحد هذا الأمر الذي تقوم به بمفردها، لكنه بالنسبة لها انتصار إنساني كبير تعيشه.
هذا الشيء غير المعلن، ربما تراه إسراء أعظم ما تقوم به في حياتها، إذ يكفيها دعاء من كبيرة بالسن، وابتسامة من أخرى لا تريد شيئا سوى أن يستمع أحد لهمومها ومتاعبها. لذلك، ترى أن ما يعيشه الإنسان حينما يقدم العطاء لغيره أو يصنع التغيير في حياة شخص ما، مشاعر إيجابية لا يمكن أن يعوضها أي شيء آخر.
الانتصار الحقيقي يكون بأشياء بسيطة، ربما لكنها تصنع فارقا كبيرا، هذا ما يؤكده الثلاثيني سفيان غانم الذي يبين أن التحدي بداية يكون مع الذات عند النجاح في التغلب على كل ما يؤذينا ويظهرنا بصورة سيئة أمام من نحب. عصبيته الشديدة وانفعاله على أصغر الأمور وتسرعه في إصدار الأحكام هي في الواقع طباع صعبة ليس بالهين التعايش معها أو تقبلها دائما.
بدأ يدرك وبعد مواقف عديدة اختبرها أن اتصافه بهذه الطباع لن تنفعه بشيء، بل على العكس ستكون سببا في خسارته لأشياء كثيرة ستؤثر حتما على حياته لاحقا. لذا قرر سفيان أن يتغير محاولا التركيز على انفعالاته والتحكم بها قدر المستطاع، لعله ينجح في أن يكون شخصا هادئا قادرا على ضبط مشاعره والتفكير بكل كلمة قد تصدر عنه. قراره هذا ساعده كثيرا على تحسين علاقته بالآخرين كما جعله أكثر سعادة وشغفا بالحياة لكونه أدرك خطأه وما الذي عليه أن يفعله حتى ينتصر على غضبه.
وتتفق معه نسرين، إذ تلفت إلى أنه ليس من المهم أبدا أن تكون النجاحات كبيرة وعلى مرأى الناس لنعترف بها، هناك حروب نخوضها بصمت مع أنفسنا دون أن يعلم بها أحد. هي شخصيا واجهت الكثير من الأزمات آخرها خسارتها لفرصة مهمة في وظيفتها. لطالما حلمت بتلك اللحظة التي ستستلم بها ذلك المنصب المهم، إذ طورت نفسها وتعلمت مهارات جديدة لتكون جديرة بالنجاح على قدر الثقة، لكنها اكتشفت أنها كانت تطارد سرابا وأنها ما تزال بعيدة عن تحقيق ذلك الحلم لأسباب غير منصفة، من وجهة نظرها.
قدرتها على كتمان ما تشعر به من حزن مكنتها من تخطي مشاعر اليأس التي تملكتها، فضلت تجاوزه بمفردها والتغلب عليه كنوع من الانتصار لتستطيع مجددا أن تعيد ترتيب أوراقها وتتوازن استعدادا لخوض معارك أخرى أكثر شغفا وتحديا. وهي الآن حظيت بوظيفة أفضل مما كانت تحلم به لأنها تجاوزت المرحلة الأولى وتقبلتها على كل ما فيها.
تجارب الحياة كثيرة وكفيلة بأن تغيرنا، هذا ما أيقنته الأربعينية سحر سليم، تقول أحيانا“تجبرنا بعض المواقف على التصرف بخلاف طبيعتنا وهذا قد يكون بالنسبة لما نشعر به انتصارا على الطيبة الزائدة التي أتعبتنا”، مبينة أنها ومن خلال خبرتها الطويلة بالناس وجدت أن الحل الوحيد لتحمي نفسها من أذى البعض هو أن تضع كل شخص في مكانه الصحيح، فليس كل أحد يستحق أن يمنح أكثر مما يستحق وأن يتم إرضاؤه على حساب الآخر، فهي فهمت أخيرا أنه ليس الجميع بنفس طيبة قلبها وأنها مهما تفعل من خير ستجد من ينكر ذلك حتما. حسمها لقرار التغيير لم يكن أمرا هينا فقد احتاجت لوقت طويل حتى تعتاد طريقتها الجديدة في التعامل مع من حولها.
الاختصاصي النفسي الدكتور موسى مطارنة، يذهب الى أن الانتصارات الصغيرة التي يحققها الشخص مع نفسه هي من أهم المكاسب في الحياة وإن كانت غير معلنة أو لم يشعر بها أحد، لافتا إلى أن امتلاك الشخص المهارات الحياتية كالقدرة على تجاوز المشكلات والتعامل بمرونة مع كل ما يواجهه من أزمات وتحولات، هذا كله يجعله أكثر إيجابية ويساعده كذلك على بناء مفاهيم السعادة والتقبل والأمل مع الذات، كما يزيد من دافعيته وشغفه.
هذه المهارات كلها تمكن الشخص من أن ينجح في أي عمل يقوم به، حسب رأي مطارنة، فإذا استطاع تجاوز سلوك معين فهو بذلك يكون قد حقق انتصارا مهما أو حتى أحيانا تغلبه على المشاعر السلبية، وذلك بحد ذاته يعد مكسبا حقيقيا على المستوى الشخصي.
وينوه مطارنة إلى حقيقة أن“الحياة دائما تضعنا بتحديات مختلفة، يعتمد النجاح فيها بالدرجة الأولى على ما لدينا من خبرات ومهارات، فنحن عندما ننجح مع ذواتنا ونتقبلها ونؤمن بها بالتأكيد سننجح في أشياء أخرى وسيكون بمقدورنا تسلق سلم الحياة منتصرين بذلك على الكثير من المخاوف والعقبات”.

MENAFN14012022000072011014ID1103542292


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

النشرة الإخبارية