![](https://menafn.com//includes/img/error-logo-left.png)
الأردن وترمب.. والمواجهة الجريئة
خلال ثلاثة أسابيع، خلق دونالد ترامب فوضى عالمية عارمة، عندما بدأ يتصرف كرئيس شركة العالم وبدأ بإصدار أوامره التنفيذية في كل الاتجاهات، وكأن رؤساء الدول مجرد مديرين تنفيذيين لديه، والمثال الأوضح كيفية تعامله مع القضية الفلسطينية والعدوان الأخير على غزة، ففي الوقت الذي ينبغي أن يكون فيه نتنياهو محتجزاً لدى محكمة الجنايات الدولية كمجرم حرب، يُستقبل في واشنطن كصانع سلام وشريك في رسم مستقبل شعوب المنطقة، بل ويضع السيناريوهات التي، لو طُبقت لخلقت فوضى عارمة في الإقليم، والمقصود هنا تشتيت أهل غزة وبعد ذلك كامل فلسطين لعدة غايات، أولها إنهاء فكرة أن هذا المكوّن البشري يحمل صفة“شعب”، مما يُسقط حقوقه تلقائياً، والثاني هو خلق الفوضى والاضطراب في دول الجوار لتنفيذ المخططات الإسرائيلية.
وتفريغ غزة هو جزء من رؤية واسعة هدفها إعادة تشكيل المنطقة انطلاقاً من مصلحة إسرائيل، هذه الرؤية، تستند إلى قراءة سطحية للواقع، تغفل تعقيداته، في محاولة لرسم ملامح مشابهة لبداية القرن العشرين، عندما قررت بريطانيا وفرنسا رسم خريطة المنطقة وفقًا لمصالحهما، إلا أن الواقع قد تغيّر، وأميركا باتت على أعتاب نهاية إمبراطوريتها، وهي تسقط يوماً بعد يوم في وهم أن قوتها أبدية، مثلها مثل إسرائيل، التي أقنعت نفسها بأنها أصبحت القوة المتحكمة في المنطقة، وبالتالي يحق لها أن تفعل ما يحلو لها، لكن هذا منافٍ للواقع، فإسرائيل هذه ما تزال حائرة في كيفية التعامل مع فائض الفلسطينيين، الذين أصبحوا الخطر الاستراتيجي الأول لها، ومن أجل ذلك، دمرت غزة عن بكرة أبيها لإجبار أهلها على مغادرة القطاع، لكنهم لم يرضخوا للقوة، تمامًا كما لن يفعلوا ذلك بالترغيب.
فكرة الترحيل ليست بالجديدة، فهي تستند إلى مقترح قدمه جوزيف بيلزمان، الأستاذ في جامعة جورج واشنطن، في يوليو 2024، حيث تضمن إخلاء القطاع بالكامل، وكعادته، قام ترامب الداعم المطلق لنتنياهو، بترجمة طموحات الأخير التوسعية ضمن مشروع، يسعى لضرب عدة عصافير بحجر واحد، أولها جعل فكرة تهجير الفلسطينيين واحدة من الطروحات المقترحة والقابلة للنقاش، مما يضع دول الجوار في مواجهة هذا الخطر وبهذا يتحول النقاش حول القضية الفلسطينية من نقاش حول حلّ الدولتين إلى نقاش حول إبقاء الفلسطينيين في أرضهم، فينشغل الجميع بذلك، وهذا ما تسعى اليه اسرائيل، لكن ذهاب ترامب بهذا الاتجاه ليس عبثياً، بل له غاياته، وبالتالي فإن الرد عليه ينبغي أن يكون من جنس عمله، من خلال البدء بهجمة مضادة تضع كل الخيارات على الطاولة، بما فيها العلاقة مع إسرائيل والولايات المتحدة، فطالما أن ترامب ونتنياهو وصلا إلى هذا الحد من الاستهتار بمصالحنا، فقد يكون هذا هو الحل الأمثل، ومن يدري؟ ربما يحقق نجاحًا واسعًا، فعندما يدفعك صديقك (أميركا) إلى حافة الهاوية، فلن يكون لديك من المنطق إلا التفكير في أكثر الخيارات تطرفاً، حتى لو كان فيها بعض الأذى لك، فذلك أفضل من الموت والفناء، وهذا تحديداً ما تفعله بنا الولايات المتحدة الأميركية.
لقد ذهب ترامب بعيداً، ولا أمل معه في استخدام القانون الدولي، لأنه يأبه به، أما تعميق التحالفات مع الصين وروسيا والاتحاد الأوروبي، وعقد اجتماع للجامعة العربية، والتوجه إلى المؤسسات الأميركية والأممية، فقد يكون مفيداً، لكنه غير مضمون النتائج مع رجل تنحصر اهتماماته في الحصول على مكاسب سريعة، لذلك يجب ابتداع طريقة يفهمها ترامب، تجعله يدرك أن هذا التوجه يؤدي إلى خسارة حلفاء الولايات المتحدة، لذلك، لا ينبغي التردد في مناقشة أكثر القضايا حساسية بين البلدين، مثل التلويح بتجميد اتفاقية وادي عربة بين الأردن وإسرائيل، والتلويح بوقف التعاون الأمني والعسكري مع الولايات المتحدة، ورفض أي مساعدات مشروطة بتقديم تنازلات.
قد يقال إن هذا جنون، وهو كذلك، ففي مثل هذه الحالات، لا غنى عنه، قد يقال إن الاقتصاد سيتأثر، وحتى لو حصل ذلك، فإنه سيكون أقل ضرراً من خطر زوال الدولة، وقد يقال إن هذا خيار صفري، فليكن، فبدون وضع كل الخيارات على الطاولة بجرأة، ستبقى الأمور سائبة، فوجود ترامب يمتد لأربع سنوات، ولا يجب السماح بتمرير أي تنازل، وإلا فسيصبح هذا نهجًا ثابتاً في المستقبل.
طالما أن الملك عبدالله الثاني متسلح بدعم شعبه ومحبته، فلا توجد قوة في العالم قادرة على كسر إرادته أو ثنيه عن المضي قدماً في الدفاع عن الأردن ومستقبله ومستقبل حكمه، لذا، يجب وضع كل الأوراق على الطاولة، لأن الرضا والفخر الشعبي من هذا الموقف سيكون سداً يحمي الدولة ويضمن بقاءها وعدم انهيارها في وجه كل الصفقات الخاسرة .
الغد
إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي
تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا
من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما
يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام
مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.
الأخبار الأكثر تداولاً
سعر برميل النفط الكويتي يرتفع ليبلغ 78 45 دولار
الأمير يشمل برعايته وحضوره غدا حفل تخرج دفعة الطلبة الضباط الـ50 بكلية علي الصباح العسكرية
لا تشريعات ناظمة لإدارة مخلفات البناء والهدم
جنرال إسرائيلي: نواجه تهديدا وجوديا وحماس لن تستسلم
وزير الدفاع الإسرائيلي يبدأ بتحقيق تغيير كبير في السياسة