آيكوم دبي 2025.. حوار ثقافي عالمي تقوده دبي

(MENAFN- Al-Bayan) ماذا تُمثّل استضافة أكبر تجمّعٍ عالمي للمتاحف والمؤسسات الثقافية بالنسبة لدبي؟ للوهلة الأولى، قد يبدو الأمر مجرد حدثٍ بارز يُضاف إلى أجندة المدينة ويُعزّز مكانتها على الساحة الدولية، ولكن إن توقّفنا أمامه قليلاً، فسنجد الكثير من الأسئلة المهمة التي تستدعي مِنا وقفة تأمل، أبرزها: ما الذي سيرويه هذا الحدث عن مسيرتنا الملهمة، وموروثنا الثقافي المتجذّر في عمق التاريخ؟ وما الرسالة التي سينقلها عن دورنا في بناء جسورٍ بين الثقافات، وتعزيز حوارٍ عابر للحدود؟ وكيف سيعكس رؤيتنا للمستقبل، ويعيد تصوّر الثقافة كقوة دافعة نحو التقدم؟

من خلال هذه الأسئلة تتجلّى أهمية المؤتمر العام للمجلس الدولي للمتاحف (آيكوم دبي 2025)، الذي يقام تحت رعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي "رعاه الله"، كمحطةٍ مهمة تُعيد رسم مسار الثقافة والتراث في عالمٍ سريع التغير، ويبرُز الدور الذي يلعبه المجلس الدولي للمتاحف كمنصة تتلاقى فيها الثقافات، ويتألق التراث كشاهدٍ حيّ على تطوّر المجتمعات، وروحٍ نابضةٍ بالحياة تنتقل عبر الأجيال، وميراثٍ غني تتم مشاركته مع العالم؛ ففي كل متحف، نلمح إلى جانب المقتنيات والمعروضات تلك الروابط التي تصل بين الماضي والحاضر، وبين ثقافةٍ وأخرى، وبين البشرية في رحلتها المشتركة نحو فهمٍ أعمق للهوية والإنسانية.

يُراوِدنا الآن السؤال الأهم: لماذا دبي، ولِمَ الآن؟ الجواب باختصارٍ ووضوح: لأن دبي تجمع ثنائية الماضي والحاضر، وتستشرف المستقبل. فهي مدينة عصرية، ومع ذلك، متمسكة بتقاليدها وتراثها وقيمها الأصيلة.. تماماً كما في حرفة السدو، هذه الحرفة اليدويّة المتوارثة عبر الأجيال، والتي أصبحت اليوم رمز الهوية البصرية لآيكوم دبي 2025، حيث تربط الماضي بالمستقبل.

دبي هي ملتقى الثقافات، مدينة تمتاز بهويتها الغنية المتفردة القائمة على التنوع انطلاقًا من قناعة راسخة بأن التبادل العالمي يثري الهوية المحلية، وهذه الرؤية ليست وليدة اللحظة، بل متجذّرة في أعماق تاريخٍ ترسم ملامحه الاكتشافات الأثرية في دبي؛ من ساروق الحديد الأثري إلى حي الشندغة التاريخي وحي الفهيدي التاريخي، اللذان شكلا مراكز حيوية للتجارة والازدهار والترابط الاجتماعي، حيث ازدهرت المجتمعات بالإبداع والتبادل الثقافي.

إن استضافة دبي لآيكوم ليست مجرد شهادة جديدة على قوة صوتنا وحضورنا الثقافي، بل قصة فريدة ترويها دبي على خشبة المسرح العالمي، أبطالها الثقافة والتراث اللذان يلعبان دوراً محورياً في تعريف العالم بنا، كما يُعد هذا المؤتمر الدولي فرصةً لإعادة تصوّر دور المتاحف في مجتمعات سريعة التغيير، حيث تعكس المواضيع المختارة - التراث غير المادي، وقوة الشباب، والتقنيات الحديثة- قصة دبي كمدينة لم تنتظر المستقبل بل استشرفته وساهمت في تشكيله باستمرار، لتُقدّم من خلال ذلك نموذجاً حياً على التناغم الخلّاق بين أصالة الثقافة وحداثة الابتكار.. قصةٌ ملهمة تُذكرنا بضرورة صون التراث، والانطلاق منه نحو غدٍ مشرق، وتؤكد لنا أن الشباب، بما يمتلكونه من إبداع وشعورٍ بالمسؤولية، يجب أن يكونوا في قلب المعادلة دائماً، ليساهموا في إعادة تصوّر الثقافة، وتسلط هذه الرؤية الضوء على الابتكار والتكنولوجيا ودورهما في تقديم تجارب استثنائية تفاعلية متميزة، وابتكار أساليب جديدة لسرد القصص تعبر عن روح زماننا وتطلعاتنا للمستقبل.

نالت دبي شرف استضافة أول مؤتمر عام لآيكوم في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا، لتكون منبر المنطقة وصوتها في صياغة حوارٍ ثقافي عالمي مؤثر وفريد من نوعه، وقد تحقّق هذا الإنجاز بفضل قيادةٍ تؤمن بدور الثقافة في الارتقاء بالمجتمعات، وبجهودِ مؤسسات عملت بلا كلل لتمكين المبدعين وتهيئة بيئة إبداعية حاضنة لهم، وبتعاون مجتمعات وأفراد يدركون قيمة التراث ويواصلون صونه ونقله عبر الأجيال.

وفي عام 2022، حين فازت دبي باستضافة المؤتمر، قطعنا وعداً لمجتمع المتاحف في المنطقة: أن يجدوا في دبي منصةً تسمع أصواتهم، ومنارةً تُبرز إنجازاتهم، وموطناً يحتضن ثقافاتهم لتُرى وتُحس وتُقدَّر على مستوى العالم. كان ذلك وعداً نابعاً من قناعة راسخة بأن إرث هذه المنطقة يستحق أن يكون جزءاً أصيلاً من الخطاب الثقافي العالمي. ففي دبي نؤمن بأن النجاح لا يكون فردياً أبداً؛ بل هو نجاح نشاركه، نحتفي به، ونبنيه معاً.

وبينما نتطلع لتلك اللحظة المميزة التي يلتقي فيها العالم هنا في دبي من خلال آيكوم دبي 2025، فإننا نستحضر بفخر سر تفرّد مدينتنا، وكلنا ثقة بأن الإنجازات تلفت الأنظار، ولكن قصص النجاح هي التي تبقى وترسخ في الذاكرة، ومن هذه الرؤية، تفتح دبي أبوابها أمام مجتمع المتاحف العالمي، لتكتب فصول قصة جديدة، نتشارك من خلالها خبراتنا وطموحاتنا وإلهامنا مع العالم، لنرسم معاً مستقبل الثقافة في عالم دائم التغير.

MENAFN12112025000110011019ID1110330779

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

البحث