الجزيرة عمل كوميدي متكامل

(MENAFN- Al-Anbaa)


ياسر العيلة
ختامه مسك، كان ذلك لسان حال السواد الأعظم من حضور العرض المسرحي «الجزيرة» المأخوذ عن النص العالمي «القرعة» لبيير فيراري وروبير بيك، من إعداد وإخراج: يوسف المطر، وبطولة: فهد ليلي وكفاح الرجيب وصالح البحير.
هذا العرض الذي أبهر الجمهور وجسد فيه المطر مقولة سعد الله ونوس بأن «المسرح هو المكان النموذجي الذي يتأمل فيه الإنسان شرطه التاريخي والوجودي معا»، ختم المهرجان بفرجة مسرحية فيها من الفرادة والتميز ما يجعلك تبكي وتضحك في آن.
ونستطيع القول إن العرض من أقوى العروض التي قدمت في الدورة الثانية من مهرجان «باك ستيج المسرحي»، وتدور أحداثه حول غرق باخرة تحمل ركابا ماتوا جميعا باستثناء ثلاثة لم يتم العثور على جثثهم، هم ربان الباخرة «فهد ليلي» ومريم ابنة احد كبار التجار «كفاح الرجيب» وأحد الركاب الذين استقلوا الباخرة كهجرة غير شرعية، هؤلاء الثلاثة قذفتهم الأمواج إلى جزيرة مهجورة لا يسكنها سوى أشباح ولا يجدون طعاما ويحيون على أمل أن يأتي أحد لإنقاذهم، وخلال تواجدهم تقترح «مريم» عليهم بأن يعترف كل واحد منهم بذنب اقترفه في حياته لعل الله يغفر له، فتعترف بأنها سرقت أموال والدها وهربت بعد أن رفض تزويجها للشخص الذي تحبه بحجة انه فقير، في الوقت الذي تكتشف فيه أن والدها كوّن ثروته بشكل غير شرعي، لذلك قررت الانتقام منه، ويعترف القبطان «فهد ليلي» بأنه كان فاشلا في الدراسة، وحصل على شهادة تؤهله للحصول على رخصة قيادة باخرة بالواسطة، وهذه جريمة في حد ذاتها كانت عواقبها وخيمة، أما الشخص الثالث «صالح البحير» فاعترف بأنه كان يعمل في التجارة يبيع ويشتري برأسمال بسيط على أمل أن يصبح تاجرا كبيرا في المستقبل، لكنه عانى من الظلم وتطبيق القوانين عليه، ما أدى إلى خسارته، فذهب للبحث عن بلد آخر يطبق فيه القانون على الجميع ليعمل فيه لعله ينجح.
نجح فنانو عرض «الجزيرة»، فهد ليلي وكفاح الرجيب وصالح البحير، في تقديم العمل برؤية فنية احترافية عكست جمالية النص وقدموا أداء يغلب عليه الانسجام والعفوية، وتميزوا بخفة ظل وحركة مستديمة على الخشبة، وبحضور فرض نفسه على الجمهور بأسلوبهم الممتع، ما جعل الحضور يتفاعل معهم طوال وقت العرض بالضحك المتواصل والتصفيق.

فكفاح قدمت واحدا من أجمل أدوارها، ملأت المسرح حركة ونشاطا، وأثبتت أنها ممثلة كوميدية خطيرة، وأجادت التحدث باللهجة البدوية الأصيلة رغم صعوبتها بشكل رائع.
وجسد الفنان فهد ليلي شخصية القبطان الذي حصل على رخصة قيادة الباخرة بالواسطة وتسبب بإهماله في غرقها، فقد قدم دوره بإتقان شديد وبرهن انه فنان له ثقله على خشبة المسرح بجانب تمتعه بحس كوميدي عال جدا.
وكان الفنان الشاب صالح البحير نجما بمعنى الكلمة، فهو صاحب موهبة كبيرة ولم يختلف اثنان على أدائه طوال مدة المسرحية، فبقي محافظا على أسلوبه المباشر والسهل بسلاسة ملحوظة، وقدم أداء كوميديا تعالت معه ضحكات الحضور، واستحق عليه تصفيقهم له أكثر من مرة، فالبحير استطاع بذكاء أن يتحكم في مزاجهم فيرفعه بحسه الكوميدي إلى حد حصول انفجارات من الضحك المستمر.
من جانبه، أبدع المخرج يوسف المطر في تكويناته البصرية والتشكيلية في هذا العرض المميز، فالعمل كان مفعما بالرمزية والإيحاء رغم بساطة الفكرة، حيث قدم إسقاطات كثيرة اجتماعية وسياسية، واستطاع ببراعة أن يمسك بوحدة الشكل والمضمون، وقدم اقتراحات بصرية لافتة، كما نجح في ضبط الإيقاع المرئي والسمعي والحركي، فكان رساما بامتياز على خشبة المسرح، أعطى المتفرج فرصة للفهم السليم والتأويل، وجسد أفكارا متوازية مع النص، فكان هناك تزاوج جيد ما بين النص المنطوق والنص الإخراجي.
في النهاية مسرحية «الجزيرة» عمل كوميدي متكامل غرد خارج السرب، وحمل الكثير من الإسقاطات بشكل ساخر.

MENAFN11112025000130011022ID1110329505

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.

آخر الأخبار