الاتحاد الأوروبي يسابق الزمن لخفض الاعتماد على المعادن النادرة من الصين

(MENAFN- Al-Bayan) يسارع الاتحاد الأوروبي وتيرة العمل من أجل تسوية نزاع تجاري مع الصين يتعلق بفرض قيود على تصدير العناصر/المعادن الأرضية النادرة، الثمينة، ويسعى التكتل في الوقت نفسه إلى خفض اعتماده على هذه المواد عالية القيمة القادمة من القوة الآسيوية الكبرى.

وفي الوقت الذي لا يزال فيه الاتحاد الأوروبي يسعى جاهدا لإعداد رد على القيود التي فرضتها الصين، مضت الولايات المتحدة قدما في مفاوضاتها مع بكين.

وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الخميس الماضي إنه توصل إلى اتفاق مع الرئيس الصيني شي جين بينج بشأن النزاع حول القيود الصينية على تصدير العناصر الأرضية النادرة. ولا يزال من غير الواضح ما إذا كان لهذا الاتفاق أي تأثير - إن وُجد - على المحادثات الجارية بين الاتحاد الأوروبي والصين

وقال متحدث باسم المفوضية الأوروبية يوم الخميس: "من حيث المبدأ، نحن نرحب بأي تطور من شأنه إزالة العوائق أمام تدفقات التجارة العالمية".

وأضاف: "يركز الاتحاد الأوروبي بشكل تام على انخراطه التجاري الثنائي مع الصين، بما في ذلك ما يتعلق بالتجارة في المعادن الأرضية النادرة".

وفي وقت سابق الشهر الجاري، أعلنت الصين فرض مزيد من القيود على تصدير العناصر الأرضية النادرة، وهي مكونات أساسية في إنتاج المغناطيسات المستخدمة في صناعات السيارات والإلكترونيات والدفاع.

ودفعت الأزمة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى الدعوة، يوم السبت الماضي، إلى طرح حزمة من الإجراءات لتقليل اعتماد أوروبا بسرعة على واردات المواد الخام من الصين.

وقال الاتحاد الأوروبي إن قيود الصين أجبرت بعض الشركات في التكتل على وقف الإنتاج وتسببت في أضرار اقتصادية.

كما حذرت فون دير لاين من أن التدابير التي أعلنتها بكين تشكل تهديدا لاستقرار سلاسل الإمداد العالمية، وبالتالي يمكن أن تتوقع الشركات الأوروبية تداعيات مباشرة.

وأضافت: "على المدى القصير، نركز على إيجاد حلول مع نظرائنا في الصين، ولكننا مستعدون للجوء إلى جميع الأدوات المتاحة لدينا للرد إذا ما دعت الحاجة."

لماذا يعتمد الاتحاد الأوروبي بشدة على الصين في العناصر الأرضية النادرة؟

حدد الاتحاد الأوروبي قائمة بالمواد الخام الحيوية/الحرجة الضرورية في إطار التحول نحو الطاقة النظيفة، الخالية من الانبعاثات، ولعملية التحول الأخضر المصاحبة لذلك. ويعتمد الاتحاد على الصين في الحصول على العديد من هذه المواد.

وتشمل القائمة عددا من العناصر الأرضية النادرة، بالإضافة إلى مواد مثل الليثيوم والكوبالت والنيكل. ويتم استخدام هذه المواد في صناعة الألواح الشمسية والبطاريات وأشباه الموصلات.

وفي الواقع، فإن العديد من هذه المواد ليس نادرا من الناحية الجيولوجية، لكن عملية استخراجها صعبة أو محفوفة بالمخاطر لأنها تكون مختلطة بمواد أخرى.

وتُهيمن الصين على إنتاج ومعالجة العناصر الأرضية النادرة على مستوى العالم. وتُستخدم هذه المعادن والمغناطيسات المصنوعة منها في تكنولوجيا رئيسية مثل الهواتف الذكية وأجهزة التلفاز والمحركات الكهربائية وأشباه الموصلات والتوربينات.

وتتوفر هذه العناصر في الصين، ولكن استخراجها مكلف ويضر بالبيئة، إذ يتطلب كميات كبيرة من المياه والطاقة. وقد منح ذلك بكين سيطرة شبه احتكارية على السوق العالمية لهذه العناصر، رغم أن البرازيل والهند وأستراليا تنتجها أيضا.

وتقول دومينيكا ريمجوفا، من "رابطة الشؤون الدولية" - منظمة غير حكومية مقرها العاصمة التشيكية براغ - إن الخطر الأكبر يرتبط في هذا الإطار بمرحلة المعالجة أو التكرير.

والعناصر الأرضية النادرة، اللازمة لتوربينات الرياح والليثيوم المستخدم في صناعة البطاريات، من أكثر المواد عرضة للمخاطر. وعلى الرغم من أن أوروبا تمتلك احتياطيات خاصة بها، فإن القارة تفتقر إلى قدرات التكرير التي أقامتها الصين بشكل منهجي على مدى عقود.

وترى زوزانا كروليتشوفا من جامعة تشارلز، أيضا في براغ: "إن معظم هذه التبعيات تهدد الصناعة الأوروبية، سيما في مجالات صناعة السيارات والطاقة، والموارد المتجددة أو الصناعات الكيماوية والدوائية."

وفي مواجهة هذه التبعيات، أقر الاتحاد الأوروبي "قانون المواد الخام الحرجة"، الذي يهدف إلى تأمين إمدادات موثوقة ومستدامة للتكتل عبر تعزيز سلسلة القيمة الأوروبية الخاصة بهذه المواد.

ومع ذلك، حذرت ريمجوفا من أن أوروبا لن تتمكن من تقليص اعتمادها على الصين، في ظل النمو المطرد في الطلب على هذه المواد النادرة.

طريق الاتحاد الأوروبي نحو الاستقلال

ويقول فولكر ترايير، من غرفة التجارة والصناعة الألمانية، إنه يتعين على الاتحاد الأوروبي أن يتفاوض بشكل مستقل مع الصين بشأن العناصر الأرضية النادرة.

وأوضح ترايير في حديث لمحطة "آر بي بي إنفوراديو" بالعاصمة برلين: "السير في ظل الولايات المتحدة ليس استراتيجية مستدامة لألمانيا، أو أوروبا."

وقالت فون دير لاين مؤخرا: "سواء تعلق الأمر بالطاقة أو بالمواد الخام أو بالدفاع أو المجال الرقمي، يتعين على أوروبا السعي لتحقيق استقلالها، وهذه هي فرصتنا لتحقيق ذلك.""

وأشارت رئيسة المفوضية إلى أنه سوف يتم زيادة الاستثمارات في المشاريع الاستراتيجية لإنتاج ومعالجة المواد الخام المهمة داخل التكتل، كما سيتم تسريع وتيرة إبرام شراكات مع دول مثل أوكرانيا وأستراليا وكندا وكازاخستان وأوزبكستان وتشيلي، وأيضا جرينلاند.

وفي وقت سابق العام الجاري، اختارت المفوضية الأوروبية- الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي- 47 "مشروعا استراتيجيا" لضمان وتأمين تنوع الوصول إلى المواد الخام داخل التكتل. وتقع هذه المشاريع في 13 من الدول الأعضاء، وهي: بلجيكا، وفرنسا، وإيطاليا، وألمانيا، وإسبانيا، وإستونيا، والتشيك، واليونان، والسويد، وفنلندا، والبرتغال، وبولندا ورومانيا.

وتُعد إسبانيا من أغنى مناطق الاتحاد الأوروبي بالمواد الخام الحرجة، إذ توفر قرابة ثلث (31%) الإمدادات العالمية من معدن السترونتيوم، كما أن لديها أنشطة استخراج ومعالجة لعناصر أخرى مثل التنجستن والولفرمايت والفلسبار، وفقًا لبيانات المفوضية.

وأيضا سعت البرتغال المجاورة إلى ترسيخ موقعها كشريك استراتيجي داخل الاتحاد الأوروبي في مجال أمن سلاسل الإمداد للمواد الخام الحيوية.

ورغم امتلاك البلاد احتياطيات واسعة من الليثيوم، وإمكانيات استغلال معادن أخرى مثل التنتالوم والتنجستن، فهي لا تمتلك حاليا إنتاجا كبيرا من العناصر الأرضية النادرة.

وعلى الرغم من ذلك، أعربت لشبونة عن اهتمامها بجذب الاستثمارات الأوروبية لاستكشاف الموارد، محليا، على نحو مستدام، ومعالجتها داخل البلاد، في مسعى لخفض الاعتماد على الخارج، وكذلك تعزيز الاقتصاد المحلي.

وتشمل المشاريع الاستراتيجية الـ47، مشروعا يهدف إلى استخراج الليثيوم في جمهورية التشيك، في منطقة تشينوفتس في سلسلة جبال الخام (جبال أور)، على طول حدود البلاد مع ألمانيا.

وبحسب كروليتشوفا (من جامعة تشارلز)، يلعب هذا المنجم دورا رئيسيا في مساعي الاتحاد الأوروبي نحو الاستقلال في مجال العناصر الأرضية النادرة، حيث يعتقد أنه يحتوي على أكبر احتياطي لليثيوم في أوروبا.

ووصفت كروليتشوفا ذلك بأنه "فرصة كبيرة" أمام البلاد، ولكنها حذرت في الوقت نفسه من "المخاطر البيئية المرتبطة بالمشروع"، مضيفة أنه "لن يلبي سوى جزءا من الاحتياجات المستقبلية داخل الاتحاد الأوروبي."

وتقوم المفوضية الأوروبية حاليا بإنشاء منصة مشتركة لشراء وتخزين المواد الخام الحيوية/الحرجة، ومن المتوقع الكشف عن تفاصيل هذه المنصة في وقت لاحق الشهر الجاري.

MENAFN02112025000110011019ID1110281672

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.