Friday, 27 September 2024 04:26 GMT



تكلفة اتساع رقعة الحرب إقليميا ودوليا

(MENAFN- Alghad Newspaper) د. حسن عبدالله الدعجة
تشهد منطقة الشرق الأوسط تصعيدًا مستمرًا في الصراعات والتوترات، حيث يتزايد الحديث عن احتمالية اتساع رقعة الحرب من قبل إسرائيل، سواء عبر توسيع نطاق عملياتها العسكرية ضد الفصائل المسلحة أو من خلال استهداف دول إقليمية أخرى. إن مثل هذا السيناريو، إذا تحقق، سيحمل تكاليف باهظة على المستويات الإقليمية والدولية، تتراوح بين الخسائر البشرية والاقتصادية والسياسية، إلى جانب التأثيرات طويلة الأمد على النظام العالمي.
من الناحية الإقليمية، فإن اتساع رقعة الحرب سيعني بالتأكيد توريط عدد من دول الجوار في الصراع. لبنان وسورية هما الأكثر عرضة للتأثر المباشر نتيجة لنفوذ حزب الله المدعوم من إيران، والجماعات المسلحة التي تعمل في سورية. إذا قررت إسرائيل توسيع عملياتها العسكرية لتشمل استهداف قواعد هذه الفصائل، فقد يؤدي ذلك إلى نشوب حرب إقليمية شاملة تجر معها قوى أخرى مثل إيران والعراق، إلى جانب الفصائل الفلسطينية.
هذا النوع من التصعيد ستكون له تداعيات خطيرة على استقرار المنطقة بأكملها، إذ من المتوقع أن ترد إيران، سواء عبر وكلائها في المنطقة أو بشكل مباشر. وقد يؤدي ذلك إلى فتح جبهات جديدة على الحدود الإسرائيلية اللبنانية أو السورية، ما يعزز احتمال اشتعال حرب ممتدة تشمل استخدام الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة، التي قد تطال مدنًا رئيسية في إسرائيل.
كما أن هذا التصعيد سيجبر الدول المجاورة لإسرائيل على تعزيز جيوشها وتحديث معداتها العسكرية، ما يزيد من أعباء الإنفاق العسكري في المنطقة على حساب الاستثمارات في القطاعات الحيوية الأخرى مثل التعليم والصحة والبنية التحتية. وسيزداد الوضع سوءًا إذا ما اضطر هذه الدول إلى استقبال موجات جديدة من اللاجئين الفارين من الصراع، ما سيضع ضغوطًا إضافية على مواردها المحدودة.
اتساع رقعة الحرب سيؤدي إلى آثار اقتصادية كارثية على المنطقة والعالم، حيث يشكل الشرق الأوسط 30 % من إنتاج النفط العالمي و17 % من الغاز الطبيعي. أي اضطرابات قد ترفع أسعار الطاقة بنسبة تصل إلى 20 %، مما يزيد من تكاليف النقل والإنتاج عالميًا.
اتساع رقعة الحرب سيؤدي إلى انكماش اقتصادي في إسرائيل بنسبة 1.5 % إلى 3 % سنويًا، خاصة في قطاعات التكنولوجيا (تشكل 10 % من الناتج المحلي) والسياحة (4 %). الاستثمارات الأجنبية قد تنخفض بنسبة 25 %، مع تزايد التوترات الأمنية. سيتأثر النظام الصحي بسبب زيادة الإصابات، وستواجه البنية التحتية والنقل خسائر كبيرة. البطالة قد ترتفع بنسبة 10 % مع إغلاق الشركات. التكاليف الدفاعية قد تزيد بنسبة 15 %، وستتفاقم الخسائر البشرية. الزراعة والمياه أيضًا ستتعرض للتضرر، مما يؤثر على إنتاج الغذاء.
ودول الجوار مثل الأردن ولبنان ومصر، التي تعتمد على السياحة والتجارة، قد تشهد تراجعًا في عائدات السياحة بنسبة تصل إلى 30 %، وخسائر تجارية تصل إلى 5 مليارات دولار سنويًا بسبب تعطيل سلاسل التوريد. البطالة قد ترتفع بنسبة 10 % في بعض هذه الدول، مما يزيد من الأزمات الاقتصادية.
على الصعيد الدولي، التداعيات لا تقل خطورة، حيث قد تضطر القوى الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين إلى التدخل لدعم مصالحها. ارتفاع أسعار النفط بنسبة 20 % إلى 30 % سيزيد تكاليف الإنتاج والنقل عالميًا، ما يؤدي إلى تضخم وارتفاع أسعار السلع. تعطيل التجارة في الممرات البحرية مثل قناة السويس، التي تمر من خلالها 12 % من التجارة العالمية و10 % من النفط، قد يسبب خسائر تتراوح بين 6 و10 مليارات دولار يوميًا.
بالإضافة إلى ذلك، تهديد خطوط الأنابيب الاستراتيجية قد يؤدي إلى خفض إمدادات الطاقة بنسبة 5 % إلى 10 %، مما يعقد أزمة الطاقة العالمية. أما على الصعيد السياسي، فإن التوترات العسكرية ستؤدي إلى تصعيد في العلاقات بين الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا والصين، خاصة في ظل الانقسامات الحالية حول كيفية التعامل مع إيران وإسرائيل، مما يعزز من احتمالية تصاعد التوترات الجيوسياسية وتراجع الجهود الدبلوماسية الرامية إلى حل الأزمات.
هذا السيناريو سيزيد من تعميق الانقسامات السياسية بين القوى الكبرى، ما قد يؤدي إلى فشل الجهود الدولية لحل النزاعات في الشرق الأوسط، ويعزز من عودة السياسات الانفرادية التي تهدد النظام الدولي القائم على التعاون المتعدد الأطراف.
وعلى الصعيد الإنساني، ستكون التكلفة الأكبر هي سقوط الآلاف من الضحايا المدنيين، سواء في صفوف الفلسطينيين أو في الدول الأخرى التي قد تتورط في النزاع. التصعيد العسكري سيؤدي إلى دمار واسع في البنية التحتية، ونقص حاد في الغذاء والدواء، وسيجبر آلاف العائلات على النزوح من مناطق الصراع، ما يفاقم الأزمات الإنسانية القائمة بالفعل.
الدول المجاورة لإسرائيل ستواجه ضغوطًا هائلة لاستيعاب اللاجئين، في ظل محدودية مواردها الاقتصادية واحتياجاتها الداخلية الملحة. الأردن ولبنان ومصر قد تجد نفسها مجبرة على استقبال أعداد متزايدة من اللاجئين، وهو ما سيؤدي إلى تفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية في هذه الدول.
واخيرا: إن اتساع رقعة الحرب إقليميًا ودوليًا من قبل إسرائيل سيؤدي إلى تكاليف باهظة على المستويات الاقتصادية والسياسية والإنسانية. في الوقت الذي تزداد فيه الدعوات للتهدئة والعودة إلى المفاوضات، فإن استمرار التصعيد سيزيد من تعقيد المشهد ويدفع المنطقة نحو سيناريوهات أكثر سوداوية. لذا، يتطلب الوضع الحالي جهودًا دبلوماسية عاجلة لتجنب الكارثة ومنع اتساع دائرة الحرب التي لن تكون في صالح أحد.

MENAFN23092024000072011014ID1108702235


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.