Saturday, 09 December 2023 05:41 GMT



الحصاد المائي.. أسس راسخة قبل 3 آلاف عام فكيف نبني عليها؟

(MENAFN- Alghad Newspaper)
إيمان الفارس






عمان- قبل 3 آلاف عام، أبدع الأردنيون الأنباط، بابتكار سبل نوعية للحصول على المياه وتخزينها سعيا لديمومة الحياة.
آمن هؤلاء بأن المياه، عصب الحضارات والمجتمعات البشرية، فانعكست هذه المقولة على ديمومة حضارتهم، وظفروا بجلب المياه من أقاصي الجبال إلى أسفل الوديان، باستخدام تقنيات مذهلة وبعضها ما يزال عصيّا على التفسير.
أنشأ الأنباط مملكتهم في جنوب الأردن وعاصمتها مدينة الرقيم (البترا)، وكانوا بحاجة دائمة لتوفير وتخزين الموارد المائية لضمان ديمومتها، فخزنوها للاستهلاك في مواسم الجفاف، ما حفظ لحضارتهم استمراريتها وانتشارها وفعاليتها لزمن طويل، واجهت خلاله صنوف الحروب والحضارات من أعدائها.
نحن ورثة هؤلاء الأنباط، الذين ابتكروا أساليب الحصول على المياه، وعلينا البناء على ما كان، بالتوسع في سبل الحصاد المائي، لضمان استمرارية الحياة، وسعيا للاكتفاء الذاتي، بالاعتماد على موارد المملكة المائية، عن طريق مشاريع استثمار لكل قطرة من الهطولات المطرية، وتعزيزها في الموازنة المائية، التي صاغت ملامحها الشبكة الإسلامية لتنمية وإدارة مصادر المياه (INWRDAM) بالتعاون مع وزارتي المياه والري والزراعة، وفق خبراء مشاركين في الحوار الوطني الثاني للحصاد المائي المنعقد مؤخرا.
ففيما يسعى قطاع المياه، نحو المضي في حلول مائية مستدامة، تندرج تحت أولوية تحقيق الأمن المائي الوطني، في ظل محدودية مصادر المياه المتاحة، وارتفاع حجم تحديات الطلب عليها، أوصى مختصون في تصريحات لـ"الغد" بضرورة البناء على الحوار الوطني الثاني لقطاع الحصاد المائي في الأردن، وبمضمونه الشامل، لتكامل عمليات هذا الحصاد، وفق الترابط بين المياه والزراعة والطاقة.
الخبير في المياه الجوفية د. إلياس سلامة، دعا لأهمية استثمار عمليات الحصاد المائي وفق مفهوم يقوم على التوسع في استثمار الهطولات المطرية، وضمن مختلف أشكال الحصاد، بخاصة في المناطق المرتفعة ذات الاحتياجات الأعلى، لا سيما وأنها الأقل تأثرا بالتغيرات المناخية، بالتوازي مع الأهمية الإستراتيجية لتخزين الهطولات في السدود.
وأشار إلى حاجة ذلك لـ"إجراء دراسات مستفيضة، لإقرار سياسات وبرامج"، مضيفا أن "قانون وزارة المياه والري، يجيز إجراء ذلك، إذ تمتلك الوزارة صلاحية قانونية لاتمام ذلك".
وأوصى بضرورة أن تأخذ أي سياسات وبرامج قد تصاغ في إطار الحصاد المائي المتكامل بالاعتبار، كامل المنافع والمضار المترتبة على أي إجراءات مستقبلية، ووفق منطق علمي.
وقال سلامة إن "التربة ثروة هائلة يجب المحافظة عليها، لذلك فبرامج الحصاد لا تقف على مستوى الحصاد المائي بشكله البسيط من أسطح المنازل مثلا، إنما هي زراعة متكاملة".
ومضيا في تحقيق الأهداف اللازمة، فإن اتباع النهج الشمولي، وتعزيز وتعميق الشراكة بين القطاعين العام والخاص، ومؤسسات المجتمع المدني، وتعزيز مفهوم المواطنة المائية؛ متطلبات أساسية للارتقاء بقطاع المياه وحوكمته، ليصبح في مصافّ الدول المتقدمة.
وبهذا الخصوص، أكد خبير سياسات المياه والعضو في الهيئة الإدارية بمبادرة السلام الأزرق الإقليمية د. حكم العلمي، الدور الأساسي الذي يساهم فيه الحوار الوطني الثاني لقطاع الحصاد المائي بالأردن تحت شعار "الشباب في قلب الحصاد المائي"، نحو "الوصول للتكامل بمجال الحصاد المائي"، مشيرا لاعتماده أساسا "على قدراتنا في الحوار الوطني وتحويل المخرجات إلى سياسات وقرارات".
واعتبر العلمي، بأن دعم عمليات الحصاد من مياه الأمطار، "ضرورة لتحقيق التكامل في إدارة مصادر المياه لتقليل الفاقد، بالإضافة لأهميتها في إدارة مصادر المياه بطريقة ذكية، والاستفادة منها بدعم القطاع الزراعي والقطاعات الأخرى".
ودعا لضرورة حوكمة الحصاد المائي لتشكيل إطار معرفي ودعم السياسات المرتبطة بمشاركة الشباب في صنع القرار، وإيجاد أنظمة للحصاد وحلول معتمدة على الطبيعة، مشيرا الى الحاجة لصياغة إستراتيجيات أو سياسات وخطط للتنفيذ، مؤكدا أهمية تقييم مشاريع الحصاد المنفذة وتقييمها اجتماعيا واقتصاديا.
من ناحيتها، أكدت الخبيرة في دبلوماسية المياه ميسون الزعبي، أهمية التركيز على المشاركة المجتمعية ومختلف الأطياف المرتبطة في المجال ذاته، وعلى الحوار الوطني للحصاد المائي.
واعتبرت أن الحوار الوطني الثاني للحصاد المائي، بداية إطلاق الشرارة نحو إمكانية استثمار فكرة الشراكة والحوار وتعميمها على حوار وطني أيضا، بإشراك الفئات الشبابية واطلاع الجميع على مستجدات المبادرة والاستفادة من خلق أفكارهم.
وقالت الزعبي، "سندرس ما يمكن إجراؤه لخلق هذا التنوير في مبادرة السلام الأزرق الإقليمية"، مشيرة لأهمية إجراء "مثل تلك الحوارات الوطنية وبشكل دوري وإطلاع المجتمع الشريك بما ينجز".
وأضافت أن "الأفكار ذات العلاقة بهذا الخصوص، ستنعكس على التفكير وبشكل مستدام، بإجراء مثل هذه الحوارات البناءة والفاعلة وذات الأثر الواضح والمميز بمشاركة المعنيين".

MENAFN20112023000072011014ID1107461045


إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.