(
MENAFN- Alghad Newspaper) يديعوت أحرونوت
يديعوت أحرونوت
ناحوم برنياع 20/11/2023
أحد الفوارق الأليمة بين حرب يوم الغفران والحرب الحالية هو أنه في حينه كانت هنا حكومة. مجموعة من الوزراء كانوا يكنون احتراما أدنى الواحد للآخر التقت كل يوم بقيادة الجيش واتخذت القرارات. عيون الوزراء كانت مرفوعة لرئيسة الوزراء التي لم تكن صلاحياتها ومناعتها النفسية موضع خلاف. عندما استصعب وزير الدفاع موشيه دايان وقائد المنطقة الجنوبية غوروديش الصمود امام الضغط ازيحا بصمت جانبا. رغم الغضب، رغم الهلع، المقاتلون وعائلاتهم كان بوسعهم ان يؤمنوا بانه توجد خلفهم زعامة تؤدي مهامها.
ليس هذا هو الوضع اليوم. مرة كل بضعة أيام يقف نتنياهو، غالنت وغانتس امام الكاميرات ويلعبون أدوارا في مسرحية. رئيس الوزراء يبدأ بخطاب عن جنودنا الابطال ومختطفينا الأحبة، خطاب يوجد فيه كل شيء باستثناء الصدق والمعلومات. غانتس وغالنت يلحقان برئيس الوزراء. اللباس موحد، ثلاثة أطياف من الأسود، لكن لغة الجسد تدل على الفرق: غالنت وغانتس اخوان؛ نتنياهو ليس أخا. لعل هذه أيضا مسرحية.
الخطاب كفاحي، واساسا من جانب نتنياهو وغالنت. هو كفاحي أيضا تجاه الإدارة الاميركية. القاعدة، بقدر ما تبقى من قاعدة، تحب لزعيمها أن يلعب دور رامبو. اما الأفعال فتقدم على حدة. مثلما في قضية السولار، او المساعدة الإنسانية، او النبضات. الفعل ينسى. الخطاب يبقى.
لأسبوع، دارت في الكابينت رحى الحرب والجدال على صفقة المخطوفين: غالنت، رئيس الأركان ورئيس الشباك من جهة – غانتس، آيزنكوت ودعي من جهة أخرى. الجدال مشروع. غالنت آمن بان بعد بضعة أيام أخرى من الهجوم البري ستقرب حماس من الانهيار. غانتس وآيزنكوت اعربا عن الشك. وقد وضعا على الرأس تحرير المخطوفين؛ اما غالنت والجيش فوضعا على الرأس ضرب حماس.
ليس هذا ما يروونه للاسرائيليين في مؤتمر صحفي. يروون لهم قصصا عن هذا وذاك معا، تصفية حماس وصفقة معها في نفس الوقت؛ يروون لهم عن كابينت كله بالاجماع واعضاؤه غارقون في الحرب فقط، وليس في السياسة، وكان الامر ممكنا. احد لا يصدق، لكن قسما كبيرا من الإسرائيليين يريدون أن يخدعوهم. هكذا مريح اكثر.
صفقة المخطوفين تضع امام الكابينت اختبارا عسيرا: حياة 50 إسرائيليا، اذا كانت صفقات أخرى ربما اكثر، موضوعة على الكفة. محظور للحسم ان يكون مصابا بمصلحة شخصية او سياسية. فالحديث يدور عن مصائر أرواح.
لعلني مخطئ بمشاعر مبالغ فيها، لكن التفكير عن 40 طفلا محتجزين لـ45 يوما في ايدي (مقاومين) لا يتركني. مطر شديد يهطل: فهل هم محميون من المطر؟ هل هم محميون من السيول، من المجاري التي طافت؟ من النار؟ هل يأكلون حتى يشبعون؟ هل النساء محميات؟ المرضى الشيوخ؟ هل حكومتي التي تركتهم لمصيرهم في بيوتهم لا تتركهم لمصيرهم مرة أخرى للمرض، للمعاناة، للموت؟
عندما قاتلت غولدا مائير على إعادة الاسرى من مصر ومن سورية، نغصت عيش كيسنجر، السادات والأسد، صدقا الناس رغم نواقصها: الجنود الذين يبقون في الاسر اثقلوا على ضميرها. لا ادري ما الذي يثقل على ضمير نتنياهو، لكنه ملزم بأن يفهم بأن للمنصب الذي يصر على أن يتبوأه يوجد ثمن. منذ 7 تشرين الأول (أكتوبر) لا توجد وجبات مجانية.
ليس لنا حكومة بمعان أخرى. وهاكم مثال واحد، من طيات الحكومة الحالية:
في 2008 سن تساحي هنغبي الذي كان في حينه نائبا في كتلة كديما، قانون هيئة الامن القومي. "القانون الجديد يشكل ثورة حقيقية في مجالي الخارجية والامن"، اعلن هنغبي في حينه. "فمنح المكانة والأدوات لهيئة الامن القومي سيمنع مواضع خلل وعلل انكشفت في حرب لبنان الثانية". الطموح كان عظيما: حسب القانون، فان مهمة الهيئة هي "فحص مفهوم الامن الإسرائيلي وعرض تحديثات له، عرض بدائل حول مواضيع ترتبط بالامن وتفعيل مركز للازمات الوطنية".
هنغبي، الذي لم ينجح في أن ينتخب للكنيست في قائمة الليكود، تلقى في الحكومة الحالية تعويضا: فهو يتولى رئاسة هيئة الامن القومي ومنصب مستشار الامن القومي. حتى اليوم تولى هذا المنصب جنرالات كبار او رؤساء اقسام في الموساد. هنغبي هو السياسي الأول. هو سياسي قديم: مرتبط بالابهة، مرتبط بالاعلام.
الان، في اعقاب قصور 7 تشرين الأول (أكتوبر) والفوضى التي تلته، فان القانون الذي عمل عليه هنغبي يعود عليه كالسهم المرتد. هو سيكون اول من سيستدعى الى لجنة التحقيق، اذا ما كانت مثل هذه اللجنة. "وعدت بان تمنع مواضع الخلل والعلل من حرب لبنان الثانية"، سيقول له رئيس اللجنة. "أرنا رجاء اين منعت؛ وعدت بمراجعة المفهوم، وعرض البدائل. اين راجعت، اين عرضت؟".
هنغبي سيحتاج الى محامي خبير، وإذ ضاقت عليه الأمور تحول هنغبي منذ بداية الحرب الى الناطق بالوكالة عن مكتب رئيس الوزراء، الموازي السياسي للناطق العسكري، فهل هذا ما قصده قانون هيئة الامن القومي؟ لا اعتقد. بين الحين والآخر أقرأ نبأ مشكوكا فيه على لسان "مصدر سياسي كبير" او على لسان "مصدر امني كبير". لا يدور الحديث عن رئيس الوزراء، وزير الخارجية، وزير الدفاع او رئيس الأركان. فهل يحتمل أن يكون المصدر السياسي والمصدر الأمني هما المصدر ذاته؟
في تفكير ثانٍ اذا كان بوسع ايتمار بن غفير ان يكون وزير الامن القومي – فيمكن لتساحي هنغبي ان يكون رئيس هيئة الامن القومي. عندما لا تكون حكومة، كل واحد هو حكومة.
MENAFN20112023000072011014ID1107461036
إخلاء المسؤولية القانونية: تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.