Monday, 27 March 2023 01:46 GMT

محاضرة تؤكد دور المكتبات كمراكز للإبداع والنهوض الحضاري

(MENAFN- Saharapr) الشارقة 17/03/2023:
شهد المقهى الثقافي محاضرة قيمة حول المكتبات في الحضارة الإسلامية ودورها كمراكز للإبداع والنهوض، شارك فيها كل من الدكتور عصام عقلة منسق قسم التاريخ بجامعة خورفكان، والدكتور علي المطروشي المستشار في التراث والتاريخ الإماراتي، ومؤلف كتاب تاريخ المكتبات في إمارة الشارقة في النصف الأول من القرن العشرين، والأستاذ فهد المعمري الشاعر والباحث والخبير التراثي ورئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للمكتبات والمعلومات.
تأتي المحاضرة ضمن فعاليات أيام الشارقة التراثية في دورتها العشرين المقامة بتنظيم من معهد الشارقة للتراث في منطقة ساحة التراث بالشارقة تحت شعار (التراث والإبداع) وتستمر حتى تاريخ 22 مارس الجاري.

المكتبات عامل إثراء ونهوض
في مستهل المحاضرة التي أدارها باقتدار الدكتور مني بونعامه مدير إدارة المحتوى والنشر بالمعهد، تحدث الدكتور عصام عقلة حول نشأة المكتبات في العهد الإسلامي، باعتبارها أحد أهم عوامل الإثراء والنهوض ورافدًا مهمًا في النهوض الحضاري.

العرب مارسوا الكتابة قبل الإسلام
وأشار إلى أنه بالعودة إلى تاريخ العرب ما قبل الإسلام، نجد أن العلماء المختصين اتضح لديهم وجود تجمعات عربية حضارية قديمة مارست الكتابة بشكل متميز ويدل على ذلك وجود ترجمة عربية في ذلك الوقت للتوراة والإنجيل وصحيفة لقمان، فضلاً عن قيام البعض بتعليم الصبيان في البادية، وهو ما أكدته في بداية ظهور الإسلام قصة تعليم أسرى بدر لأولاد الأنصار الكتابة مما يعكس حضور القراءة والكتابة بين بعض رجالات قريش، لافتًا إلى أن القرآن الكريم هو أول كتاب عربي وإسلامي تم تدوينه كاملاً حين تم جمعه من الرقاع وصدور الرجال وكتابته في المصاحف، والتي سرعان ما بدأ نسخها وتوزيعها على مساجد الأمصار المحيطة، لتشكل نواة أولى لظهور مفهوم المكتبات في الإسلام، ولا سيما وأن الدين الحنيف دائمًا يحث أتباعه على التعلم والقراءة والكتابة.

تطور المكتبات خلال العصور الإسلامية
ثم استطرد المحاضر في الحديث عن انتشار الرواية الشفوية في المجتمع الإسلامي خلال القرنين الأول والثاني الهجريين، وتوقف للحديث عن واقع المكتبات خلال عهد الخلافة الأموية ثم العباسيين، حيث ارتبطت بشكل مباشر بمكتبات الخلفاء الذين أولوا الكتب والمخطوطات عناية خاصة، ورفدوا المكتبات بمصادر عديدة في مختلف أنواع العلوم كالطب والهندسة والفيزياء والكيمياء والفلسفة والفلك وغيرها، ومن ذلك مكتبة المدرسة المستنصرية والمدرسة النظامية في بغداد، ومكتبة الخلافة الفاطمية في مصر، ومكتبة الخلافة الأموية في الأندلس، ومكتبة الدولة السامانية والبويهية، ومكتبات المساجد مثل مكتبات الحرمين الشريفين ومكتبات المسجد الأقصى والمسجد الأموي والجامع الأزهر، والزيتونة والقرويين وقرطبة، كما ظهرت بيوت الحكمة التي تعتبر مراكز بحثية ومكتبات متخصصة تضم باحثين وعلماء ترجمة ومراصد فلكية، بالإضافة إلى خزائن الكتب الطبية في المستشفيات.
ولفت عقلة إلى أن معظم المكتبات الإسلامية خلال العصور السابقة اعترتها يد التدمير نتيجة الخلافات السياسية الداخلية والصراع على الحكم، كما أن العثمانيين نقلوا الكثير من ذخائر المكتبات العربية إلى إسطنبول فضلاً عن العلماء والحرفيين المختصين في كافة الفنون، وكذلك الأوابد التراثية والتحف الفنية المعمارية.


ريادة ثقافية في الشارقة
وأما الباحث والمستشار الدكتور علي المطروشي، فقد طاف بالحضور في جولة تاريخية ثرية حول تاريخ ظهور المكتبات وانتشارها في الشارقة وعلاقتها بالحركة الثقافية فيها، موضحًا بأن الشارقة منذ القدم احتضنت شرائح من المثقفين وعلى رأسهم حكام القواسم الذين اشتهروا بالأدب والشعر والثقافة.
وذكر أن الشارقة شهدت ظهور أول مدرسة شبه نظامية في الإمارات، وأول مكتبة عامة في عام 1929، فضلاً عن إنشاء مكتبات خاصة للعلماء والأدباء، كما احتضنت الإمارة أول نواه للصحافة.
وأورد المطروشي جهود عدد من رواد الرعيل الأول من المثقفين والرجال المصلحين والتجار الذين رفعوا لواء العلم والثقافة وقدموا إسهاماً وافرًا في رفد الحياة الثقافية والعلمية والدينية في المجتمع ومن ضمنهم الأديب إبراهيم المدفع، ووالده محمد المدفع الذي أنشأ المنتدى الإسلامي عام 1920.
ولفت المحاضر إلى أن المكتبات في إمارات الساحل في عقود ما قبل الاتحاد كانت قليلة بسبب تفشي الأمية وابتعاد هذه المناطق عن مناطق الحضارة والتطور في باقي بلدان شبه الجزيرة العربية، حيث كان الاهتمام الأكبر بالنشاط الاقتصادي والغوص لصيد اللؤلؤ، ما جعل التجمعات السكانية تتركز بشكل أساسي حول الخيران الساحلية.
كما تحدث حول ظهور مدارس الكتاتيب وعلماء الدين وعدد من المكتبات في الشارقة منها مكتبة المؤرخ والأديب عبدالله بن صالح المطوع والمكتبة التيمية التي تعد أول مكتبة عامة في الإمارات وكانت لها لائحة تنظيمية خاصة، ثم ظهور أول مدرسة نظامية في الشارقة عام 1953، تلاها ظهور المطابع.
وأضاف أن الكتب في تلك الفترة كانت تجلب من الخارج وخاصة مع عودة الحجيج، وأخرى يجلبها التجار من مسقط والهند وزنجبار والبصرة، مشيرًا إلى أن بعض المصاحف كانت تطبع في الهند من خلال الطباعة الحجرية، فضلاً عن الكتب التي كان تأتي للدولة على سبيل الإهداء، ومن ذلك كتب الملك عبدالعزيز آل سعود التي أهداها للشيخ سلطان بن صقر القاسمي ووزعها بدوره على مثقفي وأدباء الإمارة.
واختتم المطروشي مداخلته بالحديث عن نشأة المكتبة القاسمية في الشارقة عام 1929-1930، واستعراض عدد من طرق حفظ وترتيب الكتب في ذلك الوقت، عبر وضعها في صندوق خشبي (سحارة) أو معدني، أو خزانة خشبية بسيطة (دولاب)، أو وضعها في فتحات الجدار بجانب النافذة (الدريشة) أو استخدام الرفوف المفتوحة.

تعزيز العلاقة بين المكتبات ومؤسسات المجتمع
الباحث والشاعر فهد المعمري رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للمكتبات والمعلومات، أشار إلى أن الانطلاقة الحقيقية للمكتبات العامة في دولة الإمارات جاءت عام 1963 بتأسيس مكتبة دبي العامة التي كانت تضم حينها آلاف العناوين وباستخدام نظام مكتبي قريب من المعمول به في المكتبات حاليًا، وظهرت بعدها مباشرة مكتبات مماثلة في كل من أبوظبي والشارقة.
وتحدث عن مكتبتي بيت الحكمة ومكتب محمد بن راشد باعتبارهما نقلة نوعية في واقع المكتبات الحديثة وعلومها في الدولة.
وأضاف أن العالم العربي شهد خلال القرن الماضي ظهور جمعيات أو نقابات مهنية مختصة بالأدب أو الشعر أو الفن أو التمثيل وكذلك المكتبات، وهي تسعى لتأسيس وتطوير منظومة المؤسسات التي ترتبط بها.
وأوضح المعمري أهمية وجود جمعيات تمثل مظلات كبرى تنضوي تحتها جميع المكتبات العامة، ولكن دون أي سلطة اعتبارية، وإنما تكون علاقة تعاون وتضافر وتنسيق في الجهود والأفكار والرؤى والإمكانات، بهدف تأهيل هذه المكتبات ودعمها لاحتضان القراء المثقفين والوصول إلى أعلى معايير الجودة من حيث المبنى والنظم والكتب التي تخدم القارئ على مختلف أنواعه سواء المتعلم منه أو المتخصص أو الهاوي، حيث توجد مكتبات عامة وخاصة وأكاديمية وجامعية ومدرسية وإلكترونية ولكل واحدة منها سياستها وطريقتها الخاصة في العمل والتزويد والاستعارة.
ثم تحدث المحاضر عن جمعية الإمارات للمكتبات والمعلومات وأدوارها، حيث تأسست عام 2017 في الشارقة كجمعية وطنية غير ربحية تعنى بشؤون المكتبات والمعلومات والتوثيق والأرشيف والمخطوطات والعاملين فيها، وتحظى بدعم من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة والذي قدم الدعم اللازم لولادة الجمعية واستخراج ترخيصها رسميًا من وزارة تنمية المجتمع.
واستعرض رؤية الجمعية في تحقيق التواصل الفاعل بين الجمعية والمهتمين بنشاطاتها وتطوير المفاهيم والخدمات المرتبطة بمجال المكتبات والمعلومات وتقديم الاستشارات العلمية والمهنية في مجالات التخصص والارتقاء بالممارسات العملية في المؤسسات الخاصة بمهنة المكتبات والمعلومات، لافتًا إلى أن الجمعية تقدم ثلاث فئات من العضوية، هي العضوية العاملة والمنتسبة والفخرية.
وأضاف أن الجمعية بتعزيز علاقات التعاون والتنسيق بين المكتبات ومراكز المعلومات الإماراتية على اختلاف أنواعها، ورفع المستوى المهني والفني للعاملين في المكتبات وتطوير مؤهلاتهم، فضلاً عن تشجيع وتطوير ونشر الدراسات والأبحاث المتعلقة بالمكتبات والمعلومات وكذلك الإسهام في وضع وتطوير السياسات ووضع المعايير والمواصفات القياسية التي تساعد على ت

MENAFN19032023005141011673ID1105810139


Saharapr

إخلاء المسؤولية القانونية:
تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.