البشرية تحت رحمة صراع الكبار
التاريخ
1/28/2023 3:15:43 PM
(MENAFN- Akhbar Al Khaleej) لا أعتقد أن هناك في دوائر صنع القرار، سواء في الدول الأوربية، ودول حلف شمال الأطلسي (الناتو)، بشكل خاص، وكذلك في روسيا الاتحادية من يرفض الاعتراف، أو حتى التقليل من المخاطر المترتبة على استمرار الحرب في أوكرانيا التي توشك على إكمال عامها الأول في الخامس والعشرين من فبراير القادم، من دون أن تلوح في الأفق أي بوادر يمكن أن تعطي مؤشرات على قرب الوصول إلى نقطة التقاء بين أطراف الصراع لوضع حد لهذه الحرب، جميع صناع القرار في هذه الدول مقتنعون بأن هذه الحرب هي أخطر ما واجهته وتواجهه القارة الأوروبية، بل العالم أيضا بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية في العام 1945، حتى الحرب الباردة التي أفرزتها نتائج الحرب العالمية الثانية، لم تشكل خطرا محدقا بالعالم، كما هو الآن الصراع الروسي الأوكراني.
«من الواضح أن العالم قد اقترب من خطر الحرب العالمية الثالثة»، هذا ما ورد على لسان نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، دميتري مدفيديف
في اجتماع لمكتب المجلس الأعلى لحزبه «روسيا الموحدة»، وسبق لهذا السياسي الروسي (كان رئيسا لروسيا الاتحادية خلال الحرب الروسية الجورجية عام 2008) أن قال قبل عدة أيام «إن الدولة النووية لا يمكن أن تقبل بالهزيمة في الحرب التقليدية»، مثل هذه التصريحات (التلميحات) التي تصدر عن مسؤول روسي كبير، من المؤكد أنها تؤخذ على محمل الجد لدى الدوائر السياسية في الطرف الآخر من الصراع.
يرى بعض المراقبين في هذه التصريحات الروسية شبه المتكررة عن احتمال خروج الصراع الروسي الأكراني عن نطاقه الجغرافي الحالي، على أنها محاولات روسية للضغط على الطرف الآخر الذي فتح خزائنه ومستودعاته العسكرية أمام الطرف الأوكراني لكبح جماح هذا الاندفاع غير المسبوق في حجم المساعدات العسكرية والمالية الأوروبية التي تقدم لبلد واحد (أوكرانيا)، لكن هذه النظرة التحليلية قد لا تكون صائبة، وخاصة ان روسيا تلقت أكثر من رسالة أوروبية مفادها عدم تمكين روسيا من الانتصار في هذه الحرب، بل إن مسؤول السياسة
الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب
بوريل ذهب إلى أبعد من ذلك حين قال: «ان انتصار روسيا الاتحادية في هذه الحرب هو هزيمة لحلف الناتو».
عودة إلى تصريحات المسؤول الروسي مدفيديف التي حذر فيها من «اقتراب العالم من خطر الحرب العالمية الثالثة»، فإن هذه التصريحات لم تأت من فراغ، فالدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية إلى جانب حلفائهم عبر المحيطات والبحار، كثفوا في الآونة الأخيرة من شحنات الأسلحة كما ونوعا، بل إن الحديث يجري عن إمكانية تزويد الطرف الأوكراني بدبابات ثقيلة، ألمانية وأمريكية، وبصواريخ بعيدة المدى قادرة على الوصول إلى داخل العمق الروسي، وهذا في حال حصوله يعني تصعيدا خطيرا للصراع، والعمل على حشر روسيا في دائرة الحرب التقليدية الدائرة حاليا بينها وبين أوكرانيا المدعومة بسخاء غير مسبوق من جانب حلف الناتو.
عند الحديث عن هذا الوضع على المراقبين والمتتبعين لتطور الصراع الحالي أو التوجه نحو تزويد الجانب الأوكراني بأسلحة ذات نوعية جديدة ومدى أطول، وخاصة مع حديث أوكرانيا على أنها تخطط لمهاجمة و«استرجاع» شبه جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 20114، وهذا بحد ذاته موضوع شائك سياسيا، على هؤلاء المتابعين والمراقبين ألا ينسوا أن العقيدة النووية الروسية تحدد عدة شروط لاستخدام روسيا هذا السلاح، منها على سبيل المثال «تعرض الاتحاد الروسي لعدوان خارجي، من خلال أسلحة تقليدية، يجعل وجود الدولة ذاتها مهددا»، إلى جانب شروط أخرى قد توفرها الإمدادات الغربية من الأسلحة الجديدة.
من المؤكد أن القادة الروس والأمريكان وبعض الأوروبيين (فرنسا وبريطانيا) ممن تقع تحت أياديهم الأزرار النووية لن يكونوا بهذه السذاجة بحيث ينقادون بهذه السرعة نحو ما يمكن وصفه بالاستفزازات العسكرية أو السياسية، فروسيا على سبيل المثال لديها ما يكفي من الأسلحة التقليدية لمواجهة كل أصناف هذه الأسلحة التي تصل إلى أوكرانيا، لكن الأمر لا يتعلق بالنطاق الجغرافي الحالي للمعارك، وإنما الحديث يدور حول ما إذا حاول الطرف الأوكراني أن يستخدم الأسلحة الجديدة ضد المدن والمنشآت الحيوية الروسية، فهذا ربما، وهو الأقرب، أن تعتبره روسيا من الخطوط الحمراء جدا والتي لا يمكن وقف تجاوزها إلا من خلال تفعيل العقيدة النووية، وهنا مكمن الخطورة، ذلك أن مثل هذا التفعيل يعني دمار البشرية، لأنه باختصار لن يكون هناك منتصر في أي مواجهة من هذا النوع.
MENAFN28012023000055011008ID1105489994
إخلاء المسؤولية القانونية: تعمل شركة "شبكة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للخدمات المالية" على توفير المعلومات "كما هي" دون أي تعهدات أو ضمانات... سواء صريحة أو ضمنية.إذ أن هذا يعد إخلاء لمسؤوليتنا من ممارسات الخصوصية أو المحتوى الخاص بالمواقع المرفقة ضمن شبكتنا بما يشمل الصور ومقاطع الفيديو. لأية استفسارات تتعلق باستخدام وإعادة استخدام مصدر المعلومات هذه يرجى التواصل مع مزود المقال المذكور أعلاه.