An Emerging Economic Model in the Gulf Transforms the Pursuit of Peace in the Middle East | سنديكيشن بيورو


(MENAFN- Syndication Bureau) AFP photo: Yasser Al-Zayyat

يعكس تغيير الطلب العالمي على الطاقة الحاجة الماسة لتنويع الانشطة الاقتصادية خاصة لدول الخليج. وعليه، عندما التقى ولي عهد الكويت الشيخ مشعل الأحمد بنظيره السعودي، ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في الرياض في الأول من حزيران (يونيو)، كان من المرجح أن كلاهما ناقش خطط بعضهما البعض لتقليل اعتماد دولتيهما على النفط. و بعد اختتام الاجتماع بينهما، أشار سفير الكويت في الرياض إلى أن دول الخليج تدرك أن النفط مورد لا بد أن ينفد، أو تنخفض قيمته، حيث ستصبح الاستدامة هي المعيار العالمي، وأن على المنطقة الاستعداد للعيش من دونه. و ربما أنه أضاف أن هذه ضرورة وجودية ستغير ملامح المنطقة، ليس على الصعيد الاقتصادي فحسب، بل وايضاً في البحث عن سبل السلام.

ومن الواضح أن بعض الخطط الطموحة لعصر ما بعد النفط في طور التنفيذ.حيث يتضمن جزء من مشروع الكويت 2035 مركزًا جديدًا للتجارة الحرة في الطرف الشمالي من الخليج ، يُطلق عليه مسمى مدينة الحرير تذكيراً بماضي المنطقة كمركز حيوي على طريق الحرير الأسطوري. وفي نفس الوقت تمتلك المملكة العربية السعودية رؤيتها لعام 2030 ، المصممة لتحويل شمال غرب البلاد إلى مركز تجاري وسياحي ضخم يضم مدينة جديدة بالكامل تسمى نيوم.

و كلا الخطتين، رغم عدم تطابقهما مع التحول الجاري بالفعل في دبي وأبو ظبي ، إلا أنهما مستوحيان من المدن الإماراتية. وقد نمت الصادرات غير النفطية لدولة الإمارات العربية المتحدة بشكل مُطّرد خلال العقد الماضي. وفي عام 2019 ، بلغت الصادرات الإماراتية قرابة 400 مليار دولار ، منها 82 مليار دولار من نشاط لا علاقة له بسوق الطاقة. وفي الأشهر التسعة الأولى من عام 2020 وحده ، نمت الصادرات غير النفطية لدولة الإمارات إلى 125 مليار دولار.

و تُشير التقديرات إلى أن توقيع اتفاقيات إبراهيم مع إسرائيل العام الماضي قد افضى إلى زيادة قدرها 44 مليار دولار في الصادرات الإماراتية (و سيكون من المفيد الاطلاع على بيانات الصادرات الإماراتية للعام بأكمله). وهذه افضل حجة لمناصرة فرضية أن السلام يمهد الطريق للإزدهار التجاري، وقد أدى تجاوز مرحلة الخلاف والانقسام بين البلدين لفتح الباب على مصرعيه لفرص لا حصر لها.

وكحدث لم يشهد له التاريخ مثيلاً، وخاصة فيما يتعلق بالعالم العربي، هناك عدد قليل من الأمثلة ذات الصلة مثل مدينة بغداد قبل ألف عام. حيث تأسست المدينة في عام 762، وكانت تٌعرف باسم مدينة السلام. وقد تكلم أبو العباس اليعقوبي ، وهو الجغرافي العباسي في القرن التاسع ، حول كيف أن مدينة بغداد الواقعة عند التقاء نهرين كبيرين جلبت البضائع من جميع أنحاء العالم. وكان يسكنها شعوب من جميع البلدان البعيدة والقريبة، وقد زعم اليعقوبي أن تلك الشعوب قد فضلت العيش في بغداد على العيش في أوطانهم. وكان هذا التنوع هو الذي سمح لبغداد بالازدهار وأكسبها وصف اليعقوبي لها بأنها “مدينة عظيمة لا مثيل لها في الشرق والغرب ، سواء في اتساعها أوهندستها المعمارية”.

ويمكن أن يسري وصف اليعقوبي لبغداد في تلك الحِقبة على المدن الإماراتية اليوم. حيث أصبحت أبو ظبي ودبي على وجه الخصوص مراكز ومدن تجارية عالمية، يعيش ويعمل بها ملايين المهاجرين. و تستحق أبوظبي ودبي اليوم لقب “مدن السلام”

 كما كان يُطلق على بغداد في القرن التاسع.

وقد أدرك الحكام الإمبرياليون الإسلاميون ، مثل العثمانيين في تركيا ، أهمية السلام لضمان نجاح التجارة. وكذلك فعل رجب طيب أردوغان في السنوات الأولى من رئاسته. من خلال سياسته المتمثلة في “تجنب خلق مشاكل مع الجيران” و تمتع الاقتصاد التركي بنمو قوي. لكن عندما بدأ أردوغان يفقد الدعم من الداخل، استعان بالسياسة الخارجية لتشتيت الانتباه. مما خلق الكثير من المشاكل مع العديد من الاطراف وبناء عليه دخل الاقتصاد في حالة تدهور حاد.

فهل لنا تخيل الفوائد التي كان يمكن جنيها لو لم تعد هذه المنطقة مركز للصراع الذي استمر على مدى المائة عام الماضية. هل يمكن تخيل كمية الفرص العظيمة التي كانت في متناول جميع دول الخليج، و أيضًا تلك التي لا تملك مخزون نفطي؟ و يكمن أكبر عائق لمثل هذا الوضع ، للأسف الشديد ، أولاً في الخارجين عن الصف في دولة مثل إيران ، الذين لم يدركوا بعد الفائدة المتضائلة لمخزونهم من الهيدروكربونات ، لكنهم في الواقع يُمولون الصراع من اموال النفط. وفي الجانب الأخر هناك أولئك الذين يُعتبر تغذية العداء الداخلي لهم من خلال الحروب الأهلية هو جوهر نظامهم الوجودي

وتعكس دول الخليج من المملكة العربية السعودية إلى الكويت إلى الإمارات العربية المتحدة نموذجًا اقتصاديًا جديدًا – نموذج قابل للتكرار من قبل الجميع – بخلاف النموذج القائم على عضوية أوبك. والسلام هو ما تحتاجه هذه الدول ليزدهر اقتصادها ويشكل زخماً في الشرق الأوسط. وفي الواقع ، إذا كان للمرء أن يحلل بعناية جميع المبادرات الدبلوماسية في الخليج في السنوات الأخيرة ، فيمكن إستنتاج أنها تقوم على السعي لتحقيق السلام كمحرك للنمو الاقتصادي. (وبالطبع ، لا ينبغي للمرء أن يكون ساذجًا لدرجة أن يتوقع أن يأتي السلام من غناء كومبايا حول نار المخيم ؛ ففي بعض الأحيان ، للحصول على السلام يجب أن نُهدد ، أو حتى نُقاتل).

وقد افتخر العرب بقدراتهم التجارية على مر العصور. فالتجارة في حمضهم النووي. وكانت موجودة في صدر الإسلام. على عكس ما يُروجه الإسلاميون، فلم يكن النبي محمد محاربًا مهووسًا بالصراع. بل كان في الواقع من قبيلة تجارية ، وتزوج أرملة تاجر، وتولى إدارة شؤونها التجارية.

وقبل ظهور النفط بزمن طويل، ازدهرت الحضارة العربية بفضل قدرة العرب على ممارسة التجارة مع الجميع . ومع مزيد من السلام ، يمكن أن يحدث ذلك الازدهار مرة أخرى في جميع أنحاء الشرق الأوسط. والذي سيعيد تقديم الشرق الأوسط للعالم.

 

حسين عبد الحسين هو مدير مكتب صحيفة الرأي الكويتية اليومية في واشنطن وزميل زائر سابق في تشاتام هاوس في لندن.

MENAFN29082021006092013261ID1102698176


Legal Disclaimer:
MENAFN provides the information “as is” without warranty of any kind. We do not accept any responsibility or liability for the accuracy, content, images, videos, licenses, completeness, legality, or reliability of the information contained in this article. If you have any complaints or copyright issues related to this article, kindly contact the provider above.